أن يكون يوم الوطن يوما للتخريب، فهو الأمر الجديد، ولكن ما ليس بجديد أن نعرف أن لدينا من الشباب والمراهقين من هم على استعداد تام لخوض أية تجربة، خصوصا تلك التي تشعرهم بروح المغامرة والبحث عن التغيير والخروج عن المألوف حتى لو كان ذلك على حساب أنفسهم، وليس التفحيط وحركات الاستعراض القاتلة بالسيارات بأقل خطورة مما حدث في الخبر.
تلك الأحداث ليست إلا شاهدا حيا على واقع مؤلم لشباب حائر بين ثقافتين منحازتين؛ الغرور والكبت، والحديث يطول في ذلك. وهي كذلك تشهد على فشل المنهج المدرسي الذي تبنى الوطنية كمادة دراسية لسنوات لكنه لم يقدم للطالب الطريقة المثلى التي يمكن أن يحتفي فيها بالوطن ويحترم يومه التاريخي ويحافظ على ممتلكاته من العبث.
أن يتحول الاحتفال باليوم الوطني إلى مظاهرة شغب ومواجهات مع رجال الأمن في الشوارع والأسواق، أمر مخجل ولا يجب السكوت عنه، ويتعين على المختصين من أهل التربية والاجتماع ورجال الأمن أن يتدارسوا الوضع ويقتربوا من الأسباب ويضعوا الحلول والبدائل.
وربما نحتاج في الأعوام المقبلة إلى حملة تثقيفية بيوم الوطن، ليس للتعريف بالوطن ولكن للإرشاد بكيفية التعبير عن حب الوطن دون التعدي على حقوق الآخرين، وقد يكون الحل في تخصيص مواقع للاحتفال والتجمهر ويمكن استغلال الملاعب الرياضية والساحات العامة والشوارع الكبيرة لذلك، وتدعيم هذه الاحتفالات ببرامج وفعاليات جاذبة.
في الدول الأجنبية تقام احتفالات كثيرة على مدار العام، تتخللها مسيرات كرنفالية وعروض فلكلورية ومسارح متنقلة، فلا يبدو أن في ذلك إشكالية لو تم تطبيقه لدينا تحت إشراف لجان متخصصة وجهات رقابية.
ومن خلال ذلك يمكن احتواء الجمهرة وامتصاص حماس الشباب وشحنات الطاقة في دواخلهم، وكذلك الاحتفال بيوم الوطن بعيدا عن الفوضى، وليكن يوما وطنيا سنويا تاريخيا يرسخ في الذاكرة، دون أن يأسف الكبار على حال صغارهم.
التعليقات (0)