لم يعد مفاجئا أن يرمي الوزير ــ الذي لا يشبهه إلا هو ــ الدكتور غازي القصيبي تصريحا من العيار الثقيل أو اعترافا ضمنيا غير متوقع أو عبارة أدبية مدهشة لا تخرج عن سياق الموضوع، أمام ثلة من الصحافيين، رافعا عنهم كلفة البحث عن عناوين مميزة لمادتهم الصحفية.
لا يتوقف الأمر عند تنصيب جمل وكلمات الوزير على رأس الصفحة الأولى من الجريدة، فللكتاب نصيب من التفاعل مع أطروحات الوزير الجدلية، بين منتقد يركض في المسافة التي تفصل بين تصريحات الوزير وأداء وزارته، وطامح لشيء من الضوء بالدوران حول الوزير النجم، وقد لا أخرج من أن أحشر مع أحد الصنفين، وليكن.
الوزير الدكتور الذي يدير العمل، الحقيبة الأثقل وزنا بهموم لقمة العيش وأحلام المهمشين على رصيف البطالة في بلد متخم بالعماله المستوردة، شنف قبل أيام مسامع الحضور بتصريح من النوع المفرط شفافية وصحو ضمير. يقول «آوي إلى فراشي وأنا أرتعد خوفا.. هل سيحاسبني الله عن كل عاطل وعاطلة؟ وماذا سأقول أمامه يوم الحساب وقال لي ماذا فعلت من أجل عبادي وأماني الباحثين عن العمل».
هل الوزير لا يتنبأ بما يقول، بمعنى أنه لا ينتقي أسلوبه الخطابي وكيفما تأتي، أم أن روح الأديب والمثقف التلقائية والشفافة والمرحة أحيانا تحضر، أم أنه تجاوز مرحلة «الوضع مطمئن» و«نبذل قصارى جهودنا لاحتواء المشكلة» و«نفعل ما علينا والكرة في ملعب هؤلاء» وغيرها من التصريحات المستهلكة.
القصيبي يفكك حالته النفسية أمام الحضور قبل أن يرضي غرور أسئلتهم بإجاباته المحاصرة بالأسئلة. وفي حال وجد صعوبة في إيصال فكرته، فإنه يستجدي أدبيته الكبيرة للجم تهور الباحثين عن عناوين مروجة، فـ«السماء لا تمطر وظائف حكومية» كانت العبارة الأكثر تداولا على الألسن والصفحات الإلكترونية.
ويبدو أن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة يسير على ذات النهج، وكان حضوره الإلكتروني غير المسبوق على الفيس بوك وتصريحه الأخير «لو كنت في الشورى لانتقدت تقرير وزارة الإعلام» عدة يقطع بها جسر الشفافية المفرطة باتجاه العمق.
الاعتراف بالخلل ومكاشفة الذات وحتى جلدها طريق سهل للتجاوز، ولو لم تصل بصاحبها إلا إلى القلوب فذلك يكفي. شكرا للوزيرين.
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20090702/Con20090702288818.htm
التعليقات (0)