أن أوباما نزل لاحقاَ عن الشجرة واسقط السلم وقال لي : اقفز....فعل ذلك ثلاث مرات"
هكذا صرح محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية لمجلة نيوزويك الأمريكية في 25/4/2011 وابدى امتعاضه وخيبة امله من تهديد اوباما له بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية اذا واصلت جهودها لاستصدار إدانة دولية للاستيطان الإسرائيلي وهو ماحدث في اتصال هاتفي قام به الرئيس الأمريكي اوباما لمحمود عباس لمدة 55 دقيقة قبل التصويت في مجلس الامن الدولي في شباط 2011 على مشروع قرار لإدانة مواصلة الاستيطان الإسرائيلي وضغط عليه لسحب المشروع قائلاَ له من الأفضل لك ولنا ولعلاقتنا ان تسحب المشروع وقد اعلمه بقائمة العقوبات التي ستفرض على الفلسطينيين اذا جرى التصويت على المشروع ومن ضمنها عدم تصديق الكونغرس على مساعدة بقيمة 475 مليون دولار.
في البداية من المهم القول انه لولا مبادرةُ والتزام الانجيليين البريطانيين من رجال دين وسياسيين ورجال دولة خلال القرن التاسعَ عشَرَ الميلادي، ربما ما كان ممكناً تحقيقُ الحُلُم اليهودي الصهيوني بوطن قومي في فلسطين. وبدون الدعم المستمر من المسيحيين الصهاينة في أميركا والتمويل الحكومي لهم، من المشكوك فيه استطاعة دولة إسرائيل البقاء منذ عام 1948، ولا استمرار احتلالها للضفة الغربية - وغزة - منذ عام 1967 فكيف يمكن التصور أن أمريكا ممكن تبني استراتيجيتها دون وجود اسرائيل ومن الحق القول ان اسرائيل هي تبني اسس الاستراتيجية الامريكية فهل ياترى نتوقع منها ان تدين نفسها!
في العام 2004 نجم عن التأثير الإسرائيلي في السياسة الامريكية أقرار قانون في الكونغرس الأمريكي تحت عنوان مراجعة شاملة لمعاداة السامية تلتزم وزارة الخارجية الامريكية بموجبه بمراقبة ومكافحة معاداة السامية في كل أنحاء العالم وقد اقر هذا القانون بسهولة من قبل الكونغرس الأمريكي دون ان يحدد ماهية معاداة السامية بل تركه هلامياَ شبحياَ ينطبق على كل شيء وهو ماسيخل بالتوازن في النزاع العربي الإسرائيلي والسياسة الامريكية حيال كل منطقة الشرق الاوسط فهل كان ممكناَ ان يصدر قرار واحد لصالح القضية الفلسطينية من قبل الكونغرس الأمريكي؟.
لقد حاولت أدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر خلال فترة قصيرة تحديد مصطلحات مناقشة النزاع العربي الإسرائيلي ولكنها حسمت المسألة في النهاية لصالح استمرار سياسة "الخطوة خطوة"واستمرت السياسات الامريكية الجمهورية والديمقراطية على هذا النحو وكانت النتيجة كما وصفها "وليام كنتWilliam Kent " بأنها " تقييم مفرط للعلاقة الاستراتيجية مع اسرائيل وانخفاض مستوى الاستثمار في صنع السلام ويظهر واضحاَ فشل كامب ديفيد واوسلوا، ان التسوية الشاملة هي مفتاح النجاح ولايجب استثناء احد في سياسة الخطوة خطوة كما يقول "وليام كنت" التي مكنت اسرائيل والولايات المتحدة من التحكم بالعملية ونتيجة لذلك صادرت اسرائيل المزيد من الأراضي وبنت المزيد من المستوطنات واحتفظت باحتلالها العسكري على الأراضي المحتلة كما حالت دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة لان الاستراتيجية الاسرائيلة تجاه أمريكا خصوصاَ بعد ذريعة 11 ايلول 2001 هي "ان اعدائي هم اعداؤكم".
في الوقت الذي تشهد اسرائيل مايطلق عليه الإسرائيليون للتضخيم "تسونامي سبتمبر"والذي يعني اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في سبتمبر /أيلول 2011 نقلت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بتاريخ 22 ابريل 2011 تصريحاَ لمصدر حكومي حول التداعيات المباشرة لاعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية بأنهم سوف يتحولون من دولة محتلة الى دولة غازية (كأنما هم غير ذلك)وهذا ماسيغير نظرة العالم اتجاههم،ان يتجند العالم للضغط عليهم لإقامة أول مطار دولي للدولة الفلسطينية في الضفة الغربية ،حيث من المرجح ان يصوت لصالح قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية 180 دولة من أصل 192 دولة مجمل أعضاء الجمعية العمومية في حين سترفض القرار ست دول وستمتنع عن التصويت ست دول لكن السؤال ماذا أن حدث اتصال شبيه باتصال "القفز من الشجرة" ويبدو هذه المرة ليس من دون سلم وحسب أنما سيكون السقوط على الأشواك...
