مواضيع اليوم

صباح الخير يا مصر.

محمد مغوتي

2011-02-12 13:23:13

0

    كنت دائما مؤمنا بأن الحقوق تؤخذ غلابا، و أن الشعوب هي التي تصنع مصائرها، غير أني لم أكن أتصور على المدى القريب إمكانية للتغيير في هذه المجتمعات التي يصطلح على تسميتها ب" العربية"... لكن، و بدون سابق إنذار فاجأ التونسيون العالم عندما فجروا ثورة انتهت بإسقاط النظام. و تحولت الثورة التونسية إلى لحن عذب ألهب حماسة الشعوب... التقط المصريون المشعل بعد ذلك باحترافية شديدة لينيروا به ساحة التحرير و سط القاهرة على مدى 18 يوما، أثثوا خلالها الفضاء الإعلامي بأناشيد الغضب، و نشروا رائحة الثورة العبقة في كل البيوت. و كان ذلك كفيلا بإسقاط أحد أكبر عتاة الديكتاتورية في العالم.
    إنه موسم أفول الأصنام. وبعد سقوط بن علي و مبارك يبدو أن لسان حال الجميع يردد بلهجة مصرية : " اللي بعدو!!!. ". لكن رحيل مبارك عن السلطة في مصر قد لا يوازيه إنجاز آخر في المنطقة بالنظر إلى مكانة أرض الكنانة في المعادلات السياسية في الشرق الأوسط. و لابد أن غدا جديدا ينتظر هذا البلد و أبناءه الذين أثبتوا للعالم أنهم قادرون على تحدي الجبروت و الظلم. سقط مبارك و انتصر الشعب. و ذلك هو منطق الحياة الذي حاول الرئيس السابق تجاهله أو تناسيه، ربما لأنه لم يضع في حساباته أبدا أن الشعب يستطيع إسقاط النظام. مبارك الذي اختار أن يصنع ديموقراطية جديدة يتداول بموجبها السلطة مع الموت ( كغيره من زعماء الجمهوريات الملكية في العالم العربي)، وجد نفسه أمام مارد الشباب المصري الذي خرج من قمقم الصمت و الذل و الهوان، ليكتب فصولا جديدة في تاريخ شعب يفتخر بجذوره الفرعونية الضاربة في أعماق التاريخ. و هكذا استطاع أحفاد الفراعنة أن يثبتوا أن مصر ليست عجوزا فقدت القدرة على الإنجاب، بل إن شبابها الهادر رفع رأسها عاليا، و استطاع أن يسقط بجدارة " دولة العواجيز" ( كما سماها الشاعر عبد الرحمان الأبنودي في قصيدة الميدان التي تغني بأبطال ميدان التحرير)...
    على مدار ثلاثين سنة عاش الشعب المصري كبتا حقيقيا في ظل حالة طوارئ مزمنة، بدت و كأنها قد نجحت في تدجينه و تحويله إلى قطعة أثرية جامدة وصامتة، تماما مثل آثار الحضارة الفرعونية التي يزخر بها تراب مصر. و خلال هذه الفترة ظل المصريون يرددون شعارات فارغة عن الأبهة و العزة و الكرامة و الزعامة، و حاولوا أن ينفسوا عن الضيق الداخلي بترديد سمفونية: " مصر أم الدنيا ". لكنهم اليوم أكدوا أنها كذلك. و هذه المرة لم يكن الأمر مجرد قول، بل تحول إلى فعل يشهد به العالم. و ستحتفظ دفاتر التاريخ للأجيال القادمة بذكريات أول " ثورة إلكترونية" أبدعها شباب " الفيسبوك " و شاركت فيها كل فئات المجتمع المصري في التحام جماهيري غير مسبوق تم توثيقه بالصوت و الصورة لحظة بلحظة. و سيظل تاريخ 11 فبراير شاهدا على نهاية مرحلة قاتمة من تاريخ مصر التي تتطلع إلى فجر جديد اختار شباب الميدان أن يصنعوه، و هم حتما قادرون على الحفاظ على مكتسبات الثورة لأنهم أكدوا أنهم أكثر إصرارا على تحقيق مطالبهم و تغلبوا على رئيس بدرجة "دكتوراه في العناد".
    انتهت صلاحية مبارك بقرار من الشعب الذي اختار مصيره بنفسه، و كذب نظرية المؤامرة و الأيادي الخارجية ... سقط الطاغية. و في انتظار سقوط ثقافة الطغيان، هنيئا لمصر و أبنائها هذا الصباح الجديد.
             محمد مغوتي. 12/02/2011.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !