صدمة التدوين الالكتروني:
التدوين الالكتروني هو صيغة مبتكرة للتدوين الذي لازم الانسان منذ بدأ الخليقة في حفظ تراثه واعماله،وصاحب المستحدث نمو شبكة الانترنت منذ العقد الاخير من القرن العشرين ولكنه شهرته الحقيقية بدأت بعد الحرب على العراق عام 2003 من خلال نقل الاخبار ميدانيا والتفاعل من خلال التأييد او الرفض لتلك الحرب،واصبح بعدها وسيلة رئيسية ليس فقط للتعبير عن الرأي او اضافة آخرالاخبار بل اصبح مصدرا رئيسيا لهما ولمزيد من الابداعات القديمة والمستحدثة معا والتي تتجدد يوميا بفضل ثورة الاتصالات التي اشركت الجميع وحسب توفرها لهم ووجود القدرات والاستعداد النفسي والبدني في كل مكان وزمان.
لقد كان التدوين الالكتروني فرصة عظيمة بحق اتاحتها التكنولوجيا الحديثة العابرة للقارات لقطاعات شعبية واسعة في اخراج طاقاتها المكبوتة الى العلن بعد ان كان يحضى بذلك الحق قلة متميزة في التدوين بوسائله القديمة وتصدروا من خلالها السيادة والاعلام بعد امتلاك القدرة خلال حقب التاريخ المتعددة.
كان عرض عملاق الانترنت شركة ياهو لشراء موقع تامبلر للمدونات الشهير بمبلغ 1.1 مليار دولار في آيار(مايو)2013 امرا مثيرا ومحبطا بحق،فتاريخ تلك الشركة في شراء عدد من شركات التكنولوجيا الاصغر منها والتي اغلبها يدير مواقع الكترونية شهيرة هو سيء بالفعل وقد فشلت في الادارة والتطوير حتى اضطرت الى الغاء تلك المواقع الشهيرة بعد سلسلة من الخسائر ومن بين تلك المواقع التي اشترتها ياهو هو موقع مكتوب العربي عام 2009!...فقد كان قياس التوقع ان ادارة الموقع الجديدة سوف لن تنجح في ادارة هذا الموقع الشهير في العالم العربي كما حدث سابقا،وبالفعل جاءت اول القرارات السيئة بألغاء ايميل الموقع الذي كان ضخم الحجم حينها ويستخدمه الكثيرون،ولم يكتفي بذلك فقرر الغاء خدمة التدوين الشهيرة فيه والتي تجذب عادة عددا كبيرا من المدونين والزوار الى الموقع بعد سنوات طويلة من الخدمة التي تفوقت على بعض المواقع الشهيرة الاخرى التي تستضيف خدمة التدوين من خلال التصميم وكثافة الحضور.
تلك هي البداية السيئة المتوقعة لادارة ياهو الجديدة لموقع مكتوب والتي يتوقع لها ان تجعله موقعا ضعيفا ولا يجد له مكانا مميزا في خارطة المواقع العربية،ولكن يبقى الاكثر ألما وحزنا هو حذف جهود عدد كبير من المدونين من مختلف البلاد والذين اثروا الحياة الثقافية والسياسية العربية حتى اصبح التأثير واضحا في ثورات الربيع العربي المعاصر والتي كان للانترنت وموقعه في المجتمع الحديث دورا هاما في ادامة بث روح المقاومة والتمرد في صفوف الجموع الشعبية.
صحيح ان نسبة كبيرة من التدوين الالكتروني لا يحمل صفة التدوين او الابداع الحقيقي ولكن ذلك لا يخفي حقيقة الحذف العشوائي لعشرات الالاف من المدونات والنصوص الابداعية التي لا يمكن التعويض عنها فضلا عن حالة الالتصاق الروحي والجسدي بين المدون وصفحته الالكترونية!.
لا يمكن الوثوق بخدمة ياهو الجديدة في موقع تامبلر العالمي للتدوين بل من المتوقع ان تديره مجموعة سيئة لها ماض طويل في تدمير المواقع الالكترونية ذات الشهرة العالمية من خلال سوء الادارة،ولذلك فأن الواجب على المدونين هناك ان يبحثوا عن مكان آخر لنقل نتاجاتهم العلمية والادبية وغيرها للحفاظ عليها من الالغاء القسري المتعمد كالذي رافق مدونات موقع مكتوب والتي من بينها خدمة غوغل الشهيرة والفيس بوك وغيرها!.
الولوج الى عالم التدوين الالكتروني السحري بشقيه المصغر(تويتر بحروفه ال140)والموسع كما هو الحال في المدونات المفتوحة الاخرى لايمكن ان ينتهي او يضعف بل من المتوقع انه سوف يتوسع كثيرا مع دخول مئات الملايين من البشر الجدد الى ساحة الانترنت بعد ان انتظروا كثيرا على ابوابه المغلقة لاسباب عديدة كي تصل اليهم وبالتالي سوف يتم انقاذ عدد كبير من المبدعين من غفلتهم الطويلة بسبب الحرمان الطويل من ثمار التكنولوجيا الحديثة.
التعليقات (0)