صراعات لا جهاد
الجهاد كمصطلح وفريضة تعرض للتشويه عبر إقحامه في صراعات سياسية فالتاريخ القديم والحديث شاهد عيان على ذلك فسماحة الإسلام والكثير من القيم والمسلمات اٌنتهكت جراء التزاوج الغير شرعي بين السياسة والدين والذي نتج عنه الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي .
لم تكن صراعات الأمويين مع جيوب المعارضة للحكم انذاك الوحيدة التي أٌقحم فيها الإسلام والدين وتحديداً الجهاد بل أستخدم حكام بنو أمية ومن أتى بعدهم من العباسين والعثمانيين والأيوبيين الجهاد كوسيلة تٌشغل قادة الجيش عن السلطة وتقاطعاتها المختلفة فنشروا الجيوش وأدخلوا المجتمعات في صراعات دموية فكرية كان الهدف الحقيقي منها زيادة موارد خزينة الحاكم وإشغال القادة والمفكرين بمعارك جانبية وبسط اليد والنفوذ على المجتمعات فأسواق الجواري والسبايا واستحلال الأعراض والأموال والأنفس المعصومة نتيجة من جملة نتائج قذرة قام بها من كان يعبد الله ليلاً وينتهك حرماته نهاراً جهاراً وتلك حقبة تاريخية مظلمة لا يؤيدها الإ من بقلبه مرض أو بعقله خلل !.
حديثاً لم تكن أفغانستان الوحيدة فقد تبعتها الشيشان وجنوب الفلبين والصومال وسوريا وليبيا والصومال والكثير من الأقاليم والبلدان , فأفغانستان كمثال بسيط شهدت أقذر عملية استغلال في التاريخ الحديث فقد تحالف أعداء الصراع السياسي مع ما سموا لاحقاً بالمجاهدين لقتال السوفيت وبعد انتهاء ذلك الصراع تشكلت تحالفات برعاية دولية وإقليمية لتبدأ مرحلة الصراعات بين أصدقاء السلاح وما سموا بالمجاهدين على السلطة فولدت جيوب وحركات وولدت تحالفات مشوهه كان الهدف من ورائها إعلان قيام الدولة والحكم بالقوة المسلحة دون أدنى إعتبار للمجتمع وقيمه وعاداته وطموحاته , في تلك التحالفات والصراعات أٌستخدم الجهاد كوسيلة جذب وأداة حسم للصراع فأنتشر دعاة الجهاد بأصقاع الأرض يصرخون ويتباكون بعضهم لم يكن مدركاً لخبايا تلك التحالفات والصراعات والبعض كان يدرك الخبايا لكنه ينفذ ما تمليه عليه خفافيش الظلام فكانت النتائج ضياع أفغانستان ووقوعها بوحل التطرف والإرهاب وبروز جيوب دموية متطرفة متعطشة للدماء فضلاً عن تشويه الإسلام وذروة سنامه ؟.
مع هبوب رياح الربيع العربي على البلاد العربية والذي دخل عامه الخامس , عاد من ترك طريق البكاء والصراخ ولبس ثوب الإعتدال كما يتوهم إلى المربع الأول فمع اشتداد حدة الصراعات السياسية بين الجماهير الغاضبة والأنظمة الحاكمة تم إقحام الدين من جديد في تلك الصراعات وبرز على الساحة دعاة كانوا جزء من تشويه الجهاد والإسلام في حقبة ماضية فأقحموا الإسلام والجهاد كمفهوم وممارسة في تلك الصراعات فكانت النتائج تعقد الصراعات ودخولها نفق الطائفية والمذهبية والدموية وتفتت دول وتشتت شعوب وركوب القطيع " الجٌهال , وأصحاب العواطف " موجه سٌميت زوراً بالجهاد ونصرة الإسلام والمسلمين فأختلط الحابل بالنابل ومات بسبب ذلك التشويه والإقحام القذر للجهاد كوسيلة وغاية محددة الأهداف والضوابط خلق كثير لا ذنب لهم سوى أنهم وقعوا ضحية صراعات سياسية ركب موجتها مرتزقة لبسوا لباس الدين والغيرة !؟
ما يحدث الآن بليبيا وسوريا وجزء من أرض مصر هو إعادة لحقبة أفغانستان المريرة واستنساخ للحقب التاريخية الماضية والتي كانت حقبة دموية قذرة تداخل فيها السياسي مع الديني وأفرز ما سمي بالإسلام السياسي المولود القبيح والمشوه لذلك التداخل القذر ؟!.
الجهاد فريضة مقدسة ذات شروط وأحكام وضوابط وأهداف كغيرها من الفرائض والأحكام لكن مدعي العلم وأصحاب العواطف والمحبطين والجٌهال ركبوا موجات ليست لهم فحولوا تلك الفريضة لوسيلة تدمير و إهلاك للحرث والنسل وإكراه للناس وتضليل للمجتمعات المسالمة والمؤمنة , إقحام الدين في الصراعات السياسية هدفه لا يخرج عن إطارين الأول إطالة أمد تلك الصراعات والثاني تشويه الدين بيد أبناءه والإ لماذا يٌقحم الدين وأحكامه وفرائضه في صراعات سياسية بين أنظمة وشعوب فالصراعات السياسية حالة طبيعية لا تخرج عن إطار تغيير النظام أو إصلاحه وترميمه وحلول تلك الصراعات السياسية سياسية .
البعض لا يعتبر بالحوادث الماضية يقدم العاطفة على العقل فيقع بفخ التضليل فيرتكب أبشع الجرائم دون أن يعلم أن ما يقوم به ضد العقل والدين والإنسانية .
تتنوع طرق التضليل كتنوع طرق إرتكاب الجرائم فهناك تضليل يعتمد على العواطف والحماسة وهناك تضليل يعتمد على إستغلال النصوص الدينية في أحداث وحوادث معينة وإسقاطها على تلك الحوادث والأحداث , هناك جرائم تنفذ باليد كالقتل وهناك جرائم تنفذ بالقول كالإفتاء بالقتال أو التأييد ونحو ذلك , فالأسباب والأفعال والدوافع وأدوات التنفيذ والتضليل متعددة والهدف واحد إهلاك الحرث والنسل والإفساد في الأرض وتشويه الدين وقيمه وثوابته ومحاولة إرهاب المجتمعات وإعادتها لمربع الإستبداد بإسم الدين والإسلام ؟!.
أكثر شيء يواجه الصراعات السياسية العربية في هذه الفترة هو إقحام الدين وأحكامه في تلك الصراعات وتلك عملية معقدة يستغلها دعاة الإسلام السياسي ممن يبحث عن أمجاد لن تكون مهما طالت مدة تلك الصراعات , إقحام الدين في الصراعات السياسية أفضى لصراع إسلامي إسلامي بين المسلمين أنفسهم مجتمعات وطوائف و مذاهب وفقهاء وعلماء صراع إسلامي إسلامي دموي ساحته العراق وسوريا وليبيا الآن وساحته أيضاً منصات الإعلام وردود العلماء , تلك الحالة سببها الوحيد إقحام الدين في الصراعات السياسية من قبل مرتزقة يدعون العلم ولا يتورعون عن إطلاق الأحكام ؟.
الصراعات السياسية حلولها سياسية والجهاد لا يكون وسيلة لحل تلك الصراعات لأن الجهاد فريضة ذات شروط وأحكام محددة ليست خاضعة لاجتهاد فردي , تلك الفريضة المقدسة التي تشوهت ليست ملكاً لأحد وليست سيفاً مسلطاً على رقاب الخصوم وليست وسيلة وأداة لتوسيع النفوذ والرقعة الجغرافية بل هي رحمه هدفها الحقيقي حماية الدين وصيانته وردع أعداءه , نهاية تلك الصراعات المتلبسة بلباس الدين والجهاد لن تنتهي في القريب والسبب الحاضنة الفكرية التي ما تزال نشطة وتتغذى بأفكار من نسي أن الفتوى ذات شروط من أهمها الترجيع والإخلاص والعلم الغزير وليس حفظ حديث وإسقاطه على حالة أو تفسيره بما وافق الهوى فالإجتهاد باب عظيم والترجيع أعظم منه , سوريا وليبيا وغيرها تحولت لدمار والسبب دعاة الهوى والتضليل فكان الله بعون تلك الشعوب التي حلمت بغد مشرق لكنها لم تدرك أن هناك من يتربص بغدها وبتاريخها القديم لكن تلك الشعوب ستنتصر وأول خطوة للانتصار هي محاربة مدعي الجهاد والنصرة بالفكر والسلاح فتلك الزمرة تسببت بالكثير والكثير من الكوارث والمصائب قديماً وحديثاً ...
التعليقات (0)