شهد الكتب (2) طبائع الاستبداد
قراءة صديق الحكيم
كثر الحديث في الأونة الأخيرة عن هذا الكتاب وخاصة علي تويتر ولفت نظري إليه تغريدات الشاعرة الكويتية سعدية مفرح لذا وجدت من المناسب أن أقدم للقارئ العزيز شهد هذا الكتاب وقد أخرجت هذا الشهد من رحيق موقع الألوكة العامر بأنواح الزهور والورود لأقدمه للقارئ
كتب الكواكبي رؤوس مقالات "طبائع الاستبداد" في حلب الشهباء، وكان يعدلها باستمرار، ثم وسع تلك الأبحاث ونشرها في كتاب سماه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"
تتصوره عبارة: "وهي كلمات حق وصيحة في واد إن ذهبت اليوم مع الريح، لقد تذهب غداً بالأوتاد" يتألف الكتاب من تمهيد وتسع مقالات تحت عنواني: (ما هو الاستبداد، الاستبداد والدين، الاستبداد والعلم، الاستبداد والمجد، الاستبداد والمال، الاستبداد والأخلاق، والاستبداد والتربية، الاستبداد والترقي، الاستبداد والتخلص منه.
والكتاب كما هو يوضح-مجموعة مقالات يربط بينها الاستبداد الذي يشكل محوراً يحاول المؤلف تبين أسبابه وأعراضه وعلاقاته وآثاره وبدائله، ومن خلال سبر ما جاء في هذه المقالات نلاحظ أن الاستبداد فعل من أفعال من يملك نوعاً من القوة المالية أو العددية أو الفكرية أو الوراثية، ثم يحاول أن يحوز على باقي القوى ليتوجها بالقوة السياسية التي تجعل القوى يتوجّها بالقوة السياسية التي تجعل القوى الأخرى مجرد توابع تتعاون معها للحفاظ على مكتسباتها من وجود واقع فاسد.
وأن الاستبداد يكون مجتمعاً استبداداً تسيطر عليه شبكة معقدة من الآسرين الذين يخضعون الناس، فيجعلونهم أسرى يبغضون المستبد ولا يقوون على محاربته، لذلك يتعادون فيما بينهم، ويظلمون ضعافهن ونساءهم، فيصبح كل إنسان مظلوماً من جهة، وظالماً من جهة أخرى، ويبرز من بينهم شخص يستلم زمام السلطة السياسية فيتحد به الآخرون متأثرين بالدعاية. كما اتضح أن للاستبداد أثراً سيئاً بكل ما له من علاقة به فيتحول الدين إلى وسيلة استلاب، ويمنع تداول العلم، ويفسد الأخلاق والعلاقات الإنسانية، ويعزز التفاوت بين الناس ليبقيهم في صراع دائم حول الامتلاك ويجعلهم يتدافعون لإحراز الثروات. وتبين أن الاستبداد ضد التقدم، لهذا لابد من هدم صرحه، ودكّ حصونه واستبداله.
تركزت بدائل الاستبداد في فكر الكواكبي بالمساواة والعدالة والحرية والشورى الدستورية، وقد ارتبطت عنه بالعدالة، وشدد على الجانب السياسي لهما. كما احتلت الحرية مكانة كبيرة لديه، وخلاصة حرية الاعتقاد والتفكير وحتى المشاركة السياسية. وكان هدفه الأكبر تحقيق الشورى الدستورية، حيث يشارك المواطنون الحكومة في صنع مصائرهم، عن طريق أهل الحل والعقد في الأمة، ثم جمع تلك البدائل كلها في الإسلامية التي وجد أنها حل شامل لمشكلات أمته، وقد كان منهج الكواكبي في رفع الاستبداد يعتمد الأسلوب التدريجي الذي ينهض بتكاتف العقول الواعية في الأمة، التي تنظم أساليب القيام بالإصلاح الديني تمهيداً للتغيير السياسي. كما جاءت آراؤه في رفض الاستبداد متوافقة وسيرة حياته، بدءاً من منصب في (راشيا) وانتهاءً بموته الغامض كدليل حاسم على صلابة مواقفه، واستمرار تناسقها إلى نهاية حياته فقد توفي في القاهرة متأثراً بسم دس له في فنجان القهوة عام 1902 حيث دفن فيها. رثاه كبار رجال الفكر والشعر والادب في سوريا ومصر ونقش على قبره بيتان لشاعر النيل حافظ إبراهيم:
هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى هنا خير مظلوم هنا خير كاتب
قفوا وأقرؤوا أم الكتاب وسلموا عليه فهذا القبر قبر الكواكبي
رحم الله الكواكبي رحمة واسعة
آمل أن تكون خلاصة هذا الكتاب نافعة وفاتحة لشهية القارئ الذواقة لقراءة الأصل
وهذا رابط الكتاب
التعليقات (0)