شهادة الترابي على العصر
(حلقة 3)
مصعب المشرّف
10 مايو 2016م
أبدليبيات الترابي:
لم أجد قبل تفنيد ما جاء في الحلقة الثالثة من شهادة الترابي ... لم أجد مناص من العودة بالنفس وإنعاش الذاكرة بشخصيات (نمطية) سودانية إرتبطت بالأرض والتراث الشعبي وتراكماته (العجب ، بت قضيم ، أب قبورة ، تور الجر) ...... وكان من بينها شخصية " أب دليبة " .... هذه الشخصية التي إستوحت الإلهام من ثمرة الدليب.
والموروث الفكاهي الفلسفي الذي إرتبط بالدليبة هو أنها وبالبلدي الفصيح كـضـابـة..... ولكن كذبها له طعم خاص يتميز بأنه أقرب ما يكون إلى الفرقعـة ...... وأصبح كل من يعاني من عقدة الشعور بالعظمة ، و تضخيم الذات ، ويظن نفسه محور الكون والأحداث يطلق عليه "أب دليبة".
تتميز ثمرة الدليب بأنها تحدث صوتا مدويا حين تقتلع نفسها من عنقودها ؛ وتشرع في السقوط على الأرض وعلى نحو لا يتماشى مع حجم الواقع .... ولربما ظن الذي لا يألف جوار شجرة الدليب ومعاشرتها .... ربما ظن للوهلة الأولى أن الشجرة بأكملها قد سقطت أو أن قنبلة قد إنفجرت .. ولكنه حين يرتد إليه بصره وعقله يفاجأ أنها محـض دليبة ...... محض دليبة.
..................
هكذا إذن تبدى حسن الترابي في سرده وتخيلاته خلال الحلقة الثالثة من شهادته على العصر . وتوثيقه لدوره وأهمية هذا الدور في إنفجار ونجاح ثورة 21 أكتوبر الشعبية المجيدة .... تبدى متقمصاً هـو الآخر شخصية " أب دليبة " بإمتياز.
.................
نعم لا ننكر أن الترابي قد شارك مثله مثل أي مواطن سوداني من أبناء عصره في فعاليات ثورة 21 أكتوبر .... ولا ننكر أنه كان قد جرى تكليفه لتوه بمنصب الأمين العام لجماعة إسلامية أو متأسلمة أو تشكل تياراً سياسيا عقائدياً في البلاد ...
ولكن أن نحفظ للترابي حقه في المشاركة شئ .. وأن نترك الترابي يدعي ويزعم لنفسه بطولات وعنتريات ؛ ودوراً لم يلعبه .. وحجما أكبر من حجمه في ثورة 21 أكتوبر شيء آخــر.
ويبدو أن الترابي نفسه كان يدرك أن الشعب السوداني سيسارع إلى تكذيبه ، ويستنكر هذا الكذب الذي جاء على هيئة بطولات زائفة إختصها الترابي لنفسه .. ولأجل ذلك نراه بخبثه يبادر إلى التمحك وذر الرماد في العيون ؛ والزج بإسم الشيوعيين قسراً وسط أكاذيبه حين إتهمهم بسرقة ثورة أكتوبر.
ويأتي كل هذا في الوقت الذي تغيرت فيه الكثير من المفاهيم عن الشيوعيين وكفرهم وشبهة إختراقهم للأخلاق والعادات والتقاليد ؛ وذلك بعد أن أثبت الترابي وأتباعه بعد إستيلائهم على الحكم ؛ أنهم أشد كفراً ونفاقاً وميوعة ، وجرأة على سرقة المال العام والثراء الحرام .. وشغفاً غير مسبوق بالملذات والرفاهية .... وقد عم الفساد الأرض على أيديهم من كل جانب.
ثورة 21 أكتوبر أكبر من أن يسرقها أو يجرؤ على إختطافها أحد ... وأكبر من أن يستوعبها حزب أو ميدان واحد من ميادين حياة وحركة اليشر على وجه التراب السوداني ....
ثورة أكتوبر غيرت الكثير من المفاهيم والقيم والعادات التقاليد للأفضل .. وكان المتوقع من ثمراتها الكثير ..... ولكن هيمنة الإعلام الشمولي على مقادير البلاد خلال فترة تمتد حتى اليوم إلى قرابة 43 سنة (16 عام لنميري + 27 عام لعمر البشير) .... ساهم ذلك في إجهاض العديد من الدراسات والبحوث عن ثمرات هذه الثورة ، والحد من نمو الأفكار الإيجابية المستوحاة منه .... والتي كان بالإمكان لو أتيح لها المنفذ لتخرج إلى الملأ ، وتصبح في متناول النشء والشباب عبر مناهج التعليم والصحف والإذاعة والتلفزيون وقتها ... كان بالإمكان أن تخلق من السودان بلداً جديداً يخطو خطوات ثابتة واسعة مضطردة نحو الأمام.
نعم ؛ يرصد كل متابع ومهتم بتاريخ ثورة 21 أكتوبر أن كافة الأحزاب قد وثقت لدورها في هذه الثورة . وقد جاء توثيقها على قدر معقول من المصداقية ..
فالحزب الشيوعي مثلاً تحدث عن زخمه في إتحاد طلاب جامعة الخرطوم والثانويات وإتحاد شباب السودان ... وتحدث أيضا عن سيطرته على نقابات العمال .... ولكننا لم نسمع أن عبد الخالق محجوب قد خرج للملأ يدعي أنه هو مفجر الثورة ونجمها الأوحد .
وكذلك جاء حديث الأحزاب السياسية التقليدية الوطنية الأخرى عن دورها في تعبئة قواعدها المستقرة وسط القوى الطائفية ، وإتحادات الطلاب والمزارعين ، والرأسمالية الوطنية ؛ وقطاع الأفندية . وتعبئة الأغلبية الصامتة ، ومساهمتها في التمويل ....... ولكننا لم نسمع أن السيد إسماعيل الأزهري أو الإمام الهادي المهدي قد خرجا إلى الناس يزعم أحدهما أو كلاهما أنه هو مفجر الثورة وقائدها الملهم.
ثم أن نتائج الإنتخابات البرلمانية التي تمخضت عنها ثورة أكتوبر ؛ جاءت لتعلن بكل الشفافية عن حقيقة ما إذا كان الترابي وحزبه في المقدمة أم في المؤخرة؟ ..... وحيث لا يستقيم عقلاً أن يأتي مفجر الثورة (المزعوم) في مؤخرة الصفوف . ولا ينجح في الوصول إلى البرلمان إلا عبر أصوات دوائر الخريجين التي لم يتجاوز نصيبه منها 5000 صوت إلا بقليل.
في 25 أبريل 1965م تم إعلان نتائج الانتخابات الديمقراطية التي فاز فيها حزب الأمة بخمسة وسبعين مقعدا ، وتلاه الحزب الوطني الاتحادي بعدد 54 مقعدا . وتقاسمت بقية الأحزاب المقاعد بأعداد ضئيلة ؛ كان أبرزها أحراز الحزب الشيوعي 11 مقعد ، والإخوان المسلمين 5 مقاعد.
ولا نفهم كيف يكون الترابي وحزبه على رأس ثورة أكتوبر . في الوقت الذي لم يحصدوا فيه سوى 5 مقاعد تقليدية من مقاعد البرلمان؟
وكذلك كيف يستسيغ التاريخ قبول توثيق إتهام الترابي للحزب الشيوعي بأنه سرق منه ثورة أكتوبر المجيدة ؛ في الوقت الذي لم يحصد فيه هذا الحزب سوى 11 مقعداً من مقاعد البرلمان جاء أغلبها من دوائر الخريجين ؟
ربما كان إتهام الترابي هذا معقولا لو أن الحزب الشيوعي قد حصل 85% من مقاعد البرلمان...... فهذه هي علامات السرقة والتزوير البائن الذي نشهده في الإنتخابات التي أدارتها الحكومات التي أفرزتها أفكار وإنقلابات الترابي العسكرية.
والشاهد فوق كل هذا وذاك أن السرقات للثورات ومقدرات الشعب وأصواته في صناديق الإنتخابات لا تتم إلا عبر تدبير الإنقلابات العسكرية ... وعدا ذلك فلا مجال لسرقة السلطة أو ثورة شعبية في السودان.
ولعلنا نكون أكثر دقة حين نشير إلى أن حسن الترابي قد كان نكرة ... ولم يتعرف إليه الغير من قادة العمل السياسي في الأحزاب والتنظيمات الأخرى وبعض الناس إلا عام 1964م ؛ بعد أن تم إختياره لمنصب الأمين العام لجبهة الميثاق الإسلامي .... وهو المنصب الذي لم يكن يشعر فيه بالإستقرار ؛ ويعاني الكثير من الإعتراضات داخل أماناته الفرعية بسبب مشاكساته وميله للعمل الفردي ، وعشقه للزعامة ..... وهو ما دفعه لاحقا إلى الخروج على الجبهة الإسلامية ؛ وتكوين أحزاب بمسميات وواجهات إسلامية أخرى كان آخرها حزب المؤتمر الشعبي.
وبدلاً من أن يذهب الترابي إلى الإدعاء بأنه كان المفجر والقائد لثورة 21 أكتوبر الشعبية الخالدة .... كان الأجدى له أن يتواضع ويكون أكثر مصداقية ، فيعترف بأن الفضل إنما يعود إلى ثورة أكتوبر في تقديمه لاحقاً إلى الشعب السوداني ؛ كلاعب ووجه سياسي إسلامي جديد تحت التمرين.
إذن ؛ لا يوجد فرد أو جماعة أو تنظيم أو حزب من تلك التي عاصرت ثورة أكتوبر تستطيع الإدعاء لنفسها بأنها صاحبة اليد الطولى في هذه الثورة ؛ التي إتخذت صبغتها وحقيقتها من إسمها الذي تعاضد الناس على إطلاقها عليه وهو "ثورة شعبية" ....
ثم إذا ظن الترابي أن موقعه كأستاذ في جامعة الخرطوم آنذاك ؛ يمنحه حق مصادرة ثورة أكتوبر الشعبية لنفسه . فمن الواجب التذكير هنا بأن جامعة الخرطوم ليست بقالة مملوكة له .. ولكنها مؤسسة أكاديمية بحثية وطنية مملوكة للشعب السوداني بأسره.... وأنه ليس الأستاذ الوحيد فيها.... وأنها لم تبدأ به ولم تنتهي به.
....................
والشاهد أن أتباع الترابي إنما كانوا أقل طموحاً من صاحبهم في توثيق دور الترابي خلال ثورة أكتوبر .. فهؤلاء يزعمون أن الترابي إنما كان بمثابة "النجم الساطع" في ليلة المتاريس ....
وليلة المتاريس هذه إتضح لاحقا من خلال شهادات مشاركين فيها ، وقيادات عسكرية سابقة معاصرة للثورة . إتضح أنها إنما كانت محض ليلة (وهمية) من ليالي "الأيام الأخيرة" لثورة أكتوبر وقد إنجلى الموقف وأصبحَ الصبحُ .... وأنها جاءت محض إشاعة لفقها الترابي نفسه للحصول على دور مؤثر ببلاش ....
في صدر تلك الليلة بادر الترابي بإجراء الإتصال مع فاروق عيسى ليخطره بأن هناك تحركا عسكريا من معسكر الشجرة نحو القصر والقيادة العامة للقيام بإنقلاب مضاد.
وبالطبع فقد كان إتصال الترابي بفاروق أبو عيسى إنما يجيء على واقع أن الترابي كان في ذلك العصر لا يزال طفلاً يحبو .. وعود أخضر في عالم السياسية السودانية .. وبالتالي لم يكن يمتلك قنوات إتصال مباشر مع عبد الخالق محجوب . ولكنه كان يدرك أن لفاروق أبوعيسى قنوات إتصال بأعضاء اللجنة المركزية ؛ بوصفه كان يمثل التيار القومي العربي داخل هذا الحزب . فتصاعدت الإتصالات من جانب فاروق . وتوافد إلى قلب الخرطوم العديد من كوادر الأحزاب السياسية . وبعد مشاورات سريعة قرروا التعبئة الجماهيرية . وتولى كل حزب دوره . فأرسل بعضهم من يعلن في دور السينما والأسواق أن هناك تحركا عسكريا من سلاح المدرعات بالشجرة نحو الخرطوم لنفيذ إنقلاب عسكري مضاد ؛ والإستيلاء على الحكم ركوباً على أمواج الثورة ... فكان أن تدفقت الجماهير إلى الشوارع المحيطة والمؤدية للقصر والقيادة العامة وكوبري الحرية ؛ ووضعوا كل ما طالته أيديهم من أحجار وأغصان أشجار وأخشاب وصناديق وحاويات ؛ وشاحنات وحافلات في عرض هذه الشوارع لعرقلة وصول المدرعات إلى القصر.
وقد ظلت الجماهير يقظة متأهبة متسلحة بأغصان النيم وأسياف العُشـر حتى تباشير الصباح ومشرق شمس اليوم التالي. ولكن لم تأتي دبابات ولا عربات مدرعة كما أشاع الترابي . فتفرق الناس يستذكرون قصة الراعي "محمود الكذاب" في كتاب المطالعة بالمرحلة الإبتدائية.
وقد تبين لاحقاً من خلال التقارير وشهادات الشهود في معسكر المدرعات بالشجرة والمناطق المجاورة للمعسكر .. تبين أنه لم تكن هناك إستعدادات أو تحركات . وأن الجنود وقادتهم قد قضوا ليلة عادية . لا بل واتضح أن أسماء بعض القيادات العسكرية التي أشاعها الترابي لم تكن متواجدة أصلا داخل القوشلاقات تلك الليلة ؛ وإنما كانوا يغطون في نوم عميق في بيوتهم ووسط زوجاتهم وأطفالهم.
ويبدو والحال كهذه ؛ أن الترابي كان ولا يزال يمارس دور" أب دليبه " منذ إنضمامه لجبهة الميثاق الإسلامي عام 1959م . وتوليه منصب الأمين العام عام 1964م .... وحتى مماته.
....................
ربما لو كان محاور الترابي (أحمد منصور) في برنامجه شاهد على العصر ... لو كان هذا المحاور على قدر كاف من الوعي بواقع الإنتخابات البرلمانية السودانية في فترة الديمقراطية الثانية التي تمخضت عن ثورة 21 أكتوبر 1964 واستمرت حتى ليلة 25 مايو 1969م ... لكان قد أدرك أن حسن الترابي لم يدخل البرلمان أبدا من خلال صناديق الإقتراع في الدوائر الجماهيرية طوال التجربة الديمقراطية الليبرالية .. وإنما دخله فقط عبر صناديق "دوائر الخريجين" المثيرة للجدل ؛ بوصف هذه الدوائر لا تمثل زخما شعبيا بقدر ما أنها تمثل نخباً أكاديمية بحتة قليلة العدد من خريجي المرحلة الثانوية الدراسية والمعاهد العليا والجامعات في ذلك الزمان الذي كان فيه خرجوا الثانويات العليا يدخلون في عداد وفئات المثقفين.
ولكن ... وبتحليل بسيط .. فإننا نجد أن حسن الترابي لم يكن يحظى بالأغلبية حتى في هذه الدوائر النخبية التي يفترض بداهة أنها غير قابلة للتسيير الأعمى ؛ ولا تقبل القسمة على قاعدة الطائفية العمياء و" القطيع" ....
ومع ذلك ؛ فإن الموثق هو أن الترابي لم يحصد في إنتخابات دوائر الخريجين سوى أقل الأصوات عددا مقارنة بخصومه الشيوعيين ، أو الأحزاب الديمقراطية التقليدية والطائفية الأخرى.
........................
لا شك أن الشعب السوداني جميعه مع الديمقراطية أينما كانت وحيثما حلت ؛ بوصفها الأقدر على تلبية مطامع ومصالح الشعب على المدى الطويل .
ولكن التجربة الديمقراطية لم تحظى بالقدر الذي يسمح لها بوضع القواعد ؛ وترسيخ المؤسسات الكفيلة ببسط الحماية الذاتية لمكتسبات وجني ثمار الديمقراطية ؛ وتكريس دولة القانون والأخلاق.
..................
لجوء حسن الترابي إلى الكذب المفضوح . وبناء قصور رمال لأمجاده الوهمية ما كان له أن يتجرأ ويتوهمها لو كان هناك نشاط فكري ورواسخ أخلاقية ... ومؤسسات توثيق محكم أمين مستقل عن سيطرة الحكومات وذوي المصالح الضيقة تلوذ به الأقلام الوطنية .....
لقد إتفق الكافة حول العالم منذ الأزل على أن الحضارات لا تبنى إلا على ثلاثة أعمدة ؛ وهي اللغة والتوثيق والأخلاق.
لكننا اليوم لا نرى إتفاقاً على لغة واحدة نجردها من العنصرية والعرقية . ونجعلها لغة خالصة للشعب نعبر بها عن ثقافاتنا المحلية المشتركة.
وإهمالنا التوثيق يجعلنا نختلف حتى على تفاصيل ومجريات ماضي لم تمضي عليه بضع سنوات.
نكوص الممارسة السياسية عن الإلتزام بجانب الأخلاق إنداحت سلبياتها على كافة الممارسات الأخرى ... وأصبحنا اليوم في حاجة ماسة إلى تصميم ووضع حدود أخلاقية تحول دون ما أصبحنا نسمع ونقرأ من تزوير للتاريخ . وتجاوز للقوانين ؛ وإجهاض للمبادرات الوطنية الإصلاحية ... وتقاطع للمصالح الشخصية الضيقة مع مصالح البلاد العليا والإستراتيجية.
.................
تبقت الإشارة إلى جانب مثير للإهتمام والدهشة من شخصية الترابي ؛ لم يتبدى إلا حين فاجأه محاوره بالسؤال عن علاقته العاطفية مع زوجته شريكة حياته السيدة وصال الصديق عبد الرحمن المهدي . وذلك حين وجه إليه سؤالاً مباشراً:
- كان في قصة حب؟
فسارع الترابي إلى النفي قائلاً:
- لا .. كانت تلميذتي.....
ثم أردف قائلاً:
- هي كانت إسلامية.
سبحان الله .... ما هي هذه الشخصية ؟ وكيف تفكر ؟.. وكيف تعيش دواخلها ؟ .... وما هو لون الدماء التي تجري داخل عروقها؟
روى البخاري ومسلم ؛ أن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال لسيدنا النبي صلي الله عليه وسلم : يارسول الله من أحب الناس إليك؟
قال أشرف الخلق: عائشـــة.
قال عمرو: إنما أقول من الرجال؟
قال أشرف الخلق : أبـــوهــا.
فإذا كان أشرف الخلق قاطبة ؛ وسيدهم وأحبهم وأكرمهم وأعلاهم شأنا في الدنيا والآخرة لا يتحرج في التعبير صادقاً بمثل هذه الشفافية عن حبه لزوجته السيدة عائشة .... ثم يعـزز معاني ودرجات حـبه لها بالقول (أبوها) ولم يقل أبو بكر .
فإننا نستغرب كيف يتحرج حسن الترابي عن التصريح بحبه لزوجته وشريكة حياته الذي يعرف القاصي والداني أن قدميه قد حفيتا للزواج منها ؛ ولكننا نفاجأ لتهربه من الإجابة بطريقة العذر الأقبح من الذنب ؛ حين ردّ علاقته بها إلى كونها تلميذته .... وعـزا إرتباطه بها إلى كونها كانت إسلامية مثله ؟
أو كأني به يرغب هنا الإشارة إلى أن إسلامه هو .. إسلامه العالي هو الذي قربها إليه .... ويا بلاش.
وصدق القائل : فاقد الشيء لا يعطيه ..
فما كنا لننتظر والحال كهذه أن يمنح الترابي أرضه وشعب بلاده حبا ..... وما كنا لنتوقع والحال كهذه أن يمنح الترابي شهادته على عصره صـدقاً وشفافيةً في روايته لدوره وغيره في ثورة 21 أكتوبر 1964 ... وهو الذي ترفـع ، ونكص على عقبيه ونآى بجانبه عن صدق وشفافية العاطفة الإنسانية الجياشة حتى في علاقته مع حلاله وأقرب الناس إليه...
التعليقات (0)