هذا ليس عنوان لمقالتي بل عنوان لكتاب من تأليف الدكتور سلمان بن فهد العودة، من إصدارات الإسلام اليوم للإنتاج والنشر 1431هـ/2010م، ويقع في 361 صفحة. والمؤلف عبارة عن مجموعة من المقالات المتفرقة عن أحداث مر بها وعايشها عبر بضع سنوات ووجد أنها تتكامل في موضوع واحد يتعلق بالخلافات والصراعات التي تعصف بالناس وطريقة تعاطيهم معها. حيث حرص المؤلف على استكمال الموضوع عبر مقالات عديدة كتبها خصيصاً لهذا الكتاب، أي استكمالاً للموضوع، وفصل بين كل موضوع وموضوع بكلمات هي عبارة عن حكم أو كلمات حاول إيجازها تشبهاً بالحكماء على حد قوله، لتكون خلاصة تجربة حياتية أو خلاصة قراءة علمية.
يحتوي الكتاب على خمسة وأربعين مقالة بما فيها المقدمة التي تتقدمها هي أيضاً حكمة تقول: "اكتشفت أن حس المعركة هو المفتاح السحري الذي بمقدوره تشغيل نظام الفكر والعمل لدى الجمهور الأعظم من الناس".
ويذكر المؤلف في كتابه أن أعداء النجاح كثر ولهم تأثير على من ينصت إليهم، والمطالبة هي عدم الانصياع لمن يقف في الطريق حاجزاً يدعو لعدم الاستمرارية في النجاح. ولكنه في آخر مقالاته دعى إلى التصافي أو للمصالحة مع عدم إلغاء جوانب الاختلاف، لأنه قد يوجد ما يدعو للاختلاف في أمور كثيرة فالاختلاف سنة إلهية ولا حيلة لدفعها بل لو لم يوجد الاختلاف لكان ذلك تفويتاً لكثير من المصالح والخيرات، وقد أمتن البارئ جل وعز بتنوع ألسنتنا وألواننا وسائر أشيائنا. كما دعى إلى استثمار الاختلاف الايجابي، عوضاً عن أن يتحول إلى تحضير للصراع واستعداد للنزاع، وأن تجتمع القلوب حتى إن لم تجتمع العقول، وتفعيل الأخلاق على أكمل وجه وليس تفعيل المعرفة فحسب. ويدعو الكتاب للاهتمام الكبير بالدوائر المتفق عليها والعناية بالمشتركات الإنسانية والإيمانية وهما ضخمتان. والترحيب بالاختلاف الهادئ والاتفاق الأصيل، والفصل بين حق العلم وبين غرور النفس ونزقها وشيطنتها وكبريائها وأنانيتها.
وردد شعراً من ديوان بهاء الدين زهير اختار منه:
تعالوا بنا نطوي الحديث الذي جرى
ولا سمع الواشي بذاك ولا درى
تعالوا بنا حتى نعود إلى الرضى
وحتى كأن العهد لن يتغيرا
ولا تذكروا ذاك الذي بيننا
على أنه ما كان ذنب فيذكرا
لقد طال شرح القال والقيل بيننا
وما طال ذاك الشرح إلا ليقصرا
من اليوم تاريخ المحبة بيننا
عفا الله عن ذاك العتاب الذي جرى
فكم ليلةٍ بتنا وكم بات بيننا
من الأنس ما ينسى به طيب الكرى
أحاديث أحلى في النفوس من المنى
وألطف من مر النسيم إذا سرى.
أدرك جيدا بأن الكلام سهل والفعل ليس كذلك، فلك تتجاوز المرحلة المتخلفة في واقع أفرادنا وجماعتنا وتياراتنا ومجتمعاتنا ودولنا، نحتاج إلى الرقي الفردي والتوفق على الـ أنا وتجاوز الحظوظ الذاتية، نحتاج إلى مبادرات نبيلة من هذا النوع هنا وهناك، تتجاوز الأتباع والمريدين، والمصالح الخاصة لتكون تأسيساً حقيقاً لمستوى من التجرد والصدق يسعى إليه الجميع.
سعد الشمراني
التعليقات (0)