قال النبي r: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» رواه البخاري ومسلم. والمضغة القطعة من اللحم وسمي القلب بها لصغره. وفيه دليل على أن صلاح الجوارح وفسادها بحسب ما في القلب، فإن كان القلب سليمًا صلحت حركات الجوارح ونشأ عن ذلك فعل الطاعات واجتناب المحرمات وإن كان فاسدًا فسدت حركات الجوارح وانبعثت إلى المعاصي بحسب اتباع هوى القلب. فالقلب ملك الأعضاء وبقية الأعضاء جنود له مطيعون ما يأمرهم به من خير أو شر فإن كان صالحا كانت جنوده صالحة, وإن كان فاسدًا كانت جنوده فاسدة.
فلا صلاح للقلب حتى يستقر فيه معرفة الله وعظمته ومحبته وخشيته ومهابته ورجاؤه والتوكل عليه وقد قال الله تعالى}يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{ [الشعراء 88-89]، والقلب السليم هو الذي سلم من كل شبهة تعارض الحق ومن كل شهوة محرمة. وسلم من الشرك والشك والنفاق والحسد والحقد. وعلى كل حال فالمعاصي كلها تمرض القلوب وتميتها, وذكر الله وطاعته تحيي القلوب كما قال تعالى }أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{ [الرعد: 28]. وقال الشاعر:
رأيت الذنوب تميت القلوب
وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب
وخير لنفسك عصيانها
نسأل الله العظيم أن يصلح فساد قلوبنا، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، ويا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك وطاعة رسولك. }رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ{. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التعليقات (0)