أجدادنا لم يشبعوا من الطماطة! العراقيين الذين کان صدام حسين نفسه يسميهم أحفاد آشوربانيبال و حمورابي و نبوخذنصر، لم يکونوا يشبعون من الطماطة، وجاء العهد الميمون لحزب البعث ليشبعهم بفضل اموال البترول العراقي النازفة کجرح لايندمل(ولازال کذلك) من الطماطة ومن الدجاج البرازيلي المجمد و الموز و الرز الامريکي و الفيتنامي. صدام حسين قام فعلا"ببرکة أموال العراق النفطية" بتوفير مختلف المستلزمات للعراقيين و جعلهم يسافرون للدول الغربية متمخترين و منتفخين کالديکة الرومية زهوا و فخرا، ولم يفکر أحد منهم بالبقاء هناك و طلب اللجوء السياسي، وانما کانوا يقفلون راجعين الى"أرض الخير".
شبع العراقيون فعلا من الطماطة و الرز و الدجاج و جرت الاموال بين أياديهم"کالرز"کما يقول أخواننا الجدعان المصريين، لکنهم وهم في غمرة إلتهام الطماطة و نهش أفخاذ الدجاج بأنيابهم و النوم في ظل مکيفات الهواء، وإذا بهم يمشون للحرب مثل"عاشق يدافع من أجل محبوبته"، ذلك أنهم قاموا قبل الحرب بفترة قصيرة جدا بإسترجاح(زين القوس و خضره و هيله بين يوم و ليلة) ومعها أيضا عاد شط العرب کله للعراق، عندما قام الرئيس الذهبي(کما وصفته مجموعة من الفتيات الکوردية في نشيد کوردي أثار جدلا بين الکورد وقتها، هذا بعد أن کان مطرب آخر قد سبقهن ليصف کلام الرئيس بالذهب)، بتمزيق معاهدة 6 آذار التي وقعها في الجزائر مع شاه إيران الراحل. مشى العراقيون للحرب وهم يردوون"الله أکبر للنصر خطواتنا"و"هذا القائد قائدنا يانور العين"، يومها، وقد کان العراق يمتلك أحتياطيا من الاموال الصعبة قدر في حينه بأکثر من 35 مليارد دولار، بالاضافة الى تلك الرهبة الکبيرة التي صنعها صدام للعراق في عيون العرب بشکل عام وفي أعين و قلوب القادة و الزعماء العرب بشکل خاص، ورويدا رويدا، بدأت الطماطة تتدلل و تتغنج أکثر أمام العراقيين، حتى وصل الامر بها"أي الطماطة"، أن تشح او تفتقدها الاسواق العراقية ليعود العراقيون کأجدادهم ليعانوا فترات متقطعة من عدم الشبع من الطماطة! لکن الامر لم يقتصر على الطماطة لوحدها، وانما شملت تلك المواد الاخرى التي کان الرئيس الاسبق قد وفرها، وصار هناك وضع جديد على العراقيين، لکنهم و بالاستمداد و الالهام من أجدادهم تمکنوا من التأقلم معه. غير ان الکارثة التي حلت على العراق و العراقيين في معضلة الحرب مع إيران، لم تقف عند هذا الحد، وانما أنجبت القادسية الثانية قادسية صغيرة أخرى کانت وطأتها أکبر و أعنف من کلتا القادسيتين(قادسية سعد أبن الوقاص و قادسية صدام حسين)مجتمعتين معا، هذه القادسية الدلوعة التي أعادت الفرع للأصل و أضافت محافظة جديدة للعراق، مازالت مستمرة لحد الان ومازالت ظلالها السوداء مخيمة على کل أرجاء العراق ماعدا بيوت و عوائل قادة العراق الجديد(يحفظهم الله تعالى من کل قانون و دستور حقيقي)، وبعد هذه القادسية شاء القائد الضرورة أن يکرم العراقيين الاماجد بعروسين أقصد حربين آخرين لم يسلم ولو عراقي واحد منها"بريشاته"، واختفت الطماطة و کل أخواتها و