رئيس قسم جراحة الأعصاب د. يوسف العوضي:
شهر رمضان المبارك يخفف تردد المرضى على العيادات
كتبت د. خلود البارون:
بين الاستشاري يوسف العوضي، رئيس قسم جراحة الأعصاب في ابن سينا، إن رغبة البعض في صيام رمضان، تدفعهم إلى الصوم رغم إدراكهم خطر ذلك على حالتهم الصحية، وتابع قائلا: «يجب على المرضى ممن ينهاهم الطبيب عن الصيام، ان يعوا بأن وضعهم الصحي لا يسمح لهم حاليا بالصوم. فمثلا، يجب على مرضى الصرع الا يكابروا على حساب مرضهم، ويمتنعوا عن اخذ الدواء بهدف الصيام واخذ اجر رمضان. ونحن كأطباء أعصاب نعاني هذه المشكلة خاصة عند كبار السن، مما يعرضهم لحدوث نوبات صرع شديدة وخطرة، خاصة لو حدثت أثناء قيادتهم للسيارة أو أدائهم لشيء ما. لذا من الضروري الا يغامروا على حساب الصحة، فالإفطار ملزم عليهم.
أكد العوضي ضرورة الرجوع إلى الطبيب قبل اتخاذ قرار الصيام، وقال:
- لا يضر الصيام بعض حالات الأمراض العصبية، حيث تسمح صحة المريض له بالصيام، وذلك بعد أن يقوم المعالج بجدولة جرعات العلاج التي يتناولها، مع شرط الالتزام بشرط تناولها في المواعيد.
وبالعكس قد يكون الصيام مفيدا للبعض، اذ نصح بعض العلماء المصابين بالصرع بالتقليل من غذائهم والاكتفاء بتناول وجبتين فقط وأحيانا وجبة واحدة في اليوم، ومن هنا يبدو لنا ان للصوم تأثيرا كبيرا على الأعصاب والدماغ. أما من لا تسمح لهم حالتهم الصحية بتقسيم جرعاتهم أو جدولتها لتتلاءم مع أوقات الإفطار أو لعدم قدرتهم الصحية على الصيام، فعليهم الإفطار تفاديا للضرر بأنفسهم وبمن حولهم.
وحول احتياطات من خضع لعملية جراحية في الدماغ، شدد العوضي على ضرورة التزامه بتناول العقاقير المضادة للصرع للمدة التي يقترحها المعالج بحسب الحالة. وقال:
- حتى لو لم يتعرض المريض لنوبة صرع من قبل، فخضوع الدماغ للتدخل الجراحي يرفع من خطر الاضطرابات والتعرض لنوبة الصرع. وغالبا ما يقترح المعالج على المريض السليم تناول الدواء المضاد للصرع لسنة، لكن ما يلاحظ أن البعض يتوقف عن تعاطيها، خاصة إبان دخول رمضان، وهنا يتحمل الشخص مسؤولية المغامرة في صحته. لأنه من الممكن ان يصاب بنوبة صرع في أي وقت ولا يمكن التنبؤ بذلك.
الإسعافات الأولية لنوبة الصرع
من الأساسيات التي يجب ان نعيها، كيفية التعامل بشكل صحيح مع موقف إصابة شخص بنوبة من التشنج أو الصرع. فمن أهم الإسعافات الأولية فتح الفم والحفاظ على فتح مجرى الهواء، وذلك من خلال وضع قطعة قماش سميكة في فم المريض حتى يقبض عليها بفكه ولا يؤذي لسانه، مع تمكنه من التنفس. وان يوضع الشخص في وضع مناسب حتى لا يختنق. يجب ان يستلقي على جنبه، حتى يخرج أي إفراز (زبد) إلى فمه، بينما يسبب الاستلقاء على بطنه دخول هذه الإفرازات إلى رئتيه واختناقه، كما لا يجب منعه عن الحركة لكون التشنج عادة ما يصحبه تيبس وتقلص في العضلات.
وعن طريقة التصرف بعد النوبة، يقول العوضي:
- لا تستوجب جميع حالات نوبات الصرع أو التشنج الرجوع إلى الطبيب بعدها، فاذا كانت الحالة بسيطة وتعود المريض عليها، فسيتعامل معها من خلال اخذ جرعة من الدواء. لكن لو كانت مفاجأة أو شديدة بحيث يرافقها تبول الشخص أو خروج الزبد من فمه، فيجب عليه الذهاب الى المستشفى للفحص، ولتحري نسبة الدواء في دمائه.
أثر رمضان مثبت.. ولكن ليس على المرض
يعرف عن الصيام أثره في إزالة السموم والفضلات والخلايا الضعيفة والمرضية. وحول أثره الصحي، قال العوضي:
- يلاحظ انخفاض تردد المرضى على العيادات وقلة شكواهم من الأعراض، ويمكن ان يوحي ذلك إلى ان هدوء رمضان يقلل من روع المريض ووساوسه، بالإضافة إلى ان عبق رمضان الإيماني يضفي جانبا من السكينة والتوكل على نفسية المريض، ولكن ذلك لا يعني ان المرض توقف. فدور الصيام في تجديده للخلايا يسهم في تحسن معدل الكيميائيات في الدم بعد صيام شهر رمضان، لكني لم ألحظ تحسنا في المرض ذاته بسبب الصيام. ولم الحظ انكماش حجم الورم مثلا، ولم اطلع على دراسة تثبت حدوث تغير أو تحسن في مناطق الأعصاب أو الدماغ أثناء الصيام.
وتابع مضيفا:
- من جانب آخر، من المعروف أن الشخص المرتاح الذي يأكل جيدا، تتحسن صحته، لذا فلي هنا نصيحة، بالا «يخرب» الشخص على نفسه الحصول على فوائد رمضان الصحية، وذلك من خلال تناوله الكثير من الطعام مما يصيبه بالتخمة والتعب ويهيج جهازه الهضمي والعصبي وما يترتب على ذلك من إرسال إشارات التهيج إلى الدماغ فتزيد من نشاط وتوتر الأعصاب. وأنت بذلك تزيد من الحمل على جسمك عموما، فلا بد ان يحترم الشخص قدرات جهازه الهضمي ويتناول طعاما صحيا من غير إفراط، حتى لا يسبب له الضرر ويترتب عن ذلك الإضرار بملحقاته مثل الأعصاب والكلى والكبد وغيرها.
فوائد لم يتوصل إليها الطب
وبين العوضي أن للصيام فوائد كثيرة لم يتعرف عليها الطب:
- الصوم يعني عدم دخول الطعام للجسم لأكثر من 12 ساعة يوميا، مما يريح الجهاز الهضمي ويقلل من وصول الطعام إلى العضلات والأعصاب والأجهزة الحيوية له، ولهذا آثار جمة لا نعرف إلا القليل منها حاليا.
فمن المعروف ان تخمة المعدة تقلل من التركيز والتفكير، لانشغال الجسم والتروية الدموية بهضم كمية هائلة من الطعام، فيما ينخفض معدل التروية لباقي أجهزة الجسم الحيوية، وهو ما يفسر الشعور بالنعاس. فيما ان عدم تناول الطعام أو تناول القليل منه، يسبب زيادة في التفكير والتركيز. لذلك، فالأذكياء عموما يتناولون طعاما خفيفا طوال اليوم، ويتركون تناول الوجبة الدسمة للمساء عندما ينتهون من عملهم وتفكيرهم، ذلك إدراكهم بأن الوجبة الدسمة والكبيرة تجعل التفكير بطيئا وتسبب الخمول.
التحسن في القدرات مضمون ولو بعد فترة
يلاحظ أثناء الصيام تحسن ملحوظ في جميع القوى العقلية والفكرية، فتقوى الذاكرة والانتباه والترابط. فقد أثبتت عدة أبحاث على طلاب الجامعة بأن الصوم لفترات قصيرة يزيد في قدرة الطلاب الذكائية والفكرية، فالصوم يجعلهم أكثر قدرة على استيعاب دروسهم وحفظها. بالإضافة إلى ذلك، تتحسن القوى الروحية كالعاطفة والمحبة والحدس وسرعة البديهة تحسنا ملحوظا بفعل الصوم.
وللتنويه، فقد لا يلاحظ البعض زيادة في نشاطه وقدراته الذهنية في بداية الصوم، ويعزو الخبراء ذلك لكونه من المعتادين على تناول المنبهات كالشاي والقهوة والدخان وغيرها. وعليه ينتج عن الانقطاع المفاجئ لهذه المنبهات أثناء ساعات الصوم الطويلة، تأثير مثبط بصورة قليلة على القدرات الذهنية. بيد ان ذلك يقتصر على الأيام الأولى من الصوم، أما بعد فترة فمن المضمون ان يلاحظ الشخص الزيادة والنشاط في جميع قدراته العقلية والفكرية.
آلية الصوم في زيادة الذكاء
1- يدعم الصوم الجسم في التخلص من فضلاته وسمومه المتراكمة في داخله، مما يوفر للدماغ فرصة التغذي بدم نقي وخال من السموم وغني بالأكسجين.
2- أثناء الصيام، لا يدخل الجسم الطعام لساعات طويلة، مما يوفر راحة لجميع الوظائف الحيوية ويعطي طاقة اكبر للدماغ.
3- يرتفع معدل الطاقة الايجابية الروحية ويشعر معظم الصائمين بصفاء النفس وسكينة الفؤاد ويقل الضغط والتوتر النفسي، مما يصفي الذهن.
مرضى الآلام المزمنة
التزام من يعانون الآلام المزمنة، كآلام الظهر أو الوجه أو الأورام، بالدواء من الأمور المهمة للحفاظ على نوعية حياتهم ولدرء تطور المرض. أما حول من يشكون من آلام الظهر، فقال العوضي:
- الالتزام بتناول الدواء، خاصة أثناء نوبات آلام الظهر الحادة، يعد ضروريا، حتى لا يقل مستوى الحركة ولا يترتب عنه تصلب العضلات وتيبسها وانحناء الظهر، وهو ما قد يحدث بشكل سريع عند إهمال العلاج. لذلك، يجب الا يمتنعوا عن اخذ الدواء بسبب رغبتهم في الصوم، لخطر ذلك على أبدانهم.
وجدير بالذكر أن الحالة النفسية تلعب دورا كبيرا في ظهور آلام الظهر وزيادة حدتها، لكن ذلك لا يرجع لتفاقم الضرر في الديسك، بل لزيادة التقلص العضلي وانخفاض القدرة على تحمل الألم. فالدراسات أثبتت أن 60 ـ 70 % من حالات آلام الظهر والشد العضلي في هذه المنطقة تعود لسوء الحالة النفسية.
وأضاف العوضي مبينا:
- لذلك، عندما تسوء الحالة النفسية ويرتفع معدل القلق والتوتر، تشتد آلام الظهر، حيث يتركز التوتر والحساسية العصبية على منطقة عضلات أسفل الظهر. والعكس صحيح أيضا، فقد تسبب الإصابة بآلام الظهر وقلة الحركة، سوء حالة المصاب النفسية بل والاكتئاب أيضا، مما يدخله في دائرة مفرغة ويزيد من حجم المشكلة.
وابسط مثال على ما ذكر، هو ان حدوث تشنج عضلي ووجود الألم الذي يسبب الانزعاج وقلة النوم والحركة، سيؤدي بدوره إلى سوء الحالة النفسية، وبالتالي زيادة إفراز هرمون الأدرينالين، مما يزيد من انقباض العضلات ويخفض من ترويتها ونسبة الأكسجين الواصلة اليها، وتراكم هذه الأمور يسبب زيادة في حدة الألم.
وكلما ازداد الألم ازداد تأثير هذه الدائرة المفرغة. ولكسرها، يجب الاستعانة بالراحة والنوم وهدوء البال وتناول العقاقير المسكنة للألم، بالإضافة إلى التغذية الصحية والعلاج الطبيعي لدور جميع هذه العوامل في تقليل توتر العضلات ودعم عمليات بناء الجسم ونموه وترميمه.
أطعمة مفيدة للدماغ
أنت المسؤول الأول والأخير عن أسلوب الحياة الذي تتبعه وتختاره، وما يترتب عليه من عقبات صحية. فلا يمكن إنكار حقيقة أن «الوقاية خير من العلاج»، لذا هنالك إجراءات بسيطة يمكن اتباعها للحماية من الإصابة بمرض ما أو لدعم قدرة بدنية معينة. وللعلم، فأسلوب الغذاء الصحي لا يعتمد على الحرمان، بل هو ببساطة شديدة أسلوب يهدف إلى تناول الأطعمة بكمية صحية مع التركيز على أغذية معينة لها دور في الحفاظ على صحتنا لأطول فترة ممكنة.
ومن المعروف أن العلم كشف أنواعا من الأغذية مهمة للحفاظ على صحة دماغك، منها اللوز والفستق والسمك وبذرة الكتان. لذا ينصح الخبراء بتناول كمية بقدر كف يدك يوميا من المكسرات المفيدة مثل اللوز، والكاجو، والبندق، ويفضل أن تكون نيئة وبلا ملح للحفاظ على قيمتها الغذائية دونما رفع لمعدل ضغط الدم. ولا يغفل هنا التأكيد على أهمية الحصول على الراحة وساعات كافية من النوم خلال الليل.
تناول الجوز
بالإضافة إلى تأثير الجوز المسبب لنمو العضلات ومكافحة السرطان وحفظ صحّة القلب ورفع المناعة، أثبتت الدراسات مرة أخرى تأثيره المنبه والمنشط للدماغ. فهذا النوع من المكسرات الغني بالأوميغا 3 يعتبر صديقا للقلب والدماغ ويعد صحّيا أكثر من السلمون. كما انه غني بالبولي فينول polyphenols المضاد للالتهاب، ويحتوي على نصف كمية البروتين الموجودة في لحم عضلة الدجاج.
وللعلم تجمع أصناف المكسرات الأخرى (اللوز، الفستق، البندق، بندق الماكاديميا) ميزتين أو ثلاثا فقط من هذه الميزّات، وليس جميع المميزات معا.
النصيحة: تناول حفنة من الجوز، أو سبع حبات بندق يوميا. ويمكن بشرها أو طحنها لتناولها منثورة على السلطة أو الساندويتش أو الحلويات.
فائدة الأوميغا 3
لأحماض أوميغا 3 الدهنية دور في زيادة كفاءة وظائف الدماغ، فضلا عن دعمها للنمو والتطور الطبيعي. وتبين الأبحاث أن لهذه الأحماض الدهنية دورا مهما في الوظائف اللاادراكية أو اللامعرفية مثل الذاكرة والأداء والسلوك.
فقد لوحظ أن الرضع الذين لا يحصلون على ما يكفي من أحماض أوميغا من أمهاتهم أثناء الحمل هم الأكثر عرضة لخطر التعرض للمشاكل العصبية. وتشمل أعراض قصور نسبة اوميغا 3 الشعور بالتعب الشديد، وضعف الذاكرة وجفاف الجلد ومشاكل القلب وتقلب المزاج والاكتئاب. من هنا جاءت توصيات منظمات طبية عدة بضرورة تناول حصتين يوميا أو 3 من الأسماك وبذرة الكتان وغيرها من الأغذية الغنية بالاوميغا 3 و6.
فائدة دهن السمك
يتميز الدهن الموجود في السمك بسهولة هضمه وبغناه بأحماض دسمة غير المشبعة، وهي مفيدة وغير ضارة ويطلق عليها اسم أوميغا 3، مثل حمض إيكوزابنتانويك وحمض ديكوزا هكسانويك، وهي أحماض لها فعالية عالية ضد كثير من الاضطرابات المرضية، فهي تساعد على: خفض نسبة الكوليسترول ودهون الدم، وتحسين الدورة الدموية ومنع تجلط الدم، وخفض ضغط الدم، مما له دور في الوقاية من تصلب الشرايين. والتغلب على الالتهابات الجلدية، ومنع التهاب المفاصل، وخفض نسبة الإصابة بالسكر، ومقاومة أعراض الشيخوخة وأمراضها، والوقاية من السرطان وغيرها. كما أن هذه الدهون غنية بالفيتامينات الذائبة فيها وبخاصة فيتاميني أ و د، الموجودين في لحم الأسماك الحمراء مثل السلمون. فيما توجد هذه الفيتامينات في زيت كبد الأسماك البيضاء وليس في لحمها.
وبينت الدراسات ان من يصعب عليهم تناول السمك 3 مرات أسبوعيا لسبب عدم توفره أو غلاء سعره أو عدم استساغتهم لطعمه، يمكنهم الحصول على فوائدة الصحية من خلال بدائله. حيث تتوافر في الأسواق أقراص أو كبسولات تحتوي على زيت السمك يعادل محتواها مقدار ما تحتويه وجبة عشاء من سمك السلمون أو علبة سردين.
على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت على المصابين بالتهاب المفاصل ان النتائج الصحية لتناول مجموعة منهم للسمك يوميا ولمدة أربعة عشر أسبوعا كانت متشابهة إلى حد كبير مقارنة بالمجموعة التي تناولت كبسولات من زيت السمك لتلك الفترة أيضا. حيث لوحظ انخفاض في الألم وزيادة النشاط في المجموعتين.
التعليقات (0)