مواضيع اليوم

شيعـة المغـرب يمارسـون طقوسهـم وفقـا لمبـدأ التقيـة

شريف هزاع

2010-01-19 23:55:06

0

 
      دأب المغاربة جميعهم الاحتفاء بذكرى عاشوراء كتعبير عن حبهم وتعلقهم الكبير بآل البيت، وتحتفل ضمنهم الطوائف الشيعية في المغرب، من مبدأ أن احتفالات عاشوراء هي احتفالات تخص عموم المواطنين المغاربة، ولذلك يحرص المغاربة على استقبال ليلة عاشوراء بليلة "الشعالة"، إشعال نيران ضخمة في الساحات العمومية بالبوادي والمدن، يحيط بها الأطفال والنساء، حيث يشرع في القفز فوقها، بل إن البعض يشعلون النار في أفنية منازلهم ويأخذون في الدوران حولها وهم يطبلون ويزمرون ويغنـون، بأهازيج، تتغنى بعاشوراء كشخص متوفى، كـ: "عاشوري عاشوري.. عليك نطلق شعوري" و"هذا عاشور ما علينا الحكام أللا... عيد الميلود كي يحكموا الرجال أللا..." وتصحب هذه الأهازيج بأدوات موسيقية من قبل النساء والفتيات أيام زمان، ويؤكد العديد من الذين دأبوا الاحتفال طبقا لهذه الطقوس أنها عادات مورثة قديما عن الآباء والأجداد، يتشبثون بها ما دامت لا تتناقض ومبادئ الدين الإسلامي.
    والحق أن مثل هذه الطقوس هي شبيهة إلى حد بعيد بطقوس تعذيب الذات لدى الشيعة، لكن المغاربة ظلوا يحتفلون بها وضمنهم الطوائف الشيعية دون أن تسجل اصطدامات السلطات المغاربة مع شيعة المغرب لمنعهم من القيام بطقوسهم وعاداتها، واستمرت احتفالاتهم هذه السنة دون أي أن تتدخل أجهزة الدولة لمنع ذلك، رغم إعلان المغرب الحرب على كل مظاهر التشيع، وذلك على خلفية توتر علاقات المملكة وجمهورية إيران، وصلت حد قطع علاقاتهما الدبلوماسية، على خلفية اتهام السفارة الإيرانية بالضلوع في ممارسة أنشطة تبشر بالمذهب الشيعي، وتهدف إلى النيل من المذهب السني في البلاد.
      في سياق تمظهرات الطقوس الشيعية بالمغرب تشهد عدد من مواسم الأضرحة طقوسا ذات طابع شيعي تقام أمام مرأى ومسمع السلطات المغربية في مواسم الأضرحة، كموسم زرهون (قرب جبل زرهون) والذي يتوافد على زيارته جمع غفير من الزوار من مختلف مناطق المغرب، وموسم الولي الصالح سيدي علي بن حمدوش بمدينة مكناس، وهو الموسم التي تحج إليه المئات من الأفواج البشرية لزيارته، تمارس طقوس تعذيب الذات هي أشبه بكثير لتلك الطقوس التي تمارس في دول شيعية بالمشرق العربي، كما يدأب المغاربة في سياق الاحتفال بعاشوراء ذات المرجعية الشيعية بزيارة المقابر والأضرحة، حتى أنها تشهد ازدحاما شديدا منها "ضريح سيدي رحال البودالي"، "ضريح سيدي بليوط" و "ضريح بويا عمر" و "ضريح لالة عيشة البحرية" ،"ضريح بوشعيب الرداد"، ضريح سيدي يحى بنيونس" و "ضريح سيدي ميمون "و"ضريح أبو العباس السبتي"، و "ضريح سيدي عبد العزيز التباع" .... والقائمة طويلة، حيث تحرص أعداد كبيرة من السيدات والفتيات على زيارتها للتمسح والدعاء والتبرك.
    وقد ارتبطت زيارة المغاربة بالقبور قديما، ويمكن أن يكون ذلك تقليدا لما يقوم به الشيعة في عدد من أقطار العالم الإسلامي، حيث يداومون على القيام بزيارات سنوية إلى أضرحة الأولياء والشيوخ، وهو السياق الذي يأتي فيه توارث المغاربة لهذه العادات، لكن الغاية فتختلف. أما الطقوس فتستمر في لاوعي المغاربة جميعهم دون استثناء، وتتقبل كشيء مشترك لا يرتبط بطائفة دون أخرى، وعليه فإن مواسم زيارة الأضرحة والأولياء الصالحين بالمغرب حافظت على تقليدها الاحتفالي يسعى إليه كل المغاربة سنويا.
والحق أن هذه الطقوس أصبحت عادات وتقاليد لم يعد بامكان السلطات المحلية منعها، في سياق محاربة التشيع، لكنها تحاول قد الامكان تضييف الخناق عنها للحد من مظاهر الشعوذة والطقوس الغريبة التي تصاحبها.
     ومن هذه المظاهر ممارسة طقوس أكل اللحم النيء، والقيام بمسيرة الجذبة على الطريقة العراقية لنساء ورجال، من خلالها يقومون بجلد وتعذيب الذات في جو هستيري يجمع بعض الرجال و النساء في جو حزين، شبه عراة الأجساد مسدلة شعور رؤوسهم، ويعرضون أنفسهم للكي بالنار الوخز بالسكاكين وشرب المياه المغلية، ويسود جو رهيب وسط كتل بشرية من الرجال والنساء فاقدي الوعي... وفئة من الناس منشغلة بذبح الأضاحي كقرابين للولي ونثر البخور، والاغتسال في حفر من حفر الضريح لطرد الأرواح الشريرة.
لكن إذا توقفنا عند مدى الوعي الشعبي حول لماذا هذا التعذيب الذاتي، فإن لا أحد من المشاركين في هذه الطقوس يؤكد لك أنها ترتبط بطقوس شيعية فيها نوع من التعبير على الآلم جراء الفراق على آل البيت أو بالأحرى تعذيب الذات لعدم إنقاذ السيد الحسين والحسن.
وبناء عليه فإن هذه الطقوس تبقى ملكا وتقاليد لكل المغاربة، وغير محصورة على طائفة دون أخرى، وحتى أن المشاركين فيها لا ينتظمون في تنظيم معين، ولذلك لم يسبق أن واجهتها الدولة بالمنع، بل كثير ما توفر الحماية، حتى تمر الطقوس في أجواء مناسبة.
وتحرص الطوائف الشيعية المغربية الإبقاء على هذه الطقوس على أنها جزء ومكون أساسي من الثقافة المغربية مفتوحة لعموم المواطنين لتضمن بذلك عدم الدخول في مشادات مع الجهات الرسمية، وخطتها هذه مكنتها من ممارسة طقوسها، وجعل المغاربة من غير الشيعة يمارسونها في سياق مبدأ التقية من قمع السلطات الرسمية المغربية، ولهذه الاعتبارات أخرى يرد استمرار الشيعة في ممارسة طقوسهم دون أن تطالهم يد السلطة.
     وإذا كانت السلطات المغربية وبناء على شكايات الفعاليات السياسية والجمعوية أن تحد من المظاهر الغريبة والممارسات المنحرفة من قبيل الشعوذة والسحر والتبرك بالموتى من احتفالات شيعة المغرب في الأضرحة ومواسم الأولياء الصالحين، فلأن هذه الأماكن أضحت تعرف ممارسات شاذة، وأصبحت مجمعا للرذيلة والشذوذ، كما هو الحال في ما يشهده ضريح "سيدي علي بن حمدوش" بضواحي مدينة مكناس الذي بات يعتبر محجا للشواذ جنسيا في السنوات القليلة الأخيرة.
    ومعلوم أن السلطات المغربية في السنوات الأخيرة صارت تكثف من حمالات التمشيط والاعتقالات في صفوف كل من تبث أنه قدم إلى موسم علي بنحمدوش لممارسة الرذيلة والشذوذ، حيث تقيم المصالح الأمنية نقط تفتيش على مداخل الولي للتحقق من هوية الزائرين.
وهناك مواسم لعدة أضرحة تشمل مركز جذب قوية لاحتفالات غايتها الإعلان عن مدى التعلق بآل البيت أو الاحتفال برمزية "عدد كبير من المواطنين يقومون بطقوس من زاوية التقليد وليس تبعية لمذهب ديني أو طائفة معينة، وإنما يشارك في هذه الاحتفالات كل المغاربة على السواء.
      وما يمكننا تأكيده أن هذه المواسم تقام وفق طقوس مستهجنة بنفس شيعي، إذا ما نظرنا إليها أنها تتضمن جزء من مبدأ تعذيب وجلد الذات، إلا أنه لا يمكن الحسم في نسبتها إلى تقاليد الشيعة خالصة، ولكنها على كل حال هي عبارة عن طقوس مغربية فيها تقليد لعادات قادمة من المشرق أشبعت حدة حب المغاربة وتعلقهم بآل البيت.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات