بقلم احمد السيد
الجيوش والعساكر تستمد قوتها الأساسية من عزيمة وشجاعة وحكمة القائد فغالباً مايتم اختيار القائد وفق مواصفات يمتلكها تجعله مميزاً ومقبولاً لدى الحاكم أو الخليفة والسلطان ولديه القدرة على التحكم بأكبر الجيوش وقيادتها نحو النصر والخروج من المعارك بأقل الخسائر في الأرواح والمعدات فبالإضافة إلى شجاعته لابد أن يمتلك حكمة وعقل يمكنه من التغلب على أصعب الظروف وكلما انتصر بمعركة زاد حب الملك أو السلطان له وأغدق عليه الهدايا والامتيازات وقربه إليه أكثر لأنه يعتبره هو الحافظ والمدافع الأول عن سلطانه وكذلك يشتهر اسمه وصيته وتحكى شجاعاته فيعجب به الناس وبشجاعته وحكمته وسرعان ماتوضع سيرته الشخصية ومنجزاته أمام أعداءه من الحكام وبالأخص ممن يشكل مصدر خطر عليهم فيسعى هؤلاء الحكام إلى شيئين أما محاولة اغتيال هذا القائد وغالباً ماتكون فاشلة لكثرة الحماية الأمنية المحيطة به ولذكاءه ومهنيته في وضع الخطط للحفاظ على رموز الدولة , أو السعي لشراء ولائه لهم ومن خلال دس عملاءهم في بلاد هذا القائد ومحاولة التأثير على حاشيته والوصول إليه وطرح الصفقه التي تحتوي على مميزات تفوق مايمتلكها في بلاده وربما تقدم له عروض لايمتلكها ولي أمره حتى بالإضافة إلى وعده بالجواري وزواج إبنة الملك الفلاني وهلم جرا وبالتالي ينزل ذلك القائد الباحث عن المجد والسلطة عند رغبات وعروض الأعداء مقابل الكف عن محاربتهم أو تسليمهم السلطان أو الملك وتنصيبه مكانه وحدثت هذه الصفقات السرية في كثير من الحكومات الإسلامية والخلافات إلى يومنا هذا فكان ومايؤسف له أن بعض القادة الإسلامية يأخذهم العجب وينحرفوا عن جادة الصواب فيسلكوا طريق الخيانة أو لربما بسبب فساد السلطان أو الخليفة وعدم تقديره لتضحيات هذا البطل وتهميشه وتقريب من هو أدنى منه إلى البلاط يدفع هذا القائد بالتنازل عن مبادئه ولربما تكون هذه التنازلات أو مايسمى بالخيانات أو الصفقات لايعلم بها القائد بل تم الإتفاق مع حاشيته ومستشاريه فأشاروا عليه بأمر ظاهره نصرة للدين وباطنه استجابة لرغبة الأعداء فما على القائد إلا التنفيذ وبالتالي يصبح هو المقصر بنظر الأمة والسلطان ويصبح العميل بنظر أعداءه وهو لايعلم بواقع الأمور والصفقات والاتفاقات السرية وما شدني للكتابة في هذا الموضوع عندما قرأت عن حياة القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي ومعاركه ضد الفرنج وماشدني أكثر أنه يحاصر الفرنج ويكون النصر قاب قوسين أو أدنى لكنه يتردد ونتفاجأ دائماً بطلب صلاح الدين الهدنة من الفرنج لغرض إدراك صديقه العاشق نور الدين محمد الذي تزوج مغنية راقصة وترك زوجته ابنت قلج أرسلان الذي حاصره قلج فأدركه صلاح الدين وقد ذكر المرجع الصرخي تردد صلاح الدين من مواجهة الفرنج في محاضرته السادسة والعشرين من بحثه (وقَفَات مع.... تَوْحيد التَيْمِيّة الجِسْمي الأسطُوري) ..أسطورة (1): الله شَابٌّ أَمْرَد جَعْدٌ قَطَطٌ..صحَّحه تيمية!!!..أسطورة (2): تجسيم وتقليد وجهل وتشويش..أسطورة (35): الفتنة.. رأس الكفر.. قرن الشيطان!!!: الكلام في جهات: الجهة الأولى..الجهة الثانية..الجهة السابعة: الجَهمي والمجسّم هل يتّفقان؟!!..الأمر الثالث: سنطَّلع هنا على بعض ما يتعلّق بالملك الناصر السلطان الفاتح صلاح الدين الأيوبي، والكلام في موارد: المورد1..المورد2.. المورد26: بعد أن تبين لنا واضحا وحسبابن الأثير أن صلاح الدين كان يتحاشى جداً الأحتكاك بالفِرِنج وكان يسارع بعقد صلح وتحالف معهم أينما حصل بل أنه قد أخّر تحرير القدس والمقدسات والأراضي الإسلامية لستة عشر عامًا من سنة(567هـ) عندما خذل الزنكي وترك معركة التحرير وكان التحرير مؤكداً قاب قوسين أو أدنى، وبقي الحال إلى سنة(583هـ)، حتى اضطر صلاح الدين لمواجهة الفرنج بعد أن بادر الفرنج بالتعرض له ولمملكاته وقطع الطريق بين مصر والشام والتهديد المباشر لسلطانه، وبعد أن صار الضغط المجتمعي والديني لا يمكن مواجهته أو السكوت عليه حيث صار الناس يلعنون صلاح الدين ويتهمونه بأنَّه تَرَكِ قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَأَقْبَلَ على قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ، وقد ساعده في معاركه والانتصار فيها وفتح البلدان انشقاق الفرنج وتعاون وتحالف الْقُمُّصُ وقادته مع صلاح الدين ضد الفرنج، وممن أشار ألى هذا المعنى ابن الأثير في الكامل10/(22): [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(583هـ)]: قال(ابن الاثير):[ذِكْرُ فَتْحِ صَلَاحِ الدِّينِ طَبَرِيَّةَ]:1ـ لَمَّا اجْتَمَعَ الْفِرِنْجُ وَسَارُوا إِلَى صَفُّورِيَّةَ، جَمَعَ صَلَاحُ الدِّينِ أُمَرَاءَهُ وَوُزَرَاءَهُ، وَاسْتَشَارَهُمْ،2ـ فَأَشَارَ أَكْثَرُهُمْ عَلَيْهِ بِتَرْكِ اللِّقَاءِ وَأَنْ يُضْعِفَ الْفِرِنْجَ بِشَنِّ الْغَارَاتِ، وَإِخْرَابِ الْوِلَايَاتِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.3- فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أُمَرَائِهِ: الرَّأْيُ عِنْدِي أَنَّنَا نَجُوسُ بِلَادَهُمْ، وَنَنْهَبُ، وَنُخَرِّبُ، وَنُحَرِّقُ، وَنَسْبِي، فَإِنْ وَقَفَ أَحَدٌ مِنَ الْعَسْكَرِ الْفِرِنْجِ بَيْنَ أَيْدِينَا لَقِينَاهُ، فَإِنَّ النَّاسَ بِالْمَشْرِقِ يَلْعَنُونَنَا وَيَقُولُونَ تَرَكَ قِتَالَ الْكُفَّارِ، وَأَقْبَلَ يُرِيدُ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ، الرَّأْيُ أَنْ نَفْعَلَ فِعْلًا نُعْذَرُ فِيهِ وَنَكُفُّ الْأَلْسِنَةَ عَنَّا.4- فَقَالَ صَلَاحُ الدِّينِ: الرَّأْيُ عِنْدِي أَنْ نَلْقَى بِجَمْعِ الْمُسْلِمِينَ جَمْعَ الْكُفَّارِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ نُفَرِّقَ هَذَا الْجَمْعَ إِلَّا بَعْدَ الْجِدِّ بِالْجِهَادِ.....}} وعلى هذا الأساس فإن كل مايقوم به القادة أو جله هو بإيحاءات وآراء شخصيات وهمية مجهولة الولاء تقف وراء هؤلاء القادة هدفها النيل من الوحدة الإسلامية واضعاف قوة وسطوة الجيوش الإسلامية والشاهد على ذلك عندما طلب الأمير المرسل من قبل قلج أرسلان من صلاح الدين أن يلتقي به لكلام له شخصياً فحصل اللقاء فقال الأمير المرسل للأيوبي كلاماً مؤثراً استنهض فيه الحمية مماجعل الأيوبي يعدل عن محاربته لأرسلان قلج ووجه إلى نور الدين محمد أن يهجر تلك المغنية وبخلافه سيكون صلاح الدين ضده هذا واضح أن هناك لوبي يقف وراء الأيوبي هو الذي نصحه بالانسحاب ومهادنة الفرنج وهو الذي أشار عليه بالتوجه لنصرة نور الدين وهو ذاته الذي دعاه إلى فك الحصار عن الفرنج ثانية وتوجه إلى الموصل وهؤلاء الحاشية هم من أخروا فتح القدس لمدة ست عشر سنة من الحروب استغفلوا هذا القائد ومرروا مخططاتهم الخبيثة ونجحت صفقاتهم السرية مع الفرنج فكان العرض من الفرنج والقبول من هؤلاء الحواشي والأداة القادة والسلاطين وبالتالي الخاسر الأعظم والوحيد هو الشعب المسلم الذي ترك بيعة أهل الحق واجمع على بيعة من لاتليق به القيادة . فأي قيادة وأي حنكة تلك التي يتبجح بها القادة ويفتخر بها أسلافهم وهم عبارة عن أدوات (بلي ستيشن ) يحركهم الحواشي الدواعش التكفيريين التيمية وأمثالهم وأسلافهم أينما شاءوا مهما سجلوا من انتصارات على الأعداء فإن التأريخ سيسجل انهزامهم وضعف إرادتهم أمام النزوات والرغبات الشخصية وأمام المستشارين العملاء الخونة والقلق على مستقبل أمتنا لأن أمثال هؤلاء القادة وحواشيهم وعاقدي الصفقات معهم لازالوا متربعين على زعامات الدول الإسلامية فلا خلاص ولا نصر ولا انتصار للإسلام إلا بالاحتكام إلى العقل واختيار الأنسب بتجريد العاطفة والميول الشخصية والعاطفية ولنكن دعاة سلام ووحدة ولنرسم طريقنا بيد إسلامية بيضاء خالصة ولنصحح أخطاء أسلافنا ونقتدي بالمفكرين المسلمين ونعمل بنصائحهم ونسمع لهم وعلى رأسهم المرجع الصرخي الذي كشف الكثير من المغالطات والتحريف والتدليس التأريخي وانتصر للحق وأهل الحق من خلال محاضراته التأريخية العقائدية من بحث (وقفات مع ....توحيد التيمية الجسمي الأسطوري).
https://www.mrkzgulf.com/do.php?img=514487
رابط المحاضرة (26):
https://www.youtube.com/watch?v=u302MCshuc0
التعليقات (2)
1 - العراق _ بعقوبة
خولة الاسدي - 2017-03-20 08:29:24
إنتهج المرجع الصرخي الأسلوب المنهجي الواضح السلس في طبيعة نقاشاته الفكرية مع المارقين والتكفيريين، وأوّل ما يتم النقاش فيه هو المنهج الفكري ومن ثم يناقش طبيعة هذا الفكر وتفاصيلة فيكشف للمقابل الحقائق التي غفل عنها الآخرون كاشفا لهم ان القضايا الفكرية لا ترتبط بالقضايا الشخصية، ويدعو ويسلّم بالحرية الكاملة لكل الناس في طرح ما يعتقدونه دون الّلجوء الى السبّ والشّتم او الّلعن مما قد يفقد الحوار والنقاش والطرح العلمي الثمرة والنتيجة المرجوّة التي قام الحوار من أجلها
2 - النجف
السيد علاء الاعرجي - 2017-03-20 08:33:33
المرجع الصرخي تميز بالعلميه والمحاظرات العقائدية التاريخية والاعتدال والوسطية التي اصبحت مفهوما ودلالة واضحة على العمق الفكري الصحيح المستند على المنهج الاسلامي المحمدي الذي اتخذه سماحته في دراسة الوقائع التاريخية والعقائدية وتشخيص الافكار المنحرفه الضاله المتطرفه التكفيريه المتمثلة بالافكار والفتاوى التيمية الداعشيه