مواضيع اليوم

شعب اسرائيل صديق لشعب مصر

اسرائيل .

2011-02-16 16:09:25

0

شعب اسرائيل صديق لشعب مصر

بقلم يعقوب ابراهامي


"ارفعوا رؤوسكم! انكم مصريون!" (توماس فريدمان، مراسل "نيو يورك تايمس"، ينقل أصوات سمعها في شوارع القاهرة يوم انتصرت "الثورة").

"فلتحيى الثورة! فلتحيى مصر الجديدة! مرحى للثوار الشباب!
" لن يستطيع احد ان يراهن على ما قد يحدث غداً او بعد غد، ولكن اليوم هو يوم عظيم لشعب مصر وليس له فقط. هذا يوم عظيم لكل انصار الديمقراطية حيثما كانوا، لاسيما لمن لا زالوا يناضلون من اجل الحرية والديمقراطية في ظلمة السجون وفي دهاليز اقبية التعذيب.
"ان الشعب المصري قد لقن العالم كله درساً تاريخياً هاماً لم يسبق له مثيل وهو: ان الثورة يمكن ان تندلع، ويمكنها ان تنجح، حتى إذا لم يكن لها قادة معروفون، وبالتأكيد بلا أولئك "القادة" الذين يقفزون على العجلة في "الوقت المناسب". طوبى لهذا الشعب الذي استطاع بثباته، بروحه وبعلوه الأخلاقي ان يزيح عن ظهره المنحني عبئاً ثقيلاً." (يوسي سريد، احد ابرز رموز اليسار الصهيوني، في جريدة "هآريتس" الأسرائيلية).

"الرفيقة" وصال فرحة بكداش، رئيسة الحزب الشيوعي السوري، في بيان مخزٍ عن "الثورة المصرية":
"ثورة مصر الشعبية جاءت لتثأر للكرامة الوطنية التي سفحها النظام المصري العميل على عتبات البيت البيض ودهاليز تل أبيب. . . ثورة شعبية جاءت لترسم صورة جديدة لوطن مسلوب منهوب مهان باتفاقيات الذل والهوان مع الصهاينة والأمريكان. . . ضد نظامٍ رهن نفسه لسادته من الإمبريالية الأمريكية والصهيونية الفاشية".

انتبهوا الى "دهاليز تل أبيب" و"اتفاقيات الذل مع الصهاينة" و"الصهيونية الفاشية". اين وجدت الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري كل هذه الأكاذيب "الغوبلزية" في شعارات ونداءات ثوار "ميدان التحرير"؟ من نادى بها؟ من رفعها؟ من هتف بها؟ في اي عالم تعيش هذه السيدة المحترمة؟
"دهاليز تل أبيب . . .اتفاقيات الذل مع الصهاينة . . . رهن نفسه لسادته من الصهيونية الفاشية" - هكذا يتكلم عبد ذليل "رهن نفسه" لسيده البعثي وعقد "اتفاقاً ذليلاً" مع "نظام" فاسد ظالم يعذب المواطنين في "دهاليز" الشرطة السرية، يخنق الديمقراطية وحرية الرأي ويسجن انصار حقوق الأنسان.
هكذا يتكلم من اصيب بمرض عضال اسمه (اسم طويل بعض الشيء) "مرض معاداة الصهيونية في كل زمان ومكان، في كل الظروف والأحوال، مهما تكن الأسباب وبلا اسباب".
المصابون بهذا المرض العضال صنفان: صنف يلجأ الى "معاداة الصهيونية" كما يلجأ "الوطني" الزائف الى "وطنيته" الزائفة، وفقاً للقاعدة القائلة: "الوطنية" هي الملجأ الأخير للأنذال.
الصنف الثاني "يعادي" الصهيونية (ويكره اسرائيل) دون ان يعرف ما هي الصهيونية ولا يعرف لماذا يعاديها. اولئك هم الساذجون.
السيدة وصال فرحة بكداش و"رفاقها" ينتمون الى الصنف الأول.

قبل بضعة اشهر كتبت في "الحوار المتمدن":
أية خطيئة لم يلصقها اليسار العربي (التقليدي) بالصهيونية؟
أية آفة من آفات المجتمع العربي لم تنسب إلى الصهيونية؟
انعدام الحريات الديمقراطية وخنق حقوق الإنسان؟ إنها "البؤرة الصