كُتب هذا النص و نشر لأول مرّة على صفحات إيلاف فنظر فيه صديقي سعيف الظريف و عدّل فيه بعض الأجزاء فخرج النص في هذه الحلة الجديدة و هو متوفر كذلك على face book)
أهل ايلاف
وكان من شأنه أن انتبه إلى الشأن العامّ و نظر إليه فرأى الأوضاع في الإدارة حيث كان يعمل قد ساءت فقد عم الظلم و الاستغلال و ساد جوّ من النفاق الاجتماعي و كثرت المحسوبية فما استطاع سبيلا إلا سبيل الهروب و رجاء الغفران حتى لا يكاد يُرى الا مُتمتما بلفظ الاستغفار.
لجأ إلى مكتبه و أوصد بابه. صل صلاة الظهر و أطال السجود متورعا لله أن يجيره من شر هذا الزمان. ثم عمد إلى مدونة إيلاف يعالج ما بها من اعوجاج و يصحح ما طرأ على كتاباته من أخطاء و يقرأ لهذا هنا و يترك تعليقا هناك.
طال به الوقت حتى غالبه النّعاس و غطّ في نوم كأنه الموت .انكبّ على لوحة التّحكم.
لم يتذكر حين أفاق غير طائر الكناري المعلق على الحائط.... تسارعت دقات قلبه لما رآه مستكينا لا يتحرك على غير عادته.... هزّ به القفص فشدى الطائر بديع الألوان بما عوّده به من ألحان....
تركه بعد أن سكب له بعضا من الماء البارد و أطعمه حبات سمسم كان يحتفظ بها في درج مكتبه.
فتح الباب لكنه كاد من الصاعقة أن يُغمى عليه و هاله ما وجد عليه المبنى الذي زالت كل طوابقه بحيث لم يبقى سوى مكتبه معلقا بين السماء و الأرض كأنما تشده حبال خفية نحو الأعلى.
فرك عينيه و غادر الغرفة عبر النافذة متسللا من خلال أسطح البنايات المجاورة.... وقف على حافة الطريق الذي لم يكد يجد ملامحه التي تركها عليه.... عبثا بحث عن وسيلة نقل تقله إلى منزله.... كانت الطريق خاوية على غير عادة. لا ازدحام و لا وجود لأي سيارة أو حافلة أو أي نوع من أنواع العربات التي تعج بها الطرقات في مثل هذا الوقت.... استغرب الأمر و رفع رأسه نحو السماء كأنما يسأل ربّ السماء عما حلّ بمدينته. هاله ما استقرت عليه عينه لقد رأى قاطرات طائرات صغيرات اكتظت بهنّ السماء و أصوات المنبهات لا تكاد تحتمل. كان المشهد لونا من ألوان اللوثة أو كانّ الحال خيال علمي من خيالات الصور المتحركة غير أنّ الأمر كان حقيقة تعضّه من يده و تكدّس الغربة فيه .أتراه في زمن غير الزمن؟ أم في أرض غير الأرض؟
كاد يبكي لولا انه في رجاءه استعاد الثقة في فوزه من الهول و في نجاته مما قلب الأرض سماء و السماء أرضا. فرقّ وهدأ و جزع و اطمأنّ حتى كأنه في حسّه لون ولون أو حرباء تتلون بالف رداء.. .
أسعفه العقل و تذكر أن له دينارا في قعر جيبه فأسرع يتلمّسه و خطر له أن يمضي به الى السوق فيرى ما سيؤول اليه. وصل السوق فإذا المكان غير المكان الذي تركه اخر مرة. كان مرتبا مرصوفا ليس فيه تاجر و لا صياح باعة و لكن أصوات موسيقى لافتة. كانت السوق مرتبة بطريقة مرضية و لا وجود لبضاعة مرصوفة يتلمسها او يلتهمها بعينيه.لم تستقرّ نظره الا على شاشات ذكية دًُوّنَ عليها قائمة البضائع. تتزين الشاشاتُ بالصور و تظهر فيها فتيات كأنهن في الجمال أية يغمزن و يتبرجن و ينادين إشارة و همزا .
ضغط على احد الأزرار يبغي حليبا. طلب منه الصوت الآلي أن يُدرج النقود الإلكترونية في المكان المخصص لها. ألقى بديناره اليتيم إلى الآلة فلفظته لتوها. شعر بالجزع و تأكد له أن المكان صار غير المكان و التفت يبحث عن مرشد فلم يرى غير رجال آليين لا يفقهون ما يقول و ينظرون إليه في غرابة وانتبه أخيرا انه على غير شاكلتهم.
عاودته الدهشة و استقر عنده أن يهرب فمضى إلى مكتبه و تسلّق من الحبال ما استطاع فتح جهاز الكمبيوتر و نادى أن يا أهل إيلاف أغيثوني.
ختام البرقاوي و سعيف علي الظريف
ما بين 15 جويلية و 14 سبتمبر 2009
شكرا ختام على عودة بهية
و قد اكلنا السؤال عنك اين كنت؟
اصبحت اورد مواضيعي غالبا في خانة المواضيع الخاصة لذلك لا تظهر عادة على الواجهة
دمت
التعليقات (0)