مواضيع اليوم

صدام، أمريكا والعراق: قراءة محايدة..خلاصة منحازة

إدريس الهبري

2009-02-24 09:56:27

0

أمام محكمة عراقية مائة بالمائة، و مستقلة عن أية طغوط مائة بالمائة، و بقيادة قضاة عراقيين نزهاء و مستقلون و غير طائفيين، و بحضور هيأة ادعاء تنشد العدالة ولاشيء غيرالعدالة، و بمساندة هيأة دفاع وفرت لها جميع الإمكانات والضمانات و الحماية الكاملة، و بتوافر شهود إثبات لم يشاركوا في اغتيال رئيس الدولة آنذاك، في ظل هذا كله حوكم صدام حسين و صدر في حقه الحكم بالإعدام شنقا حتى الموت تلبية لمناه الموت رميا بالرصاص...لم تتدخل أمريكا بل بدلت قصارى جهودها لضمان محاكمة مستقلة نزيهة و شفافة، و كان ذلك جليا للعيان... لم تتدخل الحكومة العراقية الشرعية المستمدة من الإرادة الحرة للشعب العراقي الحر الطليق...و من يرى غير ذلك له حق أن يشرب من البحر، أو ينطح رأسه مع الحائط، أو يصب ماء باردا على بطنه، و بالعامية المغربية ((يكب الما على كرشه))...
لن أنجر إلى الربط بين توقيت صدور الحكم و الانتخابات الأمريكية الأخيرة كما لن أنجر إلى الربط بين نتائج هذه الأخيرة و ما يجري في العراق، لأن ذلك يتطلب توفر قدرة فائقة على تحليل الأحداث و قراءتها بما يخدم التوجه العام والإجماع الحاصل حول المسألة، و هذا ما أروم افتقاده عن سوء نية مبيتة، و اتقاء لمرضاة نهم القارئ أو المشاهد أو المستمع الذي لا يمكن وصفه في نهاية المطاف بغير المستهلك للجاهز المعلب و غير المعلب...
من مع إعدام صدام الطاغية الدكتاتور المستبد المجرم الذي قض مضاجع الشيعة والأكراد ؟؟؟...و من ضد شنق الرئيس صدام حسين القائد القومي العروبي الذي ناهض التطلعات و الطموحات الأمريكية بمنطقة الخليج و ضرب إسرائيل بالصواريخ؟؟؟...من بإمكانه أن يتخندق خارج هذين الخندقين؟؟؟...من مع الإرهاب و من ضده؟؟؟...من مع الاحتلال و من ضده؟؟؟...من مع الاستقلال و من ضده؟؟؟...من مع توحيد العراق و من ضده ؟؟؟...من مع التقسيم و من ضده؟؟؟...من مع صدام و من ضده؟؟؟...
إذا كتب عليك أن تختار ما بين أحد الخيارين، فلا تختار أن تكون مع صدام لأنك سوف تتهم بمساندتك للدكتاتورية و الاستبداد و ترتكب إهانة ما بعدها إهانة في حق شيعة العراق و أكراده...و إذا كتب عليك أن تختار ما بين أحد الخيارين، فلا تختار أن تكون ضد صدام لأنك حينئذ سوف تتهم بعمالتك للمشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة و خيانتك للوطن و العروبة و ترتكب جريمة لا تغتفر في حق السنة والبعثيين...
اختر ما بين أن تكون مع أمريكا أو ضدها، لأنك باختيارك أحد الخيارين تكون قد أسقطت القناع عن وجه اللعبة، و وفرت لنفسك الوقت لتدافع عن اختيارك هذا...أن تكون مع أمريكا يعني من دون أدنى حرج أو خجل أن تكون مع مشروع الحرية والديمقراطية الذي جاءت به للعراق و المنطقة...و أن تكون ضد أمريكا يعني أن تكون ضد المصالح الأمريكية بالمنطقة، و أن تكون سدا منيعا أمام بلوغها لأهدافها القذرة، و أن تمنعها من وضع يدها على مقدرات العراق و المنطقة برمتها، و أن تحرر شعبا بكامله من الاحتلال...
لكنك لن تحتار حين أخيرك ما بين الحياة و الموت...الحياة قد تعني موت صدام كما قد تعني موت أمريكا، أقصد نهاية الاحتلال...و الموت قد تعني عودة صدام كما قد تعني بقاء أمريكا...لكن العراقي في كلتا الحالتين سوف يختار الحياة و لو على حساب موت نفس العراقي الذي قد يكون سنيا حين يكون المترصد له شيعيا أو كرديا، كما قد يكون كرديا أو شيعيا حين يكون متعقبه سنيا...
و فرق كبير ما بين أن تموت من أجل وحدة الوطن و توحده، و أن تموت من أجل تمزيقه و تقسيمه و بلقنته...فرق شاسع ما بين أن تحيى في سبيل حيازة إقليمك المؤسس على امتدادك الطائفي المذهبي العقائدي أو العرقي و ما بين أن تحيى في سبيل حيازتك للعراق كل العراق في بعده القومي العربي الإسلامي...
من قلب الموت اليومي للحياة في شوارع و أزقة و أسواق و مساجد و سجون العراق ينبعث السؤال اليومي: لمن يموت العراق كل يوم؟؟؟...و من قلب الحياة المستمرة للاحتلال ينبعث السؤال المرادف: لمن يحيى العراق كل يوم؟؟؟...
خلاصة منحازة:
أنا ضد محاكمة و إعدام صدام حسين
أنا ضد أمريكا
أنا ضد تقسيم العراق و تمزيقه
أنا مع استقلال العراق
أنا مع وحدة العراق
أنا مع المقاومة الحقيقية للاحتلال
أنا لست محايدا
و من لم يرقه ما ذهبت إليه فليتهمني بأني عربي قومي حتى النخاع، شريف حتى النخاع، تحرري حتى النخاع، وليحاكمني على الجرائم التي ارتكبت في حق الخيانة والعمالة و الاحتلال...




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !