من فرط غفلة الناس عن أحوالهم وأحوال غيرهم ، ولاعتقادهم بأنهم عرفوا كل شيء ، فلا داعي للتفكر والتأمل والتدبر بعد اليوم ، ولظنهم أنهم كشفوا كل مستور وكل حجاب ، فرأوا بواطن الأشياء قبل ظواهرها ، بلغ بالكثير منهم الجهل مبلغا ً راحوا يعتقدون معه أنهم هم محور الكون ، فلا مهم إلا هم ، ولا حق لكائن سواهم ، وإذا كان بعض هؤلاء الجهلاء يستكثر على المؤمن إيمانه ، ويهزأ بمقدساته ، وهو إنسان عاقل مثله ، فكيف – بربك – ستكون نظرته إلى المخلوقات غير العاقلة والجمادات !
إذا كان هؤلاء يتظاهرون بالانتماء إلى العالم الحر ، فالعالم الحر الليبرالي ملتزم بحقوق الإنسان والحيوان والجماد معا . وحرية الإنسان في العالم الحر تنتهي عند حدود حقوق المخلوق أو الكائن الآخر . وإلا ، هل يحق لملحد – مثلا ً – أن يقف عند باب كنيسة أو مسجد أو كنيس أو معبد ، ويصيح بأعلى صوته : ربكم كذا .. ونبيكم كذا .. ويتبع ذلك بأقذع الشتائم وأحط الألفاظ ؟
وهل يحق لأنسان المجتمعات المتحضرة أن يطارد ويصطاد الحمائم واليمام التي تحط في الشوارع والساحات ، وتلتقط أحيانا ً طعامها من أيدي المارة ؟ وهل يحق له دهس القطط والكلاب بسيارته عامدا ً ؟ وهل يحق له أن يؤذي الأشجار والنباتات المزروعة في الحدائق العامة أو الخاصة ؟ وهل يحق له أن يطارد السناجب أو يصطاد البلابل أو يقذف السماوات بالأحجار ؟
في أبسط الفروض ، وإذا كان رجال الشرطة متفهمين ، فسيقولون إن هذا الرجل مخبول ومريض وعلينا أن نساعده على العلاج ، عبر إرساله إلى أقرب مصحة نفسية !
مع هذه الحقائق ، لماذا يمنح بعض الناس لأنفسهم الحق بمد حدود حريتهم إلى داخل حرم حرية الآخرين ؟
ترى ، هل يسمحون لأعين المارة بالامتداد إلى مخادعهم الزوجية بالوصف والتشنيع والتقبيح مثلا ً ؟ هذا حرم و ذاك حرم ، ما الفرق ؟!
الحرية محدودة بالذوق وعدم التصادم والتناقض مع حريات الآخرين أيها السيدات والسادة ، فهل فهمتم أم أن علينا أن نعيد ونزيد ؟!
علاء الزيدي
التعليقات (0)