إنه إعجاز في إنجاز صفقة وفاء الأحرار، في تأكيد على ما ذهب إليه دولة رئيس الوزراء إسماعيل هنية بأنه يوم من أيام الله، فلولا توفيق الله ثم تصميم المجاهدين ما نجحت الصفقة، فما هي مراحل تلك الإعجاز...؟
أولاً: المزاوجة بين الحكم والمقاومة
في ظل نظام عالمي أحادي القطبية تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الاستراتيجي لإسرائيل، ونظام إقليمي عربي ضعيف، حققت حركة حماس فوزاً ساحقاً في الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير/2006م، لتعلن جهراً بأنها تتبنى خيار المزاوجة بين العمل المسلح ضد إسرائيل وبين ممارسة الحكم، وكان هذا من وجهة نظر بعض المراقبين بأنه مراهقة سياسية، ولكن الإعجاز الأول هو نجاح الحركة الإسلامية بذلك، فبعد ثلاث شهور فقط من أداء حكومة حماس اليمين الدستوري، جاءت عملية الوهم المتبدد.
ثانياً: عملية الوهم المتبدد.
الإعجاز الثاني يتمثل في العملية ذاتها من حيث التخطيط والتنفيذ، فعلى عكس المتوقع إسرائيلياً بأن أي عمل مقاوم سيأتي من فوق الأرض، ولكن المقاومة حفرت نفقاً طويلاً ومن خلاله زحف المجاهدون السبع لينقضوا على الجنود الإسرائيليين من الخلف، فيقتلوا جنديين ويخطفوا ثالث، على الرغم من التحذيرات الأمنية الصهيونية لقواتهم المنتشرة على الحدود مع غزة، والتي دفعت قادة جهاز الشباك الإسرائيلي بأن يعترفوا بإخفاقهم في إفشال عملية الوهم المتبدد، بعد أن زعموا في إعلامهم بأنهم قاموا بعملية خاطفة في جنوب القطاع اعتقلوا بموجبها مصطفى معمر وشقيقه، وحسب الشاباك فإن مصطفى معمر هو أحد أفراد الخلية التي ستنفذ عملية الوهم المتبدد، وفيما لو صحت رواية الشاباك والتي أذاعها الإعلام العبري، فإن مخاطر تنفيذ العملية ستكون كبيرة، وهنا المعجزة الثانية، وتتمثل في إصرار المقاومة على التنفيذ، ونجحوا خلال ثمانية وعشرون دقيقة من تنفيذ العملية والعودة بالجندي الإسرائيلي شاليط.
ثالثاً: عملية إخفاء الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط
المعجزة الثالثة تتمثل في أضخم انجاز أمني لحركات المقاومة في التاريخ المعاصر، فأن تحتجز جندي في مساحة 365 كم2، وتستطيع الهروب من أعين ثلاث أجهزة مخابرات صهيونية هي الموساد والشاباك وأمان، بالإضافة إلى مساهمة عدة أجهزة استخبارات دولية، فإن ذلك معجزة، ولكن تلك المعجزة مستمدة من صمود وصبر الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والذي رفض العروض الصهيونية لتقديم معلومات حول مكان شاليط مقابل مكافأة تصل قيمتها عشرة ملايين دولار، على الرغم من الحصار والفقر، ولكن النجاح في الانجاز أزال عتمة الحصار ليرى النور مرسوماً على وجوه المحررين وذويهم.
رابعاً: المفاوضات بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية
الإعجاز الرابع يتمثل في عملية التفاوض وشخوص المفاوضين، بحيث اتسمت العملية التفاوضية على مرتكزين هامين:
الأول: ورقة القوة التي يمتلكها المفاوض الفلسطيني ومتمثل في الجندي جلعاد شاليط.
الثاني: طول نفس المفاوض الفلسطيني ودرايته بالعقلية الأمنية الصهيونية، فأنجز ما تمنى.
خامساً: عملية التسليم والتسلم
أكثر من ثلاثين سيارة من نفس اللون والنوع، دخلت معبر رفح في عملية أمنية معقدة، ومناورة عسكرية تؤكد على قدرة المقاوم الفلسطيني في خداع التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، فتمت عملية تسليم الجندي شاليط بدون أدنى معلومة أمنية قد يستفيد منها هذا العدو الماكر، وفعلاً نجحت العملية وتم تسليم شاليط حسب الاتفاق لقادة جهاز المخابرات المصرية، وتبدأ المرحلة الأولى من عملية وفاء الأحرار، وهذا أيضاً إعجاز في الانجاز يسجل لحركة حماس.
سادساً: لوحة استقبال المحررين
أما المعجزة الأخيرة وهي اللوحة الجميلة التي رسمتها الضفة الغربية وقطاع غزة في استقبالها للأبطال، بحيث رسمت رايات الفصائل الفلسطينية المتعانقة والتي تهتف جميعها بالانجاز الوطني، صورة جميلة، ورسالة سياسية للقادة بأن الوحدة الوطنية والمصالحة باتت خياراً شعبياً، وأن البيئة السياسية جاهزة لتنفيذ اتفاق المصالحة، وما على القيادة إلا بالبدء بالخطوة الأولى، وهذا إعجاز صفقة وفاء الأحرار بأنها ستكون خارطة الطريق لتحديد معالم الإستراتيجية الوطنية المقبلة، والتي تمثل المصالحة أولى ركائزها...
التعليقات (0)