ملحقاتها ليحل محلها اولئك العراقيين الغيورين الذين أنقذوا بلدهم من براثن البعث الفاسد و إستبداد صدام حسين، هؤلاء الابطال الجدد الذين أبلوا بلائا حسنا و أثبتوا أنهم بحق أبناء العراق و من سابع المستحيلات أن يخونوا الامانة مع شعبه خصوصا وانهم قد عانوا شظف العيش في ديار الغربة و في الکهوف و الاهوار و الجبال وهم يناضلون من أجل غد مشرق جديد للعراق(کما کانوا ينادون ليلا و نهارا)، بفضلهم و بفضل رشادتهم و سداد رأيهم و حصافة توجهاتهم و خلوص نيتهم، أنعموا على العراق بعهد جديد جديد جديد بحيث أنه لايناله القدم أبدا، هو جديد يتجدد ومع کل تجديد يتقدم، صحيح أنه يتقدم ببطأ لکنه يتقدم لأنه(من کان تشوه و کان يموت بطيئا، فليتقدم)، والشعب العراقي اليوم کله يتقدم بهذه الطريقة والحمدلله باتت الطماطة مرة أخرى تغزو الاسواق العراقية الى جانب الموبايل و المخدارت و المجلات الخليعة و دروس التفقه في أصول کراهية و قتل الشيعي للسني وبالعکس و العديد من الاتجاهات و الافکار السياسية و الفکرية الاغرب من الغريبة، ولم نعد نتحسر على صدام حسين القائد الضرورة، ذلك أن العراق الجديد قد أنجب ليس العشرات وانما المئات من صدام حسين وکل صدام جديد يضم تحت أباطه لفة و جوقة صداديم جدد وهل جرا، والاروع من کل ذلك(والاجدر بنبيل شعيل أن کان يغني ماأروعك لصداديم العراق الجديد)، أن لکل صدام حسين والحمدلله ثروة ضخمة إقتطعها لنفسه و ذريته المبارکة من أموال آبائه و أجداده المباحة من بيع البترول العراقي المغلوب على أمره، وهکذا، فإن عهد صدام حسين الذي أشبع العراقيين الطماطة قد ولى الى الابد ليحل محله عهد محرري العراق الذين جعلوا الشعب العراقي يرى الشئ و نقيضه في آن واحد، عهد حفل بأحداث و قضايا تجاوزت کل الحدود المألوفة بل أنها کانت بسياق لم يتوقعه او يراه العراقي حتى في الاحلام ، عهد الرقص على أنغام العملية السياسية الفريدة من نوعها و شکلها والتي يغني فيها المتدين الى جانب الملحد و العربي الى جوار الکوردي و الترکماني و الکلدوآثوري، غناء لايتطلب أي جودة او اتقان في الاداء المهم هو أن تصدر صوتا ولايهم أن کان صوتا أصيلا أم زعيقا أم صراخا أم ثغائا أو أي شئ آخر المهم أن يکون هناك صوتا، عهد ترى فيه السني الى جانب الشيعي وهما يذبحان بعضهما البعض و ينتشيان بفعلتهما نشوة و طربا(وصدق من قال ومن الحب ماقتل)، هذا العهد بإختصار ياسادة ياکرام هو عهد باعة المسابح و الخواتم التي تجلب الحظ و عهد قرائي الکف و فتاحي الفال و طاردي الجن و الشياطين، هو عهد اولئك الذين جائوا حفاة عراة للعراق و صاروا اليوم من أصحاب المليارات، هو عهد اولئك الذين وطئت أقدامهم أرض وطنهم وهم ينتعلون الاحذية المطاطية و البلاستيکية و لم يکمل العديد منهم حتى الدراسة الابتدائية و، صاروا اليوم أصحاب رٶوس أموال و شرکات و مصالح و شهادات عليا لينتهي بهم الامر في السيطرة على مقدرات شعب بأکمله، هذا العهد وبإختصار شديد جدا جدا، هو عهد "هربجي، هربجي کورد و عرب رمز الفساد"!!
التعليقات (0)