كرم الثلجي: يبدو أن برنامج قرار النائب العام بوقف برنامج وطن على وتر أثار خلافاً جديداً يضاف إلى الخلافات لدى قيادات السلطة الفلسطينية وعلى اختلاف أنواعها، فبعد الخلافات التي مرت بها اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة المركزية محمد دحلان، يأتي خلاف من نوع جديد بين ياسر عبر ربه رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون والنائب العام الذي أقر بوقف برنامج وطن على وتر بعد الدعوة التي تقدم بها كل من رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد وجواد عواد نقيب الأطباء، واللواء حازم عطا الله مدير عام الشرطة.
يبدو أن السخرية بالفن لتدمير الواقع السياسي والاجتماعي للمجتمع الفلسطيني لاقى قبول غير مرضي للشارع الفلسطيني خاصة أن برنامج وطن على وتر اعتمد على عبارات ركيكة ملغمة بالذم والقدح والتحقير، إضافة إلى إسفافها بالذوق العام وتناولها لقضايا تبعد كل البعد على الواقع الحقيقي والملموس لشعبنا الفلسطيني، كما جاءت معظمها بأسلوب أشبة بفضائح مضحكة للسلطة الفلسطينية في مؤسساتها المدنية لتبقى الركود الثقافي والتخلف الاجتماعي أسلوب حياة الشعب الفلسطيني سمة بارزة لهذا البرنامج، إضافة لافتقاره الجدية في العمل والأداء الفني، تلك المعطيات وغيرها كانت الأبرز على مدار سنوات بث هذا البرنامج، حيث برزت دعوات متكررة لإيقافه ولم تلق بالاً سابقاً، ولكن يبدو أن الإسفاف الشديد والسخرية بكينونة الشعب كان لهذه الأصوات أن تصل إلى المسئولين في أماكن عدة في مؤسسات السلطة الفلسطينية.
لقد أهان تليفزيون فلسطين برئيسه عبد ربه وببرنامجه وطن على وتر الشعب الفلسطيني قيادة وشعبا ومؤسسات مدنية، فقد أوصل صورة ذهنية سلبية لمشاهدي تليفزيون فلسطين بالداخل والخارج عبر حلقاته في مهاجمة الواقع للشعب الفلسطيني بطريق أو بآخر، بدلاً من تركيزه على القضايا الفلسطينية الهامة، فقتل خالد العدلوني في الأردن ويم يتم التطرق ولو بخبر عنه بتليفزيون فلسطيني وما خفي كان أعظم من قضايا فلسطينية بحاجة إلى إبراز وظهور اعلامي.
فلا أسف على وقف برنامج وطن على وتر ولا داعي لتحويلها لقضية رأي عام ، فهذا رهان خاسر نظراً ليقين الشعب بهبوط برنامج وطن على وتر حيث لا يرتقي لأن يصنف فن كوميديا، وإن قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني واضح وثابت حيث لا يجوز فيه مهاجمة شخصيات ورموز وقيادة وشعب في الإعلام الفلسطيني تحت مسمى كوميدي فالكوميديا لها قوانين وآداب.
وإن التهويل بقرار النائب العام بأنه سابقة خطيرة في تاريخ السلطة الفلسطينية، فبرنامج وطن على وتر أزال ذلك التاريخ بإسفافه في تناول حياة الشعب الفلسطيني ومؤسساته المدنية، فإن أي عمل تلفزيوني أو مسرحي أو لوحة فنية أو أغنية أو حتى مقال أو تحقيق صحافي طالما يلتزم بالشرائع والقوانين والآداب الفلسطينية لن يمسه قرار من النائب العام أو غيره، ولكن عملية تجاوز الحدود والخطوط الحمراء لدى الشعب تعتبر كارثة كبرى خاصة إن دافعنا عنها.
فمنذ سيطرة عبد ربه على هيئة الاذاعة والتليفزيون بالقوة عندما قام وعدد ممن هم محسوبين عليه بمهاجمة وطرد محمد الداهودي رئيس مجلس إدارة هيئة الاذاعة السابق، نجد أن تليفزيون فلسطين بدورته البرامجية أصبحت بلا بوصلة إعلامية ، فلا هدف سياسي فلسطيني بحث فيها ولا هيكلية واضحة في طرح القضايا الجادة، يبدو أن المهنية للعمل الإعلامي والتليفزيوني تحتاج لرجل مناسب مؤهل وكادر يستطيع الارتقاء بالعمل التليفزيوني.
ويبدو أن القيادة الفلسطينية انحرفت كثيراً عندما سمحت إلى ياسر عبد ربه ترأس مجلس هيئة الاذاعة والتليفزيون بالقوة وغض الطرف على أعمال البلطجة والعنف، إضافة إلى ترأسه لأمين سر تنفيذية منظمة التحرير الفلسطينية فتح، خاصة بعدما صرح سابقا بان السلطة الفلسطينية، وحركة فتح ستعترفان رسمياً بدولة إسرائيل في أي صورة ستطلبها مهما كانت، حتى وان كان الحديث يدور حول الاعتراف فيها كدولة يهودية قومية.
التعليقات (0)