لقد كشفت مؤسسة "يش دينYesh-Din "المناهضة للاستيطان عن قرار حكومة الاحتلال حول ثلاثة مشاريع استيطانية في مستوطنات محيطة بالقدس المحتلة قبل عطلة عيد الفصح اليهودي وقد قالت المؤسسة في بيانها الاخير "ان هناك 900 وحدة استيطانية جديدة ضمن" مشروع رمات شلوموRamat Shlomo"على اراضي قريتي "شعفاطShufat "و"بيت حنيناBayt Hanina"قيد الانتهاء من التراخيص النهائية و260 وحدة اخرى ضمن مشروع جبل أبو غنيم"هار حوماة" جنوب القدس من ناحية بيت لحم"والمشروع الثالث في مستوطنة في حي رأس العامود في محيط البلدة القديمة ويضم 200 وحدة استعمارية للمليونير اليهودي "موسكوفيتش "Moskowitzان اخطر هذه المشاريع هو المشروع الذي ينفذ في منطقة رأس العامود التي تشرف على مواقع حساسة وتؤدي الى احتكاك مباشر مع الفلسطينيين كما شرعت وزارة الإسكان الإسرائيلية في التخطيط لبناء حي استيطاني جديد في مستوطنة "غفعات زئيق "فوق اراضي "بيتونيا Beituniya"شمال غرب القدس المحتلة ويتضمن المشروع بناء 800 وحدة استيطانية جديدة ونعود للحديث عن تصريح" مؤسسة يش دين" حيث يدور الحديث حول موقع مستوطنة استراتيجية للغاية ستخلق تواصلاََ جغرافياَ بين المستوطنة والقدس المحتلة بحيث تصبح جزءاَ لايتجزأ من القدس المحتلة .
كل هذه المشاريع الاستيطانية "السرطانية" مستمرة على قدم وساق ونحن ننتظر قرار يطالب بوقف الاستيطان من غير المعقول ان تقف أمريكا مع العرب وتتجاهل المصالح الإسرائيلية وهم قد وصلوا الى مرحلة تطابق المصالح منذ عام 1990وهي المرحلة التي ابتدأت بوصول مرشح الديمقراطية بيل كلينتون للبيت الأبيض، واستمراره فيها، لفترتين متتالين وتمثل هذه الفترة القمة في مستوى العلاقات بين الطرفين، حيث شهدت الفترة الأولى عودة للصيغة الثانية المعبرة عن عمق التعاون الاستراتيجي الذي أخذ مناحٍ كثيرة من تطوير للأسلحة إلى مساهمة في مشاريع غزو الفضاء، لكن بالتوازي مع إحياء الصيغة هذه التي ارتقت بالعلاقات الاستراتيجية بين الطرفين إلى مستويات غير مسبوقة، فقد ظهر مبدأ توزيع الأعباء في إدارة الأزمات إثر انتهاء الحرب الباردة، فالولايات المتحدة الأمريكية ووفقاً لهذا المبدأ لم تعد مستعدة لتحمل لوحدها أعباء وتكاليف إدارة الأزمات، وإن الشكل الذي تراه لذلك هو توزيع هذه الأعباء على ائتلاف أو تجمع من أطراف لها مصلحة في إدارة أزمة ما، وذلك لأسباب نتجت عن نهاية عصر الحرب الباردة والصراع الدولي، ومنها أيضاً إحجام الرأي العام عن تحمل مثل هذه الأعباء وضغوطه من أجل توجيه ما ينفق في الخارج على برامج في داخل بلاده، وكذلك الانقسام الذي بدأ يظهر داخل النخبة المؤثرة على القرار السياسي بالنسبة لموقفها من السياسة الخارجية وأعبائها.
وضمن هذا التوجه تلازمت مع مايسمى عملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991 فكرة البديل الاقتصادي، وهو ما يعني تحول العرب في ظل علاقات السلام إلى بديل عن الولايات المتحدة في دعم الكيان الاقتصادي لإسرائيل وصاحبت هذه الفكرة بدايات التحول الداخلي ضد المساعدات الخارجية كمبدأ عام يسري على جميع الدول المتلقية لها بما فيها إسرائيل والتفكير في الخفض التدريجي لهذه المساعدات إلى أن تتوقف في النهاية، فكانت التحركات للمشروع الشرق أوسطي والذي أفرز صيغة مؤتمر سنوي تحت أسم "مؤتمر التعاون الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقياEconomic Cooperation Conference for The Middle East and North Africa"، والذي هدف إلى تأهيل إسرائيل للدخول كشريك اقتصادي مع دول المنطقة، وهذه المرحلة شهدت فتح الحدود والمكاتب التجارية مع العديد من دول المنطقة، لتعويض إسرائيل عن المساعدات الأمريكية الكبيرة وخلق البديل الاقتصادي لها في النهاية.
وهو ما يفسر المدى الذي وصلت إليه إدارة كلينتون في تبني مواقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وتحويلها لمبادرات سياسية ضاغطة على الطرف الفلسطيني والعربي لإنهاء الصراع في المنطقة تثبيتاً لتلك الاستراتيجية.
و بعد تولي إدارة جمهورية جديدة بقيادة بوش الإبن، هناك عودة ما لصيغة التحالف الاستراتيجي على نمط تلك الصيغ التي نشأت إبان الحرب الباردة، وعلى اعتبار أن إسرائيل تشكل رصيداً استراتيجياً للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وأنها تمثل مصلحة قومية لا بالمعنى الاستراتيجي فحسب، وإنما باعتبارها رصيداً أخلاقياً ومعنوياً أيضاً. وإذا ما كان من المبكر منذ الآن تحديد ملامح شاملة للحقبة الجديدة في العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، فإن بعض المؤشرات التي أشير إليها علاوة على ما تعكسه ممارسة الإدارة الجديدة من انحياز مطلق، فقدت حتى الحيادية الشكلية التي حرصت عليها الإدارات السابقة.
بعد استعراض الجوانب التي تقوم عليها العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، من الضروري بمكان إجراء محاولة لتوضيح جملة العوامل التي تسهم في الإجابة على السؤال المركزي التالي، لماذا يبدو أن علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة تتجاوز الحواجز السياسية والأيديولوجية ولا تتبعها؟
التفسير الأداتي الذرائعي، وهو ما يتفق مع الأسس الفكرية لمذهب الرصيد الاستراتيجي ويستخدم مفهوماً كالإمبريالية أو عقلانية صاحب القرار، لتفسير تميز العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، وهنا يمكن تسجيل بعض التحفظات على هذه المفاهيم، فالنسبة لمفهوم الإمبريالية، يلاحظ أنه مفهوم متعدد الأبعاد، وقد يتناقض مع الأبعاد الموضوعية التي ساهمت في نشأة فكرة إقامة وطن قومي لليهود، وتفاقم مسألة اليهود في أوروبا الشرقية، مع نمو الشعور القومي بين الأوروبيين.
أما التفسير بعقلانية صانع القرار، فهو منظور ضيق يتجاهل حدود عقلانية الفاعل وذاتيته، وبواعثه وصعوبة المواءمة بين الأهداف المنشودة والنتائج المتحققة.
إلا أن هذا التفسير يعتمد على استخدام الولايات المتحدة لإسرائيل في دعم مصالح الأولى وهو على هذا لا يفسر لماذا تدعم أمريكا إسرائيل حتى في الحالات التي تمثل فيها إسرائيل عبئاً على مصالح أمريكا وعلى هذا لا يعد التفسير الأداتي الذرائعي أو الصريح صحيحاً.
لقد فشلت كل اتفاقات السلام بين الفلسطينيين واليهود وهذا امر طبيعي بسبب المخططات الصهيونية الرامية الى استهداف امتنا فالمطلوب ان يتوقف نبض هذه الأمة بقلوبها وتحت غطاء السلام والتطبيع والتفتيت والتشظي وتحويلها الى اعلان تلفزيوني خاطف في الفضائيات.
أن لب القضية هو الانصراف عن القضية الفلسطينية من قبل العرب من اجل الاستحواذ على الأراضي العربية بالقوة هذه القوة التي هي في حقيقتها اتحاد بين الصهيونية والصليبية هذا هو أساس اللعبة السياسية والهدف الاسمى لها هو انتصار اسرائيل من النيل والفرات التي لاتزال راسخة في علمهم ترفرف فوق رؤس الحكام العرب اللاهثين من اجل تهنئة العدو الصهيوني في كل ذكرى لاستقلال اسرائيل .
هل يستطيع أن يخبرني احد بشعار واحد في كل هذه الشعارات التي تجتاح وطننا العربي اليوم من قبل الثوار الجدد يصدح بسقوط اسرائيل هل سمعتم أحداَ من هؤلاء الثوار ينطق باسم فلسطين ونكباتها ومساندتها هل هذا هو حال الثورة أم أن هذه الثورات جاءت معلبة ،رحم الله الشاعر احمد شوقي حين يقول : "أنهم قالوا وخير القول قول العارفين....مخطئ من ظن يوماَ أن للظالم دين"
التعليقات (0)