انتقل إلى رحمة الله تعالى الإمام الأكبر – شيخ الجامع الأزهر فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي ..عن عمر يناهز 82 عاماً... حيث فاضت روحه إلى بارئها اليوم بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية وذلك أثناء تجهزه للعودة إلى القاهرة ..
وفضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي عالم جليل من علماء الدين – حصل على درجة الدكتوراة في الحديث في عام 1966... وتولى منصب مفتي الديار المصرية في الثمانينات ثم تولى مشيخة الأزهر في التسعينيات ..
وشيخ الجامع الأزهر هو منصب رمزي رفيع يعد صاحبه بمثابة المرجعية للمسلمين في كافة أنحاء العالم الإسلامي و"السني" منه خاصة .. وفضيلة شيخ الأزهر سيد طنطاوي كان رجلاً عالماً معتدلاً ..
اتفق معه الكثيرون .. واختلف معه الكثيرون في خضم ما يموج به زماننا من قضايا وأحداث تغلفت بغلاف الفتن وزادت خطورتها من تنازع الأهواء .. والتباس الخطاب الديني.. وسيطرة الأنظمة الحاكمة على مقدرات الشعوب في تجييش إعلامي ودعائي بين صادق وكذوب .. ولكن جله إن لم كله يصب في خانة تثبيت أركان ودعائم العروش والسلطة ...
وقد نالت فضيلة شيخ الأزهر الراحل شذرات وشرارات هذه الأمواج المتلاطمة من هذا الإعلام .. ولكن يحسب للرجل رحمه الله أنه كان رجلاً عالماً فقيهاً ثابتاً على رأيه رغم الحملات الضارية التي شنت ضده من اتجاهات كثيرة مختلفة . كان الرجل يمثل الخطاب الإسلامي الوسطي المعتدل ..
وله تفاسير في القرآن الكريم وفتاوى في قضايا هامة تتسم في مجملها بالاعتدال وإن كان قد ران عليه تحامل شديد في القضايا السياسية المدفوعة بالأبعاد العاطفية للشعب المصري خاصة والعربي عامة و الإسلامي على وجه العموم
وبما أن قضاء الله قد نفذ .. وأفضى الرجل إلى ما قدم .. وصار بين يدي خالقه ومولاه ..
فإننا مصريين وعرباً ومسلمين نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة وأن يجزيه سواء أصاب أو أخطأ على جهده واجتهاده في سبيل الإسلام خير الجزاء.. حيث أننا لا نغفل وما ينبغي لنا أن نغفل اختلاف رؤى وفتاوى ونظريات الأئمة وأصحاب المدارس والمذاهب الدينية على مر التاريخ حتى سرت مقولة أن في (اختلاف الأئمة رحمة للأمة) في إشارة إلى أننا - فيما عدا النصوص وما هو معلوم من الدين بالضرورة وما لا يجوز الاختلاف فيه - لنا أن نأخذ بأواسط الآراء وأكثرها تلاؤماً وتوافقاً مع الظرف المكاني والزماني والبيئي والحالي للمسلمين ..
رحم الله العالم الجليل الذي قضى نحبه وهو ساعٍ في عمل من أعمال المسلمين وفي خدمة دينه ..
ومما أسعدنا وأبهجنا أن كانت وفاته رغم أن روحه قد فاضت وهو في (الغربة )عن بلده ووطنه وأهله .. إلا أن ربما جائزة ربانية قد منحت له بأن يتشرف جسده وجثمانه بأن يجاور أشرف خلق الله وأكرمهم وأن يدفن بالأراضي المقدسة .. وأي جوار أكرم من جوار النبي صلى الله عليه وسلم..
حيث قد سبقه إلى هذا المثوى الطاهر فضيلة العلامة المرحوم الشيخ محمد الغزالي "الصغير" والذي فاضت روحه أثناء تواجده بالسعودية.. ودفن جثمانه هو أيضاً بالبقيع بجوار النبي الأكرم ومسجده النبوي ثاني الحرمين الشريفين بالمدينة المنورة ..بأقدس مكان عند مليار ونصف المليار مسلم تعج بهم أرض الله ..
هناك في (البقيع ) حيث مثوى صحابة رسول الله والثلة الأوائل من المهاجرين والأنصار ..
هناك في(البقيع) حيث جوار النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وجوار صاحبيه الصديق والفاروق رضي الله عنهما سيوارى جثمان الفقيد الراحل الكريم حيث لا غربة وأنت بجوار النبي .. حيث الأنــــَسْ والغبطة بصحبة الأطهار الأبرار .. ...
اللهم لا تحرمنا أجره .. ولا تفتنــَّا بعده .. واغفر لنا وله ..
اللهم اجعل مجاورته للنبي وصحابته شفيعاً له يوم القيامة ..
اللهم اجعل مثواه جنتك واحشره يوم القيامة مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً ..
اللهم اسقه من حوض نبيك شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبداً ..
اللهم كن له ولا تكن عليه .. اللهم ثبته عند السؤال .. وخفف عنه وعليه ضمة القبر ..
واجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعل قبره حفرة من حفر النيران ..
اللهم زد له في حسناته وتجاوز عن سيئاته .. وأجره عما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء ..
وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
التعليقات (0)