و انت تتابع الاخبار الواردة من ليبيا و خاصة تلك المتعلقة باستعدادات الثوار لدخول مدينتي (بني الوليد) و (سرت) سلما و دون اللجوء الى استعمال السلاح، تقفز مباشرة الى الأذهان الأنباء التي كانت تتحدّث عن أرتال من القوات التي سيّرها القذافي باتجاه مدينة بنغازي لسحق انتفاضتها في بداية الثورة الليبية.
الشهادات التي قدمتها الشخصيات المنشقة عن نظام القذافي و لاسيما كل من (موسى كوسا) و (عبدالسلام جلود) تؤكد أن النية (نية القذافي) كانت متجهة بالفعل الى "سحق" مدينة بنغازي بكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى.
فلاحظوا معي الفرق بين من يمثل أخلاق الشعوب العربية و بين من يمثل "أخلاق" الدكتاتوريات العربية، فالعقيد ليس استثاءا في هذا الصدد، فلازال الجميع يتذكر المجازر التي وقعت في مدينة "حماه" السورية بداية الثمانينات في عهد الرئيس السوري حافظ الأسد.
و اليوم يحاول "الأسد الصغير" تكرار فعلة والده و لكن على نطاق أوسع غير أنها ستبوء بالفشل و هي بدأت بعد في الفشل بالنظر الى الزخم اليومي الذي تشهده الثورة السورية سواء على الأرض أو على مستوى الأصداء في الخارج.
هذا الفرق متولد من أن تلك الديكتاتوريات العربي تعي جيدا انها لا تستطيع أن تحكم الا بالحديد و النار و أن سبيل الكلمة بالكلمة و الحجة بالحجة و الرأي بالرأي مع شعوبها سيخرجها خاسرة في نهاية المطاف.
و ما يتحلى به الثوار الليبيون في معالجتهم لمسألة الدخول الى مدينتي (سرت) و (بني الوليد) من حكمة و تروي و وطنية على وجه الخصوص، بالرغم من بعض الهنات التي كانت هنا و هناك، تبين من يمثل الخطر الحقيقي أمام وحدة التراب الوطني في كل بلد عربي، و من يتجاهل المصلحة العليا للبلد في سبيل اعلاء مصالحه الشخصية الضيقة.
الشعوب العربية شعوب عاقلة و تعي جيدا أين تكمن مصلحة البلد عكس ما كان يصور على أنها شعوب متهورة تجهل المصلحة العامة و لا تعرف كيف تحافظ على اوطانها...فقط كان "القائد الملهم" و "ولي الأمر" هو من يعي بعبقرية خالصة صالح البلاد و العباد.
لذلك كله وجبت الثقة في هذه الشعوب التي تحكم العقل وحتى و هي تحمل السلاح بين أيديها فما بالك و هي تجلس تحت قبة برلمان منتخب و نابع من قاعدتها؟
التعليقات (0)