ترددت كثيرا فى الكتابة عن أحوال جماعة الإخوان المسلمين
والأحداث الأخيرة التى واكبت إنتخابات مجلس شورى الجماعة فى أعقاب الأزمة المتفاقمة التى تواجه الجماعة منذ تفجرت الخلافات بين الإصلاحيين والمحافظين بالجماعة
وخروج الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من مكتب الإرشاد وإستقالة محمد حبيب من جميع مناصبه
إلا اننى آثرت الكتابة فى هذا الموضوع لما له من تأثير كبير على مصير الحياة السياسية فى مصر خلال السنوات الحاسمة القادمة ونظرا للتاثير الكبير للجماعة على الحياة فى مصر
ولعل هذه الأحداث
جعلت كثيرامن المراقبين يعتقد بأن شيئا مهما قد حدث داخل القيادة العليا للجماعة يجعل الإطاحة بأسماء كبيرة داخل صفوف الفريق الإصلاحى فى مجلس شورى الجماعة يثير كثيرا من الشكوك
ويجعلنا نجزم بأن الأمر لن يكون أقل من صفقة مشبوهةإقترحتها الحكومة على الفريق المحافظ داخل الجماعة
وانا اعتقد بان هذه الصفقة فى هذا التوقيت لا يعدو أكثر من محاولة مستميتة للحكومة لوأد فكرة الحزب السياسى للإخوان فى المهد
فالحكومة ترى بأن أفكار الفريق الإصلاحى داخل الجماعة سيأخذ الجماعة لآفاق جديدة لم ولن تستطيع الحكومة تقدير تبعاتها
فالحزب السياسى للإخوان فى هذا التوقيت سيسحب البساط من تحت أقدام الحزب الحاكم فى مصر وهو الأمر الذى لن تسمح به الحكومة المصرية وهى مقبلة على إنتخابات تشريعية وتعقبها إنتخابات رئاسية
إذا فالأمر لا يحتمل اى مخاطرة من أى نوع
وبناءا عليه
قامت الحكومة بعقد هذه الصفقة مع التيار المحافظ الذى يرى بأن مصلحة الجماعة ككيان أهم من أى إعتبارات أخرى على الأقل فى الوقت الراهن , و على الرغم من ان هذه الصفقة مع النظام يسيء لكل المنتسبين لهذه الجماعة التى عرف عنها منذ بداية تأسيسها على يد الشهيد حسن البنا بأنها هى التى تبادر بحمل راية التحرر
ولكن فريق المحافظين من الأجيال التى عاصرت فترات القهر والإضطهاد التى مورست ضد الإخوان إبان الحكم الناصرى وعلى رأسهم الدكتور محمود عزت والدكتور رشاد البيومى يرى بأن الفترة القادمة لاتحتمل أى مواجهات مع النظام
وبذلك فهم قد إرتضوا بأن يدخلوا طواعية كهوف الإختباء ولحين إشعار آخر فربمايحمل لهم القدر شيئا آخر حول مصيرالنظام الحاكم فى مصر وحينها يكون لكل مقام مقال
وأنا أرى بأن هذا الموقف من قيادات الإخوان هو ردة حقيقية وعودة للخلف بل والأكثر من ذلك العودة بعقارب الزمن لما يقرب من 50 سنة مضت .
وهم بذلك يتخلوا عن دفة القيادة لأحزاب وجماعات علمانية ترى فى هذا الموقف المخزى للإخوان بانه هدية على طبق من ذهب
ولما لا وقد حان موعد قطف الثمرة التى زرعتها جماعة الإخوان فى إنتخابات 2005 وتحريكها للمياه الراكدة فى الحياة السياسية المصرية بجعل المستحيل ممكنا بل وممكن جدا .
فالجماعة قد فقدت نصف رصيدها لدى المواطن البسيط بمعارضتها للنظام.. خاصة بعد صمتها المريب واستكانتها في مواجهة حملات الاعتقال التى تعرض لها رموزها امثال الدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح والمهندس خيرت الشاطر ثم انسحابها من الحديث حول معركة الرئاسة وتركها الساحة خاوية ..
وأثناء ذلك تم التغاضى عن قيام أحد أكبر أعداء الإخوان وهو السيناريست وحيد حامد بتصوير فيلم عن الإمام الشهيد يتعرض فيه بالنقد والتجريح والتشكيك فى أفكار الجماعة .
ولكن يظل هناك بارقة أمل
ففى تطور جديد
قدم اليوم السبت الدكتور إبراهيم الزعفرانى عضو مجلس الشورى بالجماعة بمذكرة إلى المرشد العام للإخوان محمد مهدى عاكف تتضمن المطالب الخاصة بالإصلاحيين بالبنود التى يرغبون فى تعديلها فى لائحة الجماعة ووجهة نظرهم فى المخالفات التى شابت الإنتخابات الأخيرة لمكتب الإرشاد وعدد من الأمور التنظيمية الأخرى الخاصة بالجماعة حيث ستتضمن المذكرة خارطة طريق لتوحيد الصف وإخراج الجماعة من النفق الذى دخلته
وتأتى مذكرة الزعفرانى التى تحمل وجهة نظر الإصلاحيين من جيل السبعينات فى مواجهة أفكار المحافظين الذين يرون ان مستقبل الجماعة هو فى الحفاظ عليها ككيان والإبتعاد بها عن أى مصير غامض قد يذهب بها إلى التلاشى تماما.
وأعتقد أن الأيام القادمة ستكون فارقة فى مستقبل هذه الجماعة سواء بالرضوخ لمطالب الإصلاحيين أو المضى قدما فىما خطط له المحافظون .
التعليقات (0)