قد تكون صورة ذلك الشخص المدني المسلح بخنجر معقوف وبندقية ملقاة على كتفه باهمال هي اكثر بكثير مما كان يتمنى الرئيس علي عبد الله صالح ان تتصدر وسائل الاعلام العربية والاجنبية.. فمثل هذه الصورة العجائبية التي تمثل المقاتل القبلي الذي لم يمنع تضرج نصف وجهه بالدماء الغزيرة ان يبقى محتفظا بكتلة ضخمة من القات المشبع مضغا وتدويرا في النصف الآخر من فمه شبه الذاهل ونصف المبتسم امام الكاميرا قد تمثل اقصى ما كان النظام يتوسل تسويقه على الرأي العام العالمي..
فمثل هذه الصور تقدم للرئيس ما لم يكن يحلم به من دعم لصورته كصمام امان وحيد قادر على نزع فتيل حرب اهلية قد تدور رحاها وسط عشرات الملايين من قطع الاسلحة مختلفة الانواع والاحجام والقدرة على الفتك يحمي وطيسها قبائل وفئات ومشارب وتوجهات ما فتأ النظام يراهن على تناقضاتها وتقاطعاتها كسبيل لادامة تموضعه على سدة الحكم..
رغم الاعلان عن الهدنة..فان كل من اطراف النزاع..ان كان من القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح او المؤيدة للشيخ الاحمر قد نجحتا في انجاز مهمتهما المخطط لها سلفا في ادخال البلاد في غيابة النفق الطويل الذي كان الرئيس يتحايل في دفع قوى الثورة الشعبية نحو ولوج منزلقاته والتيه في منعرجاته المعتمة ..نفق الاقتتال الذي يعد اقرب الطروحات الرسمية الى الثبات في الخطاب الرسمي العربي كاسوأ سيناريو متوقع لمرحلة ما بعد الحاكم في الانظمة العربية الآيلة الى السقوط..
اقتتال يعد بمثابة طرح علني وتذكير مستمر بخدمات النظام المفترضة في ضبط الاوضاع الداخلية ووجهوده في الحرب على الارهاب واياديه البيضاء التي لطالما تغاضى الغرب عن احمرارها وتخويف ممنهج من اعادة انتاج متكررة للارضيات المبشرة بتناسل التنظيمات الارهابية في ارض اليمن السعيد المملوء بالمخابئ والجحور ..
من الخطأ النظر الى الامر كمحاولة من الرئيس لاخضاع النفوذ القبلي او انه كان نتيجة لاحتكاك عرضي بقدر ما هو معبر عن التشبث الرسمي المستميت تجاه ما تقدمه هكذا تفلتات امنية من فرص واعدة ومؤملة بفوضى عارمة قد تكون غطاءً ملائما لتنفيذ بعض الاغتيالات السياسية التي تدخل البلاد في مرحلة جديدة من العنف المسلح من الممكن ان تكون اقصى ما يطمح اليه الرئيس ..مرحلة قد تكون اكثر من متمناة لتجنيب النظام استحقاقات الصدام النهائي الحاسم مع قوى الثورة الشعبية و قطع تام للطريق الذي قد يوصلها الى اهدافها المشروعة في الدولة المدنية الحرة الحديثة ..مرحلة يحصر الصراع فيها ما بين القوى المناهضة للحرية وحقوق الانسان مع وجود امكانيات عالية للتفاهم فيما بين تلك القوى على قاعدة اقتسام الاسلاب المتبعة لحد الان وبنجاح في الارض اليمنية وعن طريق نفس طرفي الصدامات الاخيرة..
ان الرهان الان على قوى الشعب الثورية وطلائعها المناضلة في الحفاظ على سلمية الثورة وافشال المخططات المجرمة للرئيس صالح في احراق المنطقة تمهيدا لجر البلاد الى اتون الحرب الاهلية التي من المفيد ان نذكر باستمرار التلويح الرسمي بها كخيار قوي ومحتمل حتى قبيل اندلاع الاحداث الاخيرة مما قد يشير الى ترتيب مسبق بين بعض عناصر الازمة لانتاج هذا الواقع المؤلم والخارج عن سياقات الثورة الشعبية في اليمن..
ان صمود الشارع اليمني وتمسكه بزخم وسلمية الشعارات الثورية الداعية الى الوحدة الوطنية وبناء الدولة المدنية هو الخط الدفاعي الاخير للحرية وآخر قلاع الثورات العربية المباركة تجاه قوى الثورة المضادة..ونصر الثورة في اليمن والفتح القريب انشاء الله في سوريا البطولة والصمود سيكون بداية اقرب الى الانجاز لسقوط نظام الحكم العائلي المغلق المستبد في عموم المنطقة..وهذا الامل هو ما يجعل افئدة جميع الاحرار تهوي الى ساحات التغيير في اليمن بالدعم والدعاء بالنصر والتمكين..فصبر ساعة يا اهل اليمن..صبر ساعة وثبات وصمود على القيم والمبادئ السامية التي يحملها حراككم العظيم..واصرار على سلمية الثورة التي اكتسبتم بها احترام وتقدير العالم الحروالقوى المحبة للسلام..هو السبيل الوحيد لتحقيق تطلعات وطموحات الشعب اليمني العظيم.. وكل الاحلام والآمال التي استودعتكم اياها الشعوب العربية الحرة..
التعليقات (0)