مواضيع اليوم

صمتنا يقتلهم.

محمد مغوتي

2011-07-29 19:58:49

0

    خرج السوريون في جمعة جديدة من أيام الغضب، واختاروا أن يتوجهوا هذه المرة إلى أكثر من طرف في رسالة تحمل دلالة خاصة، حددوا لها عنوان:" صمتكم يقتلنا ".
    اختار السوريون إذن أن ينددوا بهذا الصمت الذي يلف قضيتهم من كل جانب. فما يحدث في سوريا منذ عدة أشهر لم يعد يحتمل مزيدا من الصمت أو اللامبالاة. لذلك نقرأ في شعار هذه الجمعة نداء استغاثة من أحرار سوريا المغلوب على أمرهم إلى كل أحرار العالم في كل مكان. لكنه قبل كل شيء نداء للتاريخ. فالممارسات القمعية للنظام السوري تجاوزت كل الحدود و الأعراف. و في كل يوم تنضم مزيد من الأرقام إلى قوافل الموت الطويلة التي تخلفها همجية البعث الحاكم. و رغم كل المعاناة التي يمر بها أبناء سوريا الذين اختاروا طريق الحرية و رفضوا الظلم و الطغيان و واجهوا آلة الأسد العسكرية بصدور عارية و بحناجر تملأ الفضاء صراخا و تحديا، فإن المجتمع الدولي مازال بعيدا عن ما يجري، وكأن الأمر لا يهمه من قريب أو بعيد. لذلك فإن صرخة: صمتكم يقتلنا، موجهة للرأي العام الدولي الذي عليه أن يتحرك من أجل الضغط على حكوماته لكشف ما يجري في سوريا و إيقاف هذا النزيف. إذ يبدو أن هذا النظام القاتل قد فقد كل أشكال اللباقة اللازمة في إدارة مثل هذا النوع من الأزمات. و لابد أن صمت المجتمع الدولي و خصوصا صانعي القرار السياسي في العالم قد شجع آلة القمع البعثية في الإمعان بعيدا في فن قتل الأبرياء في كل شارع من شوارع ربيع الثورة الشامية. لذلك فإن واجب الاستجابة لنداء أحرار سوريا أصبح أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى. و على كل شخص في أي مكان من هذا العالم أن يدرك أن ما يجري في الأراضي السورية من مجازر يومية سيظل وصمة عار على جبين الإنسانية التي ينبغي أن تتحرر من هذا الصمت الطويل.
   ( صمتكم يقتلنا) هو أيضا تنديد بكل سوري لم يدرك بعد أنه بسكوته و خنوعه و خوفه، يعتبر متواطئا مع القتلة ضد أبناء شعبه. صحيح أن الثورة لا يصنعها الجميع، لكن من المعيب جدا أن يسقط كل يوم شهداء قدموا حياتهم من أجل مستقبل أفضل لبلدهم، بينما لا يحرك ذلك المشهد عند البعض أي شعور بالذنب أو بالتضامن، بل إن الكثيرين يكذبون ما يرونه بأعينهم و يتبادر إلى مسامعهم في كل يوم، ويختارون أن يصدقوا رواية الإعلام الرسمي الذي سخر كل إمكانياته لشيطنة الثوار و تقديمهم في صورة أعداء الله و الوطن... صرخة هذه الجمعة تفيد بأن ما يموت من أجله هؤلاء الأحرار هو سوريا أولا و أخيرا. و من تم فإن كل مواطن من أبناء هذا البلد معني بما يحدث، وليس من حق أي أحد أن يلتزم الصمت في أمر بهذه الجلالة و الخطورة. لكن أكثر المعنيين ب"صمتكم يقتلنا" هم أولئك الذين يصنفون في خانة النخبة المثقفة، أولئك الذين من المفترض أن يوجهوا بوصلة الثورة، لكن يبدو أن معظمهم قد ابتلعوا ألسنتهم، و في أحسن الأحوال كان خروج بعضهم محتشما و لا يعبر عن موقف ثابت و واضح. هذه النخبة المثقفة التي توجد في مأزق حقيقي، مازالت تتعامل مع الوضع القائم بلازمة: " الصمت حكمة ". لكن هذه المرحلة تقتضي الوضوح في المواقف و السلوكات، و كل الصامتين سيخسرون الكثير غدا، وسيسجل التاريخ أنهم خذلوا الثورة و اختاروا السكوت. و الساكت عن الحق شيطان أخرس.
   لقد بلغ الحراك الشعبي في سوريا مستوى يصعب احتواؤه، و تمادي النظام في ممارساته القمعية لن يضع حدا للغضب العارم الذي يجتاح مختلف مناطق البلاد. لكن استغاثة هذه الجمعة توجه رسالة للجميع مفادها أن كل أحرار العالم معنيون بما يجري في سوريا، و لابد من تكسير جدار الصمت، تماما مثلما استطاع ربيع الثورات في المنطقة العربية أن يكسر جبروت الأنظمة المستبدة.
        محمد مغوتي.29/07/2011.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !