أصبح صراع السلطة في إيران حديث الساعة بسبب مجريات الأمورالتي تبدو ملحّة أكثر من أي وقت مضى خاصة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار مجئ روحاني لسدة الحكم باعتباره يمثل الى حدٍ ما تيار الإعتدال القريب من الإصلاحيين. إنّ ابعاد الصراع بين معسكري الحرس و رجال الدين الآن أكثر ضراوة بسبب القلق الشديد من تنامي صعود الإصلاحيون الذين يعتبرون من المنافسين الشرسين لتياري العسكر والحوزات الدينية على تقاسم السلطة في إيران منذ أن لفظهم النظام بعد أحداث يونيو 2009 وهكذا صارالصراع يشتدّ بين تيارين رئيسين منافسين على الثروة و بناء دولة الظلّ في إيران فتياري الحرس الثوري وجبهة رجال الدين المحافظين أصبحا يطالبان النظام بحصة أكبر في الدولة الإيرانية لضمان مصالحها الفئوية.
وصار قادة التيارين يطرحان مطالبهما للعلن فهذا محمد رضا نقدي و هو رئيس مؤسسة مستضعفين التعبوية وهي فرع من الحرس الثوري يصرّح قبل أيام بأنّ الحكومة الحالية حالها حال الحكومات السابقة التي توعد بمنح الباسيج دور أكبر في صناعة القرارات و إعطاءه دورمحوري للمساهمة في حلّ المشاكل الإقتصادية في البلاد لكن بقيت هذه الوعود دون تنفيذ وحبرٌ على ورق.
من ناحيته طالب عضو في مجلس خبراء الدستور وهي مؤسسة دينية تتولى انتخاب المرشد في إيران طالب الحكومة بالتنسيق والمشورة و وحدة التفكير مع المؤسسات الدينية والحوزات منتقداًً عمليات التواصل الحالية بين الحكومة والمؤسسات الدينية التي وصفها بالمشوبة بالضعف و فرط عقدها بسبب عدم اهتمام الحكومة .معتبراً الحوزات الدينية على أنها ركن من أركان النظام الإيراني الذي يجب أن تدشن الحكومة عملها بالتنسيق مع هذه الجهات .
في حين تشير الصحف الإيرانية التي نشرت تفاصل الموازنة الإيرانية العامة الى حصة الحوزات الدينية التي تفوق المؤسسات التعليمية العلمية والجامعات حيث حصدت الحوزات ضعف ما حصلت عليه الجامعات الخمسة الرئيسية في البلاد وهي جامعة شریف والتي حصلت على 178 مليار تومان و أمير كبير 159 و بهشتي 225 و علم صنعت 139 و طباطبائي 687 مليار تومان وهو ما يعادل نصف الميزانية المخصصة للحوزات الدينية.إضافة الى كل هذا لو أعدنا ما تحصل عليه مؤسسات دينية أخرى مثل مجلس سياسات ائمة الجمعة و منظمة الأوقاف و وبيت المرشد و غيرها من المؤسسات التي يديرها رجال دين سيكون الرقم خيالي بالنسبة لما تحصل عليه المؤسسات العلمية في إيران وهذا الأمر ينطبق على الحرس الثوري والمؤسسة العسكرية التي لديها حصة الأسد من الموازنة العامة في البلاد.
لكن رغم ذلك ظلّ الحرس كمؤسسة عسكرية و الحزة الدينية كمؤسسة دينية في سباق مع الزمن للحصول على حصة أكثر من المال والسلطة في البلاد فهذا التنافس يشتدّ يوماً بعد يوم خاصة إذا ما شعر قادة المؤسستين العسكرية والدينية أنهما محاصران من قبل تيارات تكنوقراط أو تلك التي لا تؤمن بمبادئهم بصورة كاملة ولا تدين لهم الولاء المطلق ولا تقدّم رسم الطاعة والوفاء. وفي بعض الأحيان يتحوّل هذا الصراع بين رجال الدين والعسكر أنفسهم إذا ما لم يجدوا أحداً يتقاسمون معه الصراع و التنافس من خارج تياريهما.
التعليقات (0)