بقلم حسن لمريس,
صباح الخير أيها الوطن الصامد في وجه الأعداء,أنا أعلم حالك وأحس بما تحس به وأنا أبنك وأنت أبي ,صحيح أنني لم أقسى عليك يوما أكثر ما قسيت علي,أعرف أن أصحاب البدلات وربطات العنق سلبوك ونهبوك وجعلوك فقيرا معدما,لم يكترثوا لصرخاتك المؤلمة التي تطلقها من حين لأخر, لكن إلى متى الصبر يا أبي ؟
أبناؤك يا وطني يفضلون سماع صوت الموسيقى,يتجاهلون أصوت صراخك وصور جراحك,أنا أيضا لا أنام بالليل مثلك,أخشى أن يصيبني الجنون,أو تأتيني الأشباح بعد منتصف الليل وتنسيني عنك,أفضل الجلوس قرب الشاطئ وشرب كأسين أو ثلاثة أو قنينة كاملة,حتى أمواج البحر تناديني كي ترسلني بعيدا عنك,عندما تشرق الشمس يستيقظ اللصوص,الكثير منهم يمرون أمامي,كم يتمنون أن تموت يا وطني أو يتوقف قلبك فجأة؟
حتى الطيور لم تعد تهاجر ولم تعد تغرد,ربما أحست بهم يرغبون في تدميرك,حتى الأشجار قلقة على نفسها رغم أنها واقفة وشامخة,البحر أيضا اشتكى لي بهم وأبلغني أنهم يسرقوه يوميا وتحت أنظار أمواجه العاتية,الغزلان والخنازير لم أراها منذ مدة ربما هربت إلى مكان بعيد خشية موتها,وحدها الحمير المتشردة التي أسمع نهيقها في الصباح والمساء,هي أيضا تفكر في الرحيل, ليس لهم قلب يا وطني إنهم سفاكون للدماء,عندما كنت صغيرا كنت أخشى عليك من الكائنات الفضائية,لأنها لا تجيد اللغة العربية,فكيف لي أن أقول لها أنك مسالم ومتسامح؟مرت السنوات ولم تنزل تلك المخلوقات الفضائية...لكن خرجت لنا من الأرض كائنات أخرى أشد فتكا من التي كنا نخشاها؟؟
تمنيت لو ضرب زلزال مدمر كهوف وأوكار هذه الكائنات المتوحشة التي تأكل لحم جسدك وأنت حي,تمتص دمائك مثل خفافيش الظلام,الناموس أيضا لم يجد دماء في أجسادنا فقرر أن يستسلم للموت,حتى الأمطار غابت عنا مدة كبيرة وعندما عادت وجدت الإسمنت مرميا في الحقول ومن شدة الحزن انفجرت فيضانات وسيول جارفة وكادت تقتل كل شيء,آه..يا وطني أنسيت يوم كان علمك يرفرف في عواصم العالم,وكانت شعوبها تنحني برؤوسها حتى أسفل قدميها احتراما لك ولأمجادك التي كان أبناؤك يرفعونها عاليا...ليت أعداؤك يموتون هذه الليلة,نعم,أنا لا أنكر أن أبناؤك الذين عوض أن ينظروا إليك بعين الرحمة,تركوك لوحدك وجها لوجه تواجه الوحوش المفترسة ربما عندما تموت يا وطني لن يكفيهم الندم ولا البكاء بدموع من الدم ,سوف يصبحون أيتام ويتشردون لأنك أنت الأب والأم والبيت في نفس الوقت,أخشى أن يخطفوني من سريري بالليل فيزجون بي في زنازين السجن الأرضي ويعذبونني ويتهمونني بتهم ما أنزل بها الله من سلطان,أخاف عليك يا وطني فهذه الوحوش ماكرة وتملك أنياب قاتلة وأسنان طاحنة.
هل تعلم يا وطني أنني أعيش واقفا بعناية الله وحدها !! ربما سأموت قبلك وربما لن يشترى لي أحد قبرا, وسيرمونني في إحدى المزابل وستأكلني الديدان,يا ترى هل كل الأوطان تشبهك في الصبر والصمود وفي الصمت؟نعم,أعرف أن هناك أوطانا لا تقوى على الصبر فتثور على أعدائها,لكن هي لها أعداء في الخارج فقط,أما أنت ففي الداخل والخارج,مسكين أنت يا وطني اجتمعت في جسدك جميع الفيروسات الخبيثة,حتى أطباء العالم لن يجدوا لها علاجا,عجبت لوقوفك صامدا كل هذه السنوات التي مرت,ربما انقرضت الديناصورات في العالم لكنها ما تزال تعيش معنا يا وطني,هي لا تطير مثل النسور لكنها تخطف منا القوت الذي نعيش به,سحقا,إنها تخطفه من أفواهنا يوميا من دون أن نحرك ساكنا,أصبحت لها معدة كبيرة وبطونها أكبر مما تتصور يا وطني,لا تشبع من الأكل,أخاف أن تأكلنا نحن أيضا,ربما أقترب موعد شروق الشمس,وأنا جد مسرور بالتحدث معك يا وطني,في الحقيقة لا أجد راحتي مع أحد سواك,الجميع يعتبرونني أحمقا ومجنونا,يثرثر كثيرا,لكنني لا أبالي بما يقولون عني,يتآمرون فيما بينهم من أجل إسكاتي,قليلا ما أضحك وما زلت أتذكر أخر يوم ضحكت فيه عندما سمعت أن ديناصورا مات,لم أمتلك نفسي وانفجرت ضاحكا بينما الآخرون سيطر عليهم الحزن والبكاء,حسنا, يا وطني سوف أودعك -وأنا حزين -في أمل اللقاء بك في نفس المكان,متمنيا أن أعود وأجدك في حالة جيدة...فصبرا يا وطني...
التعليقات (0)