لو كان صدام حسين حيا ولا زال يحكم العراق في زمن ثورات الربيع العربي فماذا كان سيحدث يا ترى؟! هذا السؤال تبادر الى ذهني وأنا أتابع العشرات بل المئات من التعليقات التي انهالت على بوست نشره الدكتور فيصل القاسم على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وصف فيه صدام بالطاغية، فثارت ثائرة (شباب الربيع العربي)!! ووصفوا القاسم بأقذع الصفات أطلقوا عليه أقبح الشتائم وصبوا عليه جام غضبهم! لأنه تجرأ على رمز الأمة العربية والاسلامية والبطل الذي ضرب اسرائيل و(قاهر الروافض والمجوس والصفويين!) كما يحلو لهؤلاء الشباب المتحمس أن يقولوا عنه.
قال أحد المعلقين على منشور الدكتور فيصل: صدام حسين مات ﻋلى أيدي أعدائنا وهذا يبرر ما طغى به!! فالموت على يد الأعداء يبرر الطغيان عنده..!! يا سلام على هذه العقلية!!
وقال آخر: عندما يكون الحاكم دكتاتوريا ويحكم بما يرضي الله والشعب لا يسمى طاغية!! لا أدري هل فهم هذا الشخص ما كتبه؟ فالدكتاتور عنده لا يسمى طاغية!! وعنده أن صدام كان دكتاتورا ولكنه يحكم بما يرضي الشعب، فأين دكتاتوريته؟ ويقول أيضا انه كان يحكم بما يرضي االله !! لا تعليق!!
وآخر يقول: صدام كان طاغيه على الروافض الي تشوفهم الان يخربون ويقتلون اهل السنة.. سنعرف فيما يأتي أن صدام قتل من السنة كما قتل من الشيعة.
ويقول آخر: العالم كله لن ينجب كصدام حسين!! أقول الحمد لله.. وآخر يرحب بحكم الطغاة ويقول: اذا كان صدام طاغية فمرحبا بالطاغية على شاكلة صدام يكفي عاش رجلا ومات بطلا..!! أسأل االله أن يرزقك بطغاة يحكمونك على شاكلة صدام!
وآخر تجاوز الحد كثيرا وقال: كل من يذكر صدام بسوء ابن متعة!! االله لا يسامحك.
بداية اسمحوا لي أن أقول أنني عراقي الجنسية وكردي القومية ومسلم بالديانة وسني المذهب واسلامي التوجه ولست عميلا لأحد و(أنا بكره اسرائيل!) ومن يقف ورائها.. أقول هذا لأن شباب الفيسبوك الثائرين عندهم اتهامات جاهزة وشتائم لكل من يفتح لسانه بسوء على صدام فيقولون عنه انه (رافضي مجوسي صفوي ايراني ابن متعة أو قومي انفصالي علماني خائن موالٍ لأمريكا واسرائيل..!!). فأرجو فهم هذه المقدمة حتى لا يزايد عليّ أحد.
ولنرجع الى موضوعنا الذي قد يكون طويلا بعض الشىء فأرجو أن تصبروا معي الى النهاية.. فأقول لشباب الربيع العربي في تونس أولا: إن زين العابدين بن علي كان قائدا عظيما ورمزا من رموز الأمة العربية ورفع من مكانة تونس بين الدول حيث التقدم والازدهار والاستقرار، وليس صحيحا ما يقال أنه كان دكتاتورا فقد كان يحارب فقط العملاء والخونة الذين كانوا يريدون المس باستقرار تونس، وما حدث لم يكن ثورة بل كان مؤامرة دبرتها قوى خارجية ضد بن علي وقد فقدت تونس مكانتها بعد هذا الرئيس العظيم الذي لن يعوض.
وأقول لشباب الربيع العربي في مصر: محمد حسني مبارك الرئيس العظيم الذي أحبه شعبه كان صمام الأمان لمصر، لقد حقق إنجازات عظيمة للبلاد وجعل من مصر دولة قوية تهابها الدول وتحسب لها ألف حساب، كان يضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بأمن المواطنين، وانتعشت الديمقراطية في عهده وأعطى الحرية للجميع، والذي حدث ضده لم يكن ثورة بل كان فوضى عارمة حاكت خيوطها دول كانت تحسد مصر على مكانتها فأرسلت المليارات على من يسمون بالثوار لقلب النظام فحدث ما حدث للأسف، فانظروا لحال مصر بعد مبارك، لقد غرقت البلاد في الفوضى وفقدت مصر مكانتها الاقليمية والعالمية.
وأقول لشباب ليبيا: معمر القذافي كان زعيم أفريقيا وقائد الأمة العربية الأوحد ورمز المقاومة والبطولة الذي وقف بوجه الغرب الامبريالي وساعد الشعوب المضطهدة وحركات المقاومة في العالم ضد الأنظمة الظالمة، وقد ازدهرت ليبيا في عهده وعاش الليبيون سعداء وفي رخاء من العيش، ومعارضو القذافي كانوا كأحجار الشطرنج تحركهم الامبريالية العالمية ولم يكونوا يريدون الاستقرار لليبيا ولذلك كان القذافي يحاربهم، ولكن للأسف وفي ظل ما يسمى بالربيع العربي استطاع الغرب عن طريق تحريك عملائه إحداث الفوضى في البلاد وهو ما أدى الى تدخل الناتو طمعا في النفط الليبي واستشهد القائد العظيم معمر القذافي.
ولنأتي الى اليمن ورئيسها المجاهد علي عبد الله صالح ويا له من رئيس عظيم كان يمسك بزمام الأمور بحنكة وحكمة وتوحدت البلاد في عهده حيث وحّد بين شطري اليمن، وكان لا يدع الحوثيين يتحركون ويضرب تنظيم القاعدة بيد من حديد، وكان يقول أعطوني قطعة أرض مجاورة لفلسطين وأنا أحررها، ولكن عدوى ما يسمى الربيع العربي انتقلت الى اليمن وحرك الغرب عملائه للاطاحة بنظام الحكم فغرقت البلاد في الفوضى فتحرك الحوثيون والقاعدة والحراك الجنوبي.. وهكذا ضاعت اليمن السعيدة وللأسف.
أما سوريا وما أدراك ما سوريا؟! دولة الممانعة لاسرائيل وأمريكا، الدولة العظيمة التي ساندت المقاومة الفلسطينية واحتضنتها ووقفت بوجه التطبيع مع اسرائيل المحتلة، وبشار الأسد هو أسد العروبة والمقاومة ورمز البطولة، فما الذي يحدث الان في سوريا؟ ولماذا؟ إنها ليست ثورة، بل هي مؤامرة خارجية تستهدف دول الممانعة، وما يسمى بالمجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر عملاء يأخذون الأموال من الخليج ومن أمريكا واسرائيل، وما يحدث من قتل يومي وسفك للدماء في سوريا تقوم به الجماعات المسلحة الارهابية والجيش العربي السوري هو في موضع الدفاع عن النفس فقط ويقاتل العصابات المسلحة التي تعبث بأمن البلاد.
والان ما رأيكم بما قلته؟ هل أعجبكم؟ هل جرحت شعوركم؟! هل قلت الحقيقة أم قلبتها؟! هل تصدقونني فيما قلت أم لا؟!
ولكن مهلا.. قبل أن تنتفخ أوداجكم أكثر وتنهالوا عليّ بالسباب والشتائم دعوني أكشف لكم أن ما كتبته سابقا كان مجرد مزحة معكم..!!
مزحة..؟!! تمدح هؤلاء الطواغيت وتمجدهم وتشيد بجرائمهم وتهاجم الشعوب الثائرة.. وتقول: مزحة؟!
نعم مزحة.. فأنا غير مقتنع طبعا بالكلام الذي كتبته والحكام الذين ذكرتهم طغاة ظلموا شعوبهم ولذلك ثارت عليهم تلك الشعوب وأطاحت بهم، فنحن في العراق كنا نعرف بمعاناتكم في ظل الدكتاتورية.. ولكن دعونا نفرض لو أنني قصدت هذا الكلام وقلته حقيقة وكنت مقتنعا به.. فماذا سيكون موقفكم؟!
ستقولون لي: كفاك تخرصا وكذبا، أنت تجرح شعورنا ولا تحترم الدماء التي سالت في بلادنا ولا الآلاف من الأبرياء الذين دخلوا غياهب السجون، فأنت لا تعلم ما كنا فيه من ظلم وكبت للحريات وأنت بعيد عن بلادنا، فأهل مكة أدرى بشعابها، ونحن عايشنا هؤلاء الطواغيت وعشنا في ظل حكمهم ورأينا ظلمهم، فمن أنت وما علمك بهم حتى تقول انهم كانوا حكاما عظماء خدموا شعوبهم أو وقفوا بوجه الغرب واسرائيل... الى آخره من هذا الكلام تردون فيه علي ومن حقكم أن تردوا علي بالتأكيد لأنني سمعت عن حكامكم عن طريق وسائل الاعلام فقط ولم أعش في ظل حكمهم.
فلنعكس الأمر الان، نحن في العراق وفي كردستان على وجه الخصوص عانينا من ظلم صدام، طواغيتكم إذا تمت مقارنتهم بصدام فإنهم يعتبرون تلاميذ له ولا يبلغ كل ما يفعله بشار المجرم الان بشعبه وما فعله بن علي ومبارك والقذافي وصالح ربع ما فعل صدام بشعبه طوال 35 سنة من السنين العجاف لحكم البعث في العراق.
قد تقولون طبعا إن صدام كان حربا على الشيعة فقط وكان لا يدعهم يتحركون ويفعل بهم كذا وكذا وحارب ايران الشيعية وانتصر عليها..الخ. ولكن دعني أقول لكم إن صدام كان عادلا في شىء واحد فقط وهو توزيع ظلمه على العراقيين بالتساوي، هو كان سني المذهب نعم، لكن وقوفه بوجه الشيعة لم يكن السبب وراءه لأنهم شيعة ويسبون الصحابة ويعتقدون بتحريف القران..الخ، فصدام لم يكن يفعل شيئا لله ولم تكن الطائفية على باله، بل كان يقتل كل من يقف بوجهه ويرفع كلمة الحق حتى وإن كان ذلك الشخص أصهاره كما فعل مع صهريه حسين وصدام كامل حين قتلهما، عندما كان يقتل لم يكن يسأل هذا سني أو شيعي أو عربي أو كردي أو مسلم أو مسيحي؟ كان يقتل المعارضين أيا كانوا وقد قتل أقرب المقربين اليه من رفاقه في الحزب لأنهم فكروا في الوقوف بوجهه.
والان لنأتي الى جرائمه بحق شعبنا الكردي، ولمن لا يعلم فإن الشعب الكردي مسلم بنسبة أكثر من تسعين بالمئة، وهم على المذهب السني إلا أقلية قليلة جدا من الكرد الفيليين، ولنعلم ماذا كان موقف صدام السني من الكرد السنة؟
هل سمعتم بحلبجة؟! هل طرق أسماعكم اسم هذه المدينة الكردية التي كانت تعيش حياة طبيعية هادئة؟ هذه الحياة التي أبى الظالمون إلا أن ينغصوها ويزهقوا أرواح آلاف من الأبرياء..
حلبجة.. وما أدراك ما حلبجة؟! إنها رمز لمظلومية شعب تعرض لأبشع أنواع الاضطهاد والتنكيل.. وهي رمز لنظام قمعي استخدم كل الوسائل الممكنة لإبادة شعب وطمس هويته القومية.
ففي 16/3/1988 كانت مدينة حلبجة الشهيدة على موعد مع جريمة لا نظير لها في تاريخ الانسانية، جريمة لا يمكن تصورها بسهولة في علاقة نظام بشعبه. ففي صباح ذلك اليوم حلقت طائرات النظام البعثي البائد في العراق على سماء المدينة لتنفث سمومها وحقدها الأسود على الأبرياء، ولتقصفها بالأسلحة الكيمياوية بحجة وجود قوات البيشمةركه فيها. فماذا حدث؟! ارتقت أرواح خمسة آلاف شهيد الى بارئها تشكو ظلم العباد، وتشرد الآلاف الى معسكرات اللاجئين في ايران والمناطق الحدودية.
هل كان هؤلاء الذين ماتوا رافضة أو مجوسا أو صفويين؟! كلا.. إنهم كانوا مسلمين سنة، ولعلمكم ان حلبجة هي مدينة العلم والعلماء وهي منبع دعوة الاخوان المسلمين في منطقة السليمانية منذ بداية خمسينات القرن المنصرم، ولا زال الاسلاميون هم الأغلبية الغالبة فيها الى اليوم ويفوزون في أي انتخابات برلمانية أو محلية تجري فيها.
وقد يقول قائل ان ايران هي من قصفت المدينة، وأقول لهؤلاء: ان حلبجة حين تم قصفها لم يكن فيها جندي عراقي واحد حيث كانت قد خرجت من سيطرة القوات العراقية وتسيطر عليها قوات البيشمةركة الكردية التي مدعومة من ايران بطبيعة الحال، فما مصلحة ايران في قصف المدينة؟ ثم ان شهود العيان الذين نجوا من الجريمة وخرجوا من المدينة في القصف الأولي الذي تم بواسطة المروحيات اتجهوا نحو الحدود الايرانية ولم يشاهدوا طائرات تأتي من جهة ايران، ومن جهة أخرى فإن مزود نظام صدام الهولندي بالأسلحة الكيمياوية قد اعترف بجريمته وقد حكم عليه بالسجن 15 سنة في محكمة لاهاي عام 2005. طبعا أنا لا أدافع عن ايران التي أصبحت رمزا للظلم اليوم بدفاعها عن نظام بشار، ولكن هذه هي الحقيقة حتى وإن كانت مرة عند البعض.
ومن الجرائم الوحشية الأخرى التي ارتكبها صدام بحق عشرات الآلاف من أبناء القرى والقصبات الكوردية عمليات عسكرية تحت مسمّى (الأنفال). وقد أطلق النظام البعثي هذا المصطلح القراني على جريمته ليضفي على نفسه صفة الإيمان والاسلام، وأن يعلن للمسلمين في أنحاء الدنيا أنه على حق حينما يحارب الكورد ويقتلهم لأنهم كفرة مارقون من الدين وأموالهم وممتلكاتهم تعتبر غنائم، وأن يبين أن هذه العملية هي جولة أخرى من الصراع الدائر بين جبهة الإيمان التي يمثلها هو وجبهة الكفر التي يمثلها الكورد!.
لقد دمرت الحكومة البعثية الظالمة من خلال قواتها المسلحة المدججة بأنواع الأسلحة الفتاكة خلال هذه الحملة أكثر من أربعة آلاف قرية كوردية، وهذا يعني ضمنا تدمير أكثر من أربعة آلاف مسجد لأن القرى الكوردية لا تخلو من مسجد يؤمه أهل القرية حتى وإن كانت القرية عبارة عن عدة بيوت، فالشعب الكوردي شعب مسلم حتى النخاع ولم يكن يستحق أن يعامل كخارج عن الدين تستحل دمائه وأمواله بهذا الشكل.
لقد كان كل ذنب الشعب الكوردي أنه وقف بوجه الظلم الذي تعرض له وطالب بأن تكون خصوصياته القومية محفوظة وأن يتعامل معه حكّامه كشعب له حقوقه في الحياة الحرة الكريمة، تلك الحقوق التي ليست هبة من أحد من خلق الله يعطيها أو يمنعها، بل هي هبة من الله عزّ وجل وهبها لكل أحد باعتباره إنسانا قبل كل شيء.
ولكن الذي حدث أن عشرات الآلاف من أبناء شعبنا لا زال مصيرهم مجهولا، الآلاف من النساء أصبحن ثكالى والآلاف من الأطفال أصبحوا يتامى، وآخرون دفنوا أحياء في مقابر جماعية، وعشرات الآلاف شردوا من ديارهم وقراهم وتم جمعهم في مجمعات قسرية تنقصها أبسط مقومات الحياة. ولا زلت أتذكر الآلاف من العوائل المهجرة الذين رمت بهم السلطات البعثية في منطقة (بةحركه) وتركتهم دون عائل، فانبرى أهالي أربيل لمساعدة هؤلاء بكل احتياجات المعيشة.
وإن كنتم تقولون ان الكرد تمردوا على النظام ولذلك كان صدام يعاقبهم، فما كان ذنب أهل السنة العرب الذين كان صدام حربا عليهم ونكل بهم واضطهدهم وزج بالعلماء والدعاة منهم في السجون وقتل العديد من علمائهم.
ولمن لا يعلم أقول ان جماعة الاخوان المسلمين في العراق قررت عام 1971 وقف التنظيم والاكتفاء بالعلاقات الشخصية والدعوة الفردية حرصا على حياة الاخوان وذلك بعد سنتين فقط من تسلم حزب البعث الحكم في العراق، وجاء هذا القرار بعد أن بدأت عصابات صدام بملاحقة الاخوان واعتقالهم وقتلهم وكان من أشهر ضحايا تلك الفترة الشيخ المجاهد عبد العزيز البدري والمجاهد عبد الغني شندالة اللذين استشهدا تحت تعذيب أجهزة أمن (قاهر المجوس والروافض والصفويين!!) وهما من رموز أهل السنة. وبعد استشهاد البدري أعلن حزب البعث عن اكتشافه مؤامرة لقلب نظام الحكم واعتقل العشرات من الضباط والمدنيين من الاخوان المسلمين ومن ذوي الاتجاه الاسلامي السني، وأعدم حزب البعث في كانون الثاني 1970 (42) شخصا بين مدنيين وعسكريين من أهل السنة فضلا عن الذين لم يتم الاعلان عن أسمائهم. هكذا بدأ صدام السني حكمه ضد أهل السنة!.
وفي نهاية الثمانينات عندما قام الاخوان في كردستان وبغداد والموصل بإعادة التنظيم، اكتشف صدام وحزبه العفلقي بعض خيوط التنظيم الجديد، فطارد الاخوان مجددا واعتقل العشرات منهم وخرج العشرات منهم الى خارج العراق، وكان اقتناء كتب سيد قطب وغيره من شخصيات الاخوان جريمة في تلك الفترة يدخل بصاحبها في سجون البعث
وللاخوة المصريين أقول: هل تعرفون الشيخ محمود غريب؟ إنه مصري وليس شيعيا؟ أليس كذلك؟! انه لا زال باقيا على قيد الحياة وحسب ما سمعت انه في منطقة الزقازيق فاذهبوا واسألوه عن ظلم صدام واعتقاله من قبل أجهزة الأمن العفلقية وتعذيبه لأنه كان جعل من جامعه في بغداد (جامع البنية) مركزا لتعليم الناس دينهم وتعليم القران الكريم.
وأقول للمطبّلين الذين يزعمون أن صدام كان حربا على الشيعة ويضطهدهم أن يقرأ مقال نوري المرادي وهو كاتب شيعي يكشف فيه حقائق كثيرة عن موضوع ما يسمى اضطهاد الشيعة في عهد صدام، بل ان أول الضربات تلقاها أهل السنة، وفي التسعينات كان كل محاولات الانقلاب في العراق من قبل السنة والتي تصدى لها صدام وقتل واعتقل الكثير من أهل السنة. ورابط الموضوع لمن يريد المزيد هو: http://www.saaid.net/Doat/Zugail/409.htm
هذا فضلا عن حروب صدام الخارجية، ففي الحرب العراقية الايرانية - التي لم تكن حربا طائفية بسبب كون ايران تنتمي الى المذهب الشيعي بل كانت حرب مصالح – قتل فيها ما يقارب مليون عراقي. وماذا عن حرب الكويت؟ كم قتل صدام من أهل السنة في الكويت في غزوه لهذه الدولة الصغيرة؟!
هذا كانت حال العراق في عهد صدام يا اخواني.. وأعود الى كلامي الأول وأقول: نحن نراعي شعوركم ولا نمدح طواغيتكم الذين ظلموكم وقتلوكم واعتقلوكم، فعاملونا بالمثل ولا تجرحوا شعورنا أكثر وقد بينت لكم حقيقة صدام وظلمه لنا نحن أهل السنة كردا وعربا، فمتى تفهمون وتدركون الحقيقة؟
والان أعود الى السؤال الذي طرحته أولا؛ لو كان صدام حيا ولا زال يحكم العراق في زمن ثورات الربيع العربي، فماذا كان سيحدث؟ لا أشك لحظة انه لو بقي حتى الان لكان من أوائل ضحايا الربيع العربي بعد بن علي أو بعد مبارك على أبعد تقدير. وما جعل الشباب العربي المتحمس اليوم يمجدون صدام انه سقط نتيجة التدخل الأمريكي وليس نتيجة ثورة أو انتفاضة شعبية، وان الشيعة في عهده لم يرفعوا رؤوسهم، ناسين أن السنة كانوا من أوائل ضحايا صدام كما ذكرنا.
كنت أظن أن الربيع العربي سيغير عقليات العرب في نظرتهم الى الطواغيت، ولكن يبدو للأسف أن الكثير من هؤلاء لا زالوا يمجدون الطواغيت، والكثير منهم لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا، فكفاكم تمجيدا لصدام، واعلموا ان صدام وبشار وجهان لعملة واحدة، وهما من تربية حزب البعث الملحد، لكن الفرق بين جرائمهما أن صدام حينما ارتكب جرائمه لم يكن العالم قد تحول الى كرة زجاجية كما هو اليوم بحيث لا يخفى فيه شىء، ولم تكن هناك وسائل الاعلام المفتوحة ولا موبايل ولا يوتيوب وفيسبوك..الخ لتوثق جرائمه، وإلا لما تجرأتم على مدحه. فاتقوا الله أيها الاخوة ولا تسخطوا عليكم ربكم بتأييدكم للظالم وللظلم. نحن نعرف صدام وعايشنا حكمه ورأينا منه الكثير، أما أنتم فلم تروا شيئا بل سمعتم عنه فقط، وليس من رأى كمن سمع، سمعتم عنه في الاعلام الذي لم يكن كما هو اليوم ليكشف الحقيقة كاملة، وكان هناك تعتيم اعلامي على جرائمه في دولكم لأن الدول العربية كانت مؤيدة لصدام في حربه ضد ايران، يتحدث الشاعر الاسلامي السعودي الكبير (عبدالرحمن العشماوي) في ندوة شعرية مسجلة عن قصيدتين له كتبهما عن معاناة الكورد في فترة الثمانينات إحداهما عن حلبجة والأخرى تحت عنوان (نداء من طفلة كوردية)، ولكنه يقول متأسفا أن القصيدتين لم تجدا طريقهما الى النشر.. وهكذا كانت كل الأصوات العربية والاسلامية المخلصة التي تريد أن تتكلم وتأبى أن تسكت عن هذه الجرائم تتعرض لتعتيم إعلامي يحجب صداها.
وأقول أخيرا أنا لا أتحدث عن مصير صدام، فهو الان بين يدي الله سبحانه وتعالى وهو وحده العالم بمصيره ولا نستطيع نحن الحكم بشىء، ولكن هذه هي أعماله في الدنيا وملايين العراقيين من أهل السنة قبل الشيعة يشهدون عليه ويذكرونه بسوء ولم يروا فيه وفي عهده خيرا سوى الحروب والدماء والقتل. وعن إعدامه في عيد الأضحى أُشهد الله وأشهدكم أنني كما أغلب الشعب الكردي تأسفت على توقيت الاعدام، أقول على توقيت الاعدام لأنني كنت مع إعدامه مئة بالمئة ليأخذ جزءا من عقوبته في الدنيا على ما قتل من العراقيين.
أرجو أن أكون قد أزلت الغبار بعض الشىء عن الحقيقة الغائبة عنكم، ولعل البعض منكم لا يكابر ويعترف بالحق.. ولكن من المؤكد أن الكثيرين لا تؤثر فيهم هذه الكلمات ولا غيرها من الحقائق، لأنهم لا يفهمون ولا يريدون أن يفهمون وصار عدم الفهم عندهم فهماً فمهما حاولت إفهامهم فلن يفهموا لأنهم قرروا أن لا يفهموا حتى وإن فهموا فإنهم لا يفهمون كيف فهموا فلا يعترفون بفهمهم ويكابرون وينكرون ويجحدون ويناقشون وهم لا يعقلون ولا هم يحزنون..!!
هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم.. فأنا ضد الظلم إن صدر من صدام السني، أو بشار العلوي، أو بوش المسيحي، أو شارون اليهودي، أو فلان الكردي، أو علان التركي أو الفارسي أو أي شخص آخر.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد
التعليقات (0)