مواضيع اليوم

صراعات قد لا تحل بالعصي

جمال الهنداوي

2013-03-23 19:00:04

0

بماذا يمكننا ان نصف تلك الصورة الكبيرة التي تصدرت واجهة الموقع الالكتروني الشهير وهي تظهر"نجوم"منصة اعتصام الانبار وهم يقفون كاخوان متجاورين وبابتسامات عريضة مشفوعة بالايمان المغلظة-من قبل محرر الموقع طبعا-بانها التقطت بعد-وكسخرية من- الانباء التي تحدثت عن الفوضى التي عمت ساحة التظاهرات في الرمادي.

فهل هي الغفلة, ام الافتقاد المؤسف للمهنية,ام قد يكون الارتباك هو الذي دفع ذلك الموقع الى نشر صورة قديمة لاكتها واجترتها العديد من المنتديات لتقدمها على انها آخر ما استل من الكاميرات الكثر التي تعج بهم الساحة, وهل هذه الصورة كافية للتغطية على الصراع المحتدم حد التدافع بالمناكب على احتكار تمثيل المعتصمين -ان لم يكن المكون السني برمته-بين القوى الاسلامية وبعض الواجهات السياسية والقبلية..

فلو اتفقنا مع العديد من الواجهات الاعلامية التي هبت لتهوين الانباء التي تحدثت عن الخلافات التي نشبت بين المتحدثين, وعن طرد بعض"ايقونات"المنصة من الساحة, وان كنا نتقبل انه قد يكون هناك بعض المبالغة في الكلام عن استخدام العصي,او "الاحذية وقناني المياه الفارغة"في قول آخر, فهل يمكننا التغافل عن كل ذلك التراشق الاعلامي الاقرب الى الغمز واللمز الذي يزدحم به اثير الفضائيات ما بين اجنحة القائمة العراقية المتنازعين –حد التخوين- على تمثيل المكون السني والحق الحصري للنطق باسمه والتموضع على المساحة التي تؤهله لها اصوات هذا المكون الاصيل في الخارطة السياسية العراقية .

فعلى الرغم من ان توحد العديد من القوى الناشطة على هدف التقاطع مع حكومة السيد نوري المالكي قد ساهم في التعمية على مسألة التمثيل السني في بغداد والمحافظات الشمالية والغربية وتأجيله الى حين فسحة من الوقت او الظروف, ولكن المتغيرات الاخيرة واستحقاقات التفاوض مع الحكومة قد أدت الى اظهار بعض الخلافات الى النور وقد تميط اللثام عن التباينات الخطيرة في وجهات النظر حول العديد من المواقف المفصلية التي قد تهدد بمرحلة تناقض طويلة مقبلة.

فرغم انتهاج الجميع اسلوب الخطاب عالي السقف والنبرة ,الا انه من الواضح ان اغلب القوى السياسية الناشطة في الوسط السني قد اقتنعت بحتمية الخضوع لاشتراطات التعددية السياسية وقوانين اللعبة الديمقراطية, وعدم امكانية الادعاء بالاغلبية الصريحة لاي قوة سياسية في الساحة التي تتداخل فيها المتبنيات المتباينة والمتقلقلة بين بون شاسع  من العناوين التي ترتبط بتداخل المفاهيم الدينية والعشائرية والسياسية بما يشبه الى حد بعيد تكوينات الخارطة السياسية الشيعية جنوباً بمنطلقاتها وتداخلاتها وتوزعها على العديد من القوى والفعاليات السياسية.

ولكن هذه الثقافة الانتخابية تصطدم بقناعات وطموح القوى الاسلامية المنتشية بتحصلها على حق الادعاء بالوكالة العامة للربيع العربي, ورضا ودعم المنظمة العالمية للاخوان المسلمين ودول الخليج وتركيا, مما يجعلها تغلب العامل الطائفي في خطابها التحريضي بسبب عدم احساسها بالحاجة الى القيم الديمقراطية في تثبيت حكمها الموعود, واستنادها على الوثوقية المطلقة التي تقدمها لها النصوص الدينية-والدعم الخارجي- في ادخال المعارضين مباشرة الى خانة الخروج من ثوابت الدين والملة وهذا ما يتعارض -بالتأكيد-مع طروحات ومتبنيات-وحتى مطامح-العديد من الشركاء المنافسين.

وقد تكون هذه الثقة هي ما دفعت قائمة انتخابية ملصقة على عجل من قوى وقلوب شتى, تستند على استقبال رموزها في دولة مرمية كحصاة مهملة على شاطئ الخليج لتعلن نفسها الوريثة الوحيدة في العراق للربيع الاخواني, وتبدآ بمهاجمة المختلفين معها في وجهات النظر بانهم "فصائل صغيرة"لا يحق لها الكلام باسم القائمة العراقية , في اشارة مبطنة للمكون السني الكريم..

ان مثل هذا التنافس الذي يستند-في شقه الاسلاموي على الاقل- على معطيات وثوابت اولية وفوقية خارج الارادة الشعبية الحرة المعبر عنها بصناديق الاقتراع قد يؤدي بالتدافع الطبيعي على حق التمثيل السياسي الى التصادم الحنمي, ويرفع من مؤشره الى مستوى قريب للصراع خصوصا مع الثقل الذي يمثله العامل القبلي والعشائري في ضمير ووجدان ابناء المحافظات الغربية والشمالية.

 ان ابناء المكون السني الاصيل الذين يتشاركون مع بقية اطياف الشعب في اساس وجود الكيان العراقي الحديث وتعدده الفكري والسياسي, وكان لهم شرف قيادته السياسية وبناء دولته في فترات طويلة من عمر الدولة العراقية, يشتتون جهودهم من خلال ادارة الخلافات الفرعية غير المرتبطة ببرامج حقيقية تستهدف استدراج التأييد الاقتراعي بقدر تعلقها بالطموحات الشخصية لبعض العناوين السياسية والصراعات المتبادلة حول احتكار التمثيل السياسي, ونجرؤ ان نذكر اخواننا في المحافظات المعتصمة ان افضل ما يحقق مطالبهم المشروعة هو في تحصين شعاراتهم من الاستدراج السياسي والطائفي والفئوي خدمة لمطامح بعض المغامرين السياسيين وارتباطاتهم الخارجية, والاهم, في التأكيد على مبادئ المواطنة الحرة المتساوية المبنية على الوطنية والكفاءة والنزاهة،في إطار نظام ديمقراطي ودولة مدنية، والتعالي على الحساسيات الفرعية والصراعات البينية التي قد تدخل المكون السني الكريم وجميع اطياف الشعب العراقي النبيل في صراعات قد لا تحل بالعصي, ولا برمي الحجارة وقناني الماء الفارغة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !