أحياناً اضطر إلى أن أستقل تاكسي الأجرة نتيجة لظرف من الظروف .. و أحياناً و نتيجة للظروف أيضاً يتم فتح حوار مع السائق الذي عادة ما يبتدأ الحوار و عادة ما يكون متذمراً .. و عندما أسأله كيف هي مهنة التاكسي ؟؟ يجيب بامتعاض .. و الله يا حبيبي هذه شغلة اللي مالو شغل .
دائماً و غالباً ما تتكرر هذه العبارة على ألسنة هؤلاء القوم ( سائقوا التاكسي ) عندما تسألهم عن شغلة التاكسي .. فتتلقى الجواب نفسه .. هذه شغلة اللي ما إلو شغل .
هذا يا سيدي الكريم .. و في ليلة ليلاء ما فيها ضو قمر .. كنت عائداً إلى المنزل مساء و كان الجو ماطراً فاستقليت تاكسي أجرة .. و في الطريق افتتح الشوفير جلسة الحوار الوطني و بدأ الكلام حتى وصل إلى عبارة قال فيها عن تاكسي الجرة .. هاي شغلة اللي مالو شغل .
هنا و كما يقال بالعامية ( فقعت الطبّة معي ) فنظرت إليه و قلت له .. حبيبي .. هااااااي شغلة يللي إلو شغل و هي الوحيدة اللي شغلة اللي إلو شغل .
نظر الرجل إلي بدهشة و قال .. معقووووول ؟؟؟؟!!!!!
قلت له .. إإإإإإإإإإإإإإي نعم معقووووووووول .
سأل باستغراب .. و كيف ذلك يا أخ ؟؟؟!!!
قلت .. هذه يا سيدي شغلة المحامي و الطبيب و الضابط و القاضي و دكتور الجامعة و المهندس .. كل واحد من هؤلاء يا سيي لديه أكثر من سيارة تاكسي أجرة يقوم باستثمارها .. و لا تسأل عن سيارة تاكسي إلا و تكون لواحد من هؤلاء و غيرهم من أشباههم و أمثالهم .. ليس ذلك فقط بل حتى الشوفيرية الذين يعملون عليها .. لديهم وظائف بالدولة أو في مكان آخر .. و انت الذي لا أعرفك .. متأكد انك واحد منهم .
ثم وضعت يدي على رأسه و قلت له .. إيدي على راسك و النبي كبّاسك ماذا تعمل بالضبط ؟؟.
ضحك الرجل و قال .. انا أستاذ عربي و أعمل بعد الظهر على هذه التاكسي التي هي لقريبي الموظف في الـ ..... إحم إحم .
عندما وصلنا إلى المنزل و طلبت منه الوقوف .. سألني .. عفواً أخي الكريم أنت ماذا تعمل بالضبط ؟؟؟ .
قلت له .. أنا ياللي أعمل بشغلة اللي ما إلو شغل .
سأل بدهشة .. و ما عملك ؟؟؟!!!
قلت له .. كاتب و باحث .
ضحك الرجل .. ضحك و ضحك و ضحكت أنا معه ثم مددت يدي لأنقده الأجرة فامسك يدي و قال .. لا و الله يا أستاذ ما باخد منك .
قلت له لماذا ؟؟؟!!
قال .. لأنو شغلتك هي فعلاً شغلة اللي ما إلو شغل .
نهاية المطاف نقول .. عيب على هؤلاء الفئة الذين لديهم أعمال تجارية و مهنية و مناصب حكومية تدر عليهم أموالاً طائلة .. ثم يأتون نهاية المطاف و يتعدّون على أعمال هي من حق غيرهم الذي لا يجد عملاً .. إن هذا لهو أكل السحت بعينه و هو نوع من أنواع الفساد في الدنيا و الطمع فيها و الجشع و الانتهازية .
نزار يوسف
التعليقات (0)