مواضيع اليوم

صح فطوركم في الجزائر

هـنــد بن كحيلة

2009-09-07 18:51:31

0

الكل في الجزائر يشم رائحة رمضان بطريقته الخاصة البعض يتذكره من خلال طبق رمضاني ما قد يكون طُبخ عرضاً في إحدى الليالي،

البعض الآخر يشم رائحته لدى مروره من أمام محل لبيع الحلويات التقليدية “الزلابية ” خاصةً وهي الحلوى التي تصاحب لياليه الثلاثين رفقة “قلب اللوز” والقطايف وأصابع العروس وغيرها من الحلويات، وتذكر الزلابية في رمضان لا يعني أنها غير وجودة في غيره من الشهور ولكن لكون الكثير من المحلات التجارية تغير نشاطها خلال شهر رمضان الفضيل بأن تتحول لمحال لصنع هذه الحلويات الأمر الذي يجلب التهكم لهذه المحلات من طرف الكثيرين كرسامي الكاريكاتير الذين يجدون فيهم مادة دسمة تسيل وتخربش الكثير من الأوراق خلال هذا الشهر فيقومون برسم هذه المحال التي تتناقض فيها تسمية المحلات التجارية بما يقدمه من حلويات كأن يكون إسم المحل ” إسكافي نور ومهند” وصاحبه الذي لا يمت لأي صلة لمهند غارق “لشوشته ” في تعسيل زلابيته محاولا جهده إرغامها على شفط الكم الكافي من العسل.

لكن الجميع يحسون برمضان بانتهاء شهر شعبان وهم الذين كانوا قد صامو معظم أيامه اجتهاداً وتحضراً لأيام رمضان المباركة التي تفوح حسنات وتزخر بالخيرات الجزيلة.فتكثر التدابير وتعلو الأفكار الجميلة وتتلون البيوت بجديد الفرش والأواني وتفوح فيها نسائم الذكر والقرآن الكريم.

رغم أن الشهر شهر عبادة وتذكر وتراحم وصدقة فإن التحضيرات له تتجاوز كل هذا لتنحصر في التحضير لأطباقه التي يذيع صيتها ويعلو شأنها فيه فتبدأ ربات البيوت بتحضير “الفريك” وهو عبارة عن قمح أخضر كان قد حُصد قبل اصفراراه فيُحرق ويصفى ويطحن في مطاحن المدينة أو تطحنه حرائر جزائريات يملكن المطحنة الصخرية التقليدية ليصير مادة تكون القلب النابض لشربة الفريك التي تصاحب موائد الإفطار الجزائرية وبخاصة في شرق البلاد ووسطه لأن الغرب الجزائري ينفردون بشربة الحريرة وهي مزيج لخضار وحبوب معينة تطبخ بعناية تامة لتمزج في الأخير وتقدم كحساء ساخن يكون بداية لإفطار شهي لا محالة.

الأطباق المصاحبة لشربة الفريك تتعدد لا محالة ولكن الزائر للعائلات الجزائرية خلال هذا الشهر يجزم بأنهم جميعاً اتفقوا على لائحة طعام واحدة لأن طبق الكفتة والجلبانة )البازلاء( وطجين الزيتون الأخضر باللحم وكذا محاشي الخضار بأنواعها والسلطة المشوية ستكون سيدة المائدة إضافة إلى “طجين اللحم الحلو” وهو طبق ذو مرق حلو كالعسل والمدهش أنه يطبخ باللحم والبرقوق والفواكه المجففة على غرار الزبيب والأناناس والتفاح والسفرجل.أما الحديث عن “البوراك” فيستدعي جلسة طويلة طول قائمة مكوناته التي تشتمل على كل ما هو لذيذ ونافع إذ يحضر هذا الطبق الذي يشبه “السمبوسة” باللحوم بأنواعها والخضار والأجبان ولكل ربة بيت الخيار في تحضيره حسب رغبتها. في حين تجمع هذه المكونات على أوراقه التي تسمى “الديول” أو “الخطفة” وقد سميت كذلك نسبة لخطف العجينة اللينة على سطح نحاسي ساخن تتكون عن طريقه هذه الأوراق الشفافة التي تشكل المادة الأولية للبوراك ويصاحب هذا الطبق شربة الفريك التي يحلو للجميع أكلهما مجتمعين.

أما السلطات فتحتل سلطة “الماسيدوان” السبق مرافقة مع السلطات الأخرى إضافة إلى التمر واللبن والمشروبات والعصائر الأكثر من ضرورية في مائدة هذا الشهر الكريم.

ولوجبة السحور القدر الوافي من الاهتمام أيضاً لدى الجزائريين إذ يتفقون على تناول طبق “المسفوف” وهو كسكسي صغير الحجم ينضج بالبخار ويسقى بالزبدة الطبيعية والسكر والزبيب مصاحبا باللبن الرائب وبعض الفواكه والمكسرات.

ويتعارف الجزائريين في هذا الشهر على ترديد كلمة “صح رمضانك” كتهنئة بحلول هذا الشهر و”صح فطورك” و “صح سحورك” والتي تكون عقب تناول وجبتي رمضان أما أغلب الحديث فيكون بالدرجة الأولى عن أطباق اليوم ومقترحات السفرات في حين يغلب الكلام عن عدد الختمات وعدد الليالي التي قامها صاحبها إيماناً واحتساباً وطمعاً في الغفران.

وللمعارك والهفوات وحتى الجرائم في هذا الشهر القدر الكبير من التردد فيغلب أيضاً مصطلح ” غلبو رمضان” أو “غلبها رمضان” لكل من سهى أو نسي أو تسبب في عراك ما لأن الجميع يلقي بأعذاره وأخطائه وأعصابه أيضاً على شماعة شهر رمضان الكريم الذي لا يمت بصلة لما يقترفه هؤلاء وخاصة من يقعون تحت طائلة إدمان السجائر والقهوة.وهي الانطباعات التي تعطي وياللأسف بأن هذا الشهرالكريم لا يزال لدى السواد الأعظم ملتقى الأطباق وتنوع الأرزاق وقطع الأعناق حتى!!!


بقلم هند بن كحيلة

الجزائر بتاريخ :06-09-2009 الموافق 16 رمضان 1430هـ

 

 





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !