باحث مجهول هو الذي اختار لهم قصائدهم
شعراء من قطر يتلاقون ضمن كتاب في جريدة
بقلم: حسن توفيق
لكل عمل إنساني هدف، قد يكون معلناً أو خفياً مستتراً، وقد يكون نبيلاً أو دنيئاً، وعلي ضوء تحقق الهدف أو عدم تحققه تماماً أو بصورة جزئية، نستطيع أن نتحدث عما وصل إليه العمل من نجاح أو فشل. إذا انطلقنا من هذا القول العام للحديث عن مشروع واحد محدد، هو مشروع كتاب في جريدة فلابد من الاشارة إلي الهدف من وراء هذا المشروع، وهو السعي لاجتذاب القراء العرب الذين تشغلهم هموم العيش عن القراءات الأدبية نحو تلك القراءات، وهذا ما لا يتحقق إلا إذا كانت الأعمال الابداعية التي يتم تقديمها إليهم من خلال كتاب في جريدة أعمالاً جميلة قريبة من أذواق غالبية هؤلاء القراء العرب غير المتخصصين، من حيث بساطة لغتها وجمالها مع البعد عن التقعر أو التعقيد أو إرهاق عقول القراء العاديين بما لا تتحمله غير عقول الباحثين المتخصصين.
المتنبي- الدهر المنشد هو أول ما أصدره كتاب في جريدة يوم الأربعاء 5 نوفمبر سنة 1997 وقد لقي هذا الاصدار تجاوباً مذهلاً واستحساناً هائلاً من جانب الذين أتيح لهم قراءته من خلال الجرائد المشاركة في المشروع، وهذا يعني أن الهدف المعلن قد تحقق بشكل أتاح للعمل أن ينجح، وقد تتالت إصدارات أخري عديدة منذ يوم 5 نوفمبر سنة 1997 حتي شهر ديسمبر من سنة 2008 التي تشرف علي نهايتها، ومن هذه الاصدارات ما أستطاع أن ينفذ إلي قلوب القراء وعقولهم، ومنها ما لم يتحقق له سوي الفشل الذريع، لأنه- بكل بساطة- آثر أن يبتعد تماماً عن الهدف المعلن، هدف التوجه إلي القراء العاديين لا المتخصصين.
قدم كتاب في جريدة ما أسماه ديوان الشعر العربي في الربع الأخير من القرن العشرين عبر أثني عشر إصداراً، وقد كتبت عن إصدارات عديدة منها، وحكمت- كما حكم سواي ممن كتبوا عنها- عملاً علي ما تحقق من نجاح جزئي لبعض منها وما وقع لبعض آخر من فشل ذريع، ولم تكن الأحكام صادرة عن هوي شخصي أو مزاج معين بقدر ما كانت منبثقة من خلال اقترابها أو ابتعادها عن الهدف المعلن للمشروع، وهو اجتذاب القراء العاديين لا المتخصصين.
أتوقف اليوم عند الإصدار الثاني عشر والأخير من سلسلة ديوان الشعر العربي في الربع الأخير من القرن العشرين وقد صدر يوم الأربعاء 3 ديسمبر 2008 متضمناً ما تم اختياره من قصائد لشعراء ثلاث دول عربية خليجية، هي دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ودولة قطر.
أول ما لاحظته علي هذا الإصدار هو غياب اسم الباحث الذي اضطلع بعملية اختيار قصائد الشعراء، وذلك علي غير المألوف والمعتاد، وهذا يعني أن باحثاً مجهولاً هو الذي اختار ما اختار دون أن يستطيع أحد أن يتوصل إلي معرفة هذا الباحث المجهول باستثناء القائمين علي أمر كتاب في جريدة وحدهم، والسؤال الآن: كيف يمكننا أن نشيد بهذا الباحث إذا كان ما اختاره جميلاً ودقيقاً أو أن نوجه له النقد إذا لم يكن ما اختاره متسماً بالجمال أو متميزاً بالدقة.. كيف يمكننا أن نشيد أو أن نوجه النقد إلي باحث مجهول ليس له اسم وليست له حيثيات معروفة ومعلنة؟!
المقدمة التي يستهل بها الإصدار الثاني عشر مختاراته موقعة - علي غير العادة - لا باسم شخص محدد، وإنما باسم كتاب في جريدة ونتوقف هنا عند هذه الفقرة قبل الأخيرة من المقدمة حيث نعرف أنه .. فيما يتعلق بمختارات الشعر العماني تم تكليف الشاعر العماني صالح العامري باختيار شعراء عمان لهذا العدد، فيما قمنا في كتاب في جريدة بالاتصال بأكثر من شاعر من دولة قطر بغية الاستشارة والتعاون لانجاز العدد، وقام المحرر الأدبي بإعداد نماذج من الشعر الإماراتي.. .
بكلمات واضحة وصريحة، أقول أن ما تحقق علي هذا النحو لم يخضع لأي منهج علمي، لأنه اعتمد علي مزاج شاعر عماني في اختياره لقصائد شعراء عمان، كما أعتمد علي الاتصال بأكثر من شاعر من دولة قطر بغية الاستشارة والتعاون، واعتمد علي ما توفر لـ المحرر الأدبي لكتاب في جريدة من نماذج للشعر في الإمارات العربية، أما المنهج العلمي الموضوعي الذي كان لا بد من اتباعه، فهو البحث عن مختارات سابقة، قدمتها لجان أو أعدها نقاد متخصصون، وذلك للاستعانة بها في تقديم مختارات كتاب في جريدة وسأشير هنا إلي كتابين، أولهما مختارات من الشعر العربي الحديث في الخليج والجزيرة العربية وقد صدر سنة 1996 عن مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، وهو يضم - ضمن ما يضم - مختارات شعرية دقيقة لشعراء سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية ودولة قطر، وأما الكتاب الثاني فهو مختارات من الشعر العربي في القرن العشرين وقد صدر كذلك عن مؤسسة البابطين سنة 2001 وهو يضم - في الجزء الثالث منه - مختارات لشعراء سلطنة عمان ودولة قطر، وفي هذين الكتابين من المنهج العلمي الموضوعي ما لم يتحقق في كتاب في جريدة، لأنه لم يتبع ما كان يتوجب عليه اتباعه.
وتتضمن الفقرة الأخيرة من مقدمة الإصدار الثاني عشر أخطاء واضحة وفادحة، وهي بالحرف الواحد:
وقد خضعت اختيارات شعراء هذا العدد كما في أغلب الأعداد السابقة إلي منهجية زمنية تقوم علي أساس الإصدارات والتجارب التي ترسخت في الفاصلة الزمنية المحددة (الربع الأخير من القرن العشرين أي ما بين عامي 1957 و2000) ولذلك من المهم الإشارة إلي وجود تجارب تندرج في السياق الفني العام لهذا المشروع لكن أسمائها لم ضمن هذه المختارات ذلك أنها بدأت ظهورها بعد العام 2000 .
وحين أبادر إلي تصحيح الأخطاء، أقول إن المقصود ليس سنة 1957 وإنما سنة 1975 حتي سنة 2000 أي ربع قرن (25 سنة) وأما حكاية لكن أسمائها لم ضمن هذه المختارات فإني سأصححها دون تعليق علي النحو التالي لكن أسماءها لم تدرج ضمن هذه المختارات وليس صحيحاً بالمرة أن هذه الأسماء غير المدرجة بدأت ظهورها بعد العام 2000 بل إني أقول أن هناك دواوين قد صدرت بعد سنة 2000 ومع هذا فإنها قد أدرجت ضمن هذا الإصدار الثاني عشر، بينما نجد - مثلاً - إن عطف هذا الإصدار لم يشمل ديواناً شهيراً بعنوان الليل والضفاف رغم أنه قد صدر سنة 1983 كما لم يشمل ديوان مرآة الروح الذي صدر في طبعته الأولي سنة 1989 أما طبعته الثانية فقد صدرت في بيروت سنة 2003.
ثلاث شاعرات وثلاثة شعراء من قطر هم الذين اختار لهم الباحث المجهول ما اختار من قصائدهم، أما الشاعرات فهن حصة العوضي وزكية مال الله وسعاد الكواري، وأما الشعراء فهم خالد عبيدان وجاسم صفر وسنان المسلماني، وهؤلاء هم وحدهم الذين شملهم كتاب في جريدة بعطفه السامي، فتحقق لهم أن يتلاقوا ضمن هذا الإصدار الثاني عشر.
لو أن القائمين علي أمر كتاب في جريدة قد اتبعوا منهجاً علمياً موضوعياً، ولو أنهم تصفحوا الكتابين اللذين أشرت إليهما، وهما كتابان معروفان وليسا مجهولين، لكانوا قد تلافوا ما وقعوا فيه من أخطاء واضحة، بل فادحة وفاضحة!.
الشاعر الكبير مبارك بن سيف آل ثاني هو رائد الشعر الحر في قطر، وقد صدرت دواوينه ومسرحيته الشعرية في الإطار الزمني المحدد من سنة 1975 (وليس 1957) إلي سنة 2000 ومع هذا فإنه لا علاقة له بالشعر من وجهة نظر كتاب في جريدة علي ما يبدو، والدليل أن ما صدر لم يشر إليه لا من قريب ولا من بعيد، لكنه - علي أي حال - ليس وحده الذي لم يشمله العطف السامي.
سأكتفي هنا بالإشارة إلي شعراء قطريين معروفين حق المعرفة، لكن أسماءهم لم تدرج ضمن مختارات الإصدار الثاني عشر من كتاب في جريدة، ومن هؤلاء - علي سبيل المثال - الشاعر علي بن سعود آل ثاني والدكتور حسن النعمة والدكتور حجر أحمد حجر والشاعر معروف رفيق والشاعر محمد بن خليفة العطية والشاعر علي ميرزا محمود، وإذا كان القائمون علي أمر كتاب في جريدة لا يعرفونهم، فإن شر البلية ما يضحك !
لا سبيل لتصحيح ما وقع من أخطاء واضحة - فادحة - فاضحة، ولكني لا بد أن أنبه - منذ الآن - إلي أن القائمين علي أمر كتاب في جريدة كانوا قد أعلنوا أكثر من مرة أن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ستقوم بإصدار كل ما تم اختياره وصدر بالفعل ضمن ديوان الشعر العربي في الربع الأخير من القرن العشرين ولهذا لا بد من تصحيح ما وقع من أخطاء قبل أن تقوم المؤسسة العربية للدراسات والنشر بإصدار ما تم اختياره، وهذا نداء مني أوجهه إلي صاحب ومدير تلك المؤسسة الجادة وهو الأستاذ ماهر الكيالي، متمنياً ألا يتسرع في إصدار ما تم اختياره في كتاب في جريدة، حتي لا تنتقل عدوي الأخطاء إلي مؤسسته الجادة.
التعليقات (0)