بسم الله الرحمن الرحيم
لاأدري ما أقول، وأخونا الأستاذ محمد المرواني -مع إخوة آخرين- في مدرسة يوسف عليه السلام، سوى التذكير بقوله تعالى :(ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مومنين) (آل عمران: 139)، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي يرويه عنه خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: "قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه. والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لايخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون " (أخرجه البخاري في الإكراه، باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر،حديث 3943).
لقد كان أستاذنا المرواني يعلمنا معنى الابتلاء وأنه طريق الأنبياء والصحابة الكرام، وكان يؤكد أن الابتلاء الحق هو الذي يلازمه ويعقبه الصمود على المباديء، وإلا فهو استبلاء .
ولقد عاش مع إخوته – ولانزكي على الله أحدا- ما كان يقوله ويؤكد عليه، فكان ما حدث ابتلاءا لا استبلاءا، والحمد لله .
ولقد ذكر لي مرة أنه يحب ابن قيم الجوزية – تلميذ ابن تيمية- رحمهما الله، فإذا به يذوق مما ذاق منه الشيخ والطالب ويرد مواردهما، وكأني به يردد قول الشيخ رحمه الله : "ما يريد بي أعدائي ؟ إن سجني خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي سياحة " !
بل كأني به ينتصر على سجنه وسجانيه، فيخرج – إن شاء الله تعالى- كما خرج الشيخ رحمه الله، ويواجه – كما واجه الشيخ رحمه الله- "تتار الاستبداد" و"مغول إعاقة الديمقراطية"، وإن غدا لناظره قريب !
وعرفنا فيه القدرة على التقاط كل ما يخدم القضية، قضية الإسلام والمسلمين، من الأفكار والآراء، والقدرة على التوفيق، في غير تلفيق، بين تلك الأفكار والآراء، أو طرح بدائل أخرى مقبولة.
لقد كان ولايزال، حفظه الله، أخا للجميع، يعمل مع الجميع، ويتحاور مع الجميع، في إطار شرع الله الذي يسع الجميع.
وعرفنا فيه تلك الغيرة، إلى حد البكاء، على قضية المسلمين الأولى: القضية الفلسطينية. يتألم لآلام إخوتنا في فلسطين، ويفرح لفرحهم إذا أثخنوا العدو الصهيوني. معه عرفنا – ونحن تلاميذ وطلبة- أن القضية "قضية مركزية للحركة الإسلامية". ومعه عرفنا التاريخ والفصائل والرموز والمواقف...ومعه تأكدنا معه ألا حل للقضية إلا بالإسلام منهجا وحضارة...
وعرفنا فيه الغيرة على وحدة الوطن ووحدة الأمة، فتجزيء الوطن خضوع لمنطق "سايكس-بيكو" الاستعماري، وكل محاولة لفصل أي جزء من البلد، تحت أي ذريعة ومهما كانت الأسباب، هي محاولة جاهلية لاتبتغي الله سبحانه ربا كما في كتاب الله سبحانه: (إن هذه أمتكم أمة واحدة، وأن ربكم فاعبدون)(الأنبياء: 91).
وعرفنا...وعرفنا...
ولماذا مثل هذه الخصال في هذا الرجل؟
لأنه، ببساطة، ابن الأمة الوسط، والمنهج الوسط. واقرؤوا إن شئتم ما كتبه، مع إخوته في الحركة من أجل الأمة، في "رسالة البصيرة". أليس من العار أن يُلقى بهذا الرجل، مع ثلة كريمة من المؤمنين، في السجن، ويُترك لصوص الأمة وناهبو المال العام...خارجه ؟
التعليقات (0)