من شاهد مقدار الحشود التي تدافعت لمشاهدة لعبة تافهة ، لم تقدم ولم تأخر في قضايا الأمة المصيرية شيئاً ، لأدرك المدى الذي وصلت له الأمة الإسلامية من تخلف وانحطاط وتفاهة ، وتفرق وتشرذم ، ولوضح له وللعالم جلياً مدى عزة هذه الأمة البائسة على إخوتها وأبناء جلدتها ، وذلتها أمام أعدائها وجبنها وتقاعسها في رد حقوها المغتصبة ، وتخاذلها عن إعادة ماء الوجه لكرامتها المهانة .
ومن شاهد مقدار الدعم والجهود التي بذلتها تلك الحكومات من أجل تسهيل توافد تلك الوفود لملاحقة هذا الحدث ، من خلال توفير الطائرات التي عملت على نقل هذه الحشود ومجاناً ومن فتح الحدود لها وبكل يسر ، لأدرك أن هذه الطغم والحثالات لا هم لها إلا صرف أنظار تلك الشعوب عن قضاياها المصيرية .
ولا بد أن من شاهد كل هذا الاهتمام والحرص من قبل هذه الحشود ورأى كل هذا الدعم والتسهيل من قبل الحكومات ، والذي قاد في النهاية إلى وقوع معركة وطيس داخل شوارع عربية وعبر وسائل إعلام مختلفة ، ترسخ في ذهنه أن هناك أبطالاً بالفعل ، في طريقهم لقيادة هذه الأمة إلى نصر مؤزر !!
ولا بد أن كل من شاهد هذه الحشود وهذا الدعم من قبل الحكومات ، لا بد أنه قد منى نفسه أن يكون ربع هذه الحشود ، والربع فقط !؟ قد خرج لنصرة المسجد الأقصى الذي يتعرض للهدم والتخريب ، ولتمنى كذلك أن تلك الحشود قد خرجت زاحفة لنصرة أهل غزة يوم أن قتل نسائها وذبح أطفالها ونكل بشيوخها ، وان تعلنها حرباً ضد كل من حاصر أهل غزة من يهود وغيرهم ، بدل أن تساق تلك الشعوب كأي دواب مسلوبة الإرادة ، نحو مباراة ظننا جميعاً أن في قيامها حصول تغيير جذري داخل امتنا .
إن وجود مثل هذه النوعيات من الشعوب بيننا ، يؤكد السر في بقاء هذه الأنظمة المتخاذلة المتحكمة في رقابنا ، فقد قال عز وجل في وصف هذه الحالة ، وتوضيح هذا الواقع ، عندما ذكر لنا قصة فرعون واستعباده لقومه : " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ " الزخرف 54 ، إذا نحن السبب في هذا !؟ .
ووجود مثل هذه النوعيات من الشعوب بيننا ، هو ما أفرح يهود منهم ومن تناحرهم وتشرذمهم وتفرقهم ، وتفاهة أفكارهم التي يحملونهم داخل جماجمهم النتنة ، ولا غرابة أن يُفرح مثل هذا الحدث يهود ، لأن مثل هذه النوعيات من الشعوب ليست مؤهلة سوى للهز والرقص ، والجري خلف هذه التوافه من الأمور ، ومثل هذه النوعيات ستجعل يهود يمدون حبالهم طويلاً ، ويزيدون من سعيهم في الأرض فساداً وقتلاً وتدميراً .
إن مثل هذه النوعيات من الشعوب ليست مؤهلة لأن تقود المعركة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما الشعوب التي ستقود الأمة إلى هذا النصر فهي التي عرفها أحد اليهود فقال : " نحن نعرف نهايتنا ، ولكن هؤلاء لم يأتوا بعد ، ومن سيتم على يدهم النصر هم الذين ستمتلئ بهم المساجد في صلاة الفجر والعشاء كما وهي تمتلئ اليوم في صلاة الجمعة " والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
احمد النعيمي
Ahmeeed_asd@hotmail.com
http://ahmeed.maktoobblog.com/
التعليقات (0)