صـورة المـرأة فـي التلفزيـون: واقـع وأفـاق
عبـد الفتـاح الفاتحـي
دعا المشاركون إلى تجاوز الصور النمطية في التلفزيون العمومي، مؤكدين أن عددا من الصور في الإشهار والدراما التلفزيونية تصر على تقديم المرأة في نودمجة تقليدية تجوزت، وذكر المشاركون في المائدة المستديرة "صورة المرأة في التلفزيون: واقع وأفاق التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق المشاهـد بنتائج الدراسة التي أقامتها وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، والتي خلصت إلى أن 85 من حجم الصور الإعلامية للمرأة في مضامين وسائل الإعلام العموميـة هي صور سلبية ونمطية.
وأكد رئيس الجمعية المغربية لحقوق المشاهد في كلمة تقديمية للمائدة المستديرة المنظمة بمناسبة تخليد الجمعية لليوم العالمي للمرأة 8 مارس أن المرأة المغربية خلال العقد الأخير حققت مكتسبات جد هامة، أهلتها لأن تصبح شريكا أساسيا ومحوريا في تحقيق أهداف التنمية ومساهما في تطور المجتمع، حيث شكلت مدونة الأسرة وقانون الجنسية وتجريم التحرش الجنسي إلى جانب تفعيل مقاربة النوع في كل البرامج والمشاريع التنموية تراكمات ايجابية ساهمت في اتخاذ المغرب لقرار رفع التحفظات على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
معلنا أنه رغم هذه الترسانة القانونية فإن الإعلام المرئي يظل مقصرا في متابعة هذه التطورات ويعكس في كثير من الأحيان النظرة الدونية للنساء عبر الصور النمطية التي تشيئ المرأة وتسوقها كجسد بإيحاءات تقليدية وعصرية تتناغم مع طبيعة المنتوجات الاستهلاكية التي تروج لها الوصلات الاشهارية والدعايات التجارية، وفي نفس السياق سارت الانتاجات الدرامية لصور المرأة ككائن مغلوب على أمره تنحصر أدواره في تدبير الشؤون المنزلية والقضايا اليومية للأسرة.
وانصبت جل المداخلات على غاية أساسية هي الوقوف على مظاهر الصور السلبية التي يكرسها التلفزيون المغربي تجاه المرأة، وإتاحة الفرص لفعاليات إعلامية وسياسية مدنية للخوض في نقاش يروم ترسيخ ثقافة المساواة بين الجنسين، وإدماج مقاربة النوع في الانتاجات والبرامج التلفزيونية بما يضمن مواكبة الإعلام المرئي للأدوار الطلائعية التي تضطلع بها النساء على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كفاعلات أساسيات في حراك المجتمع المغربي نحو تثبيت قواعد الديموقراطية.
وأشارت المشاركات في هذه المائدة التي شاركت فيها عدة وجوه تنتمي لعالم الإعلام المرئي والصحافة والسياسة وجمعيات المجتمع المدني أن صورة المرأة في الإعلام المرئي العمومي تشكلها قوة ثقافية للمجتمع المغربي، هي التي تحدد معالم صور المرأة كما هي في الذهنية المغربية، وفي عقل الرجل، معتبرين أن تصحيح هذه الصورة والرؤية النمطية يستدعي الشروع المكثفة عن طريق وسائل الإعلام في تطوير البنية الثقافية للمجتمع.
وطالبت المشاركات في المائدة المستديرة من النسوة الصحفيات القيام بدورهن في تعزيز الصور الإيجابية للمرأة المغربية في موادهن الإعلامية، ويساهمن بعقلهن وفكرهن في إعداد برامج مفيدة في مختلف المجالات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة، على أن لا تقبل بأن تبتذل المرأة وتستخدم كأداة ترويج ودعاية لكل فن رخيص، بحسب ما يفرضه توجه العولمة المادي الذي يستهدف المرأة كعنصر استهلاكي ومادة إعلانية جذابة وكقوة عمل رخيصة. مسجلين بأسف في الوقت ذاته انصياع عدد من الصحفيات للترويج لبعض الصور النمطية، التي تكرس دونية المرأة.
وأكدت المشاركات على أن البرامج والمسلسلات والأفلام التي تعرض في كثير منها تشوه صورة المرأة، وتسخـف الدور الذي تلعبه مجتمعياً، وتكرس حالة وصورة المرأة الجاهلة الخاضعة لزوجها المستسلمة لقدرها، متجاهلة بذلك الدور الإيجابي الذي تقوم به المرأة في تنمية المجتمع، مستدلين بأمثلة لصور أغلبها تعكس صورة المرأة (ربة منزل، المرأة المستهلكة، المرأة الجانية والقاتلة، المرأة الجاهلة والتابعة لسلطة الرجل...) ومسجلين أن نسبة قليلة من هذه الصور تطابق واقع المرأة في الحياة المعاشة.
وأوضحت تدخلات المشاركات كذلك أن الإعلام المرئي العمومي المغربي ينحاز للأسر الغنية والشرائح العليا من الطبقة الوسطى من سكان المدن ولا يعطي نساء القرى والبوادي ما تستحقه قضاياهن من اهتمام، كما يتم التركيز على المرأة الشابة سن (20 - 40) أو سن الخصوبة، وهو بذلك لا يطرح قضايا المرأة برؤية متوازنة لادوار ووظائف ومسئوليات وحقوق المرأة.
التعليقات (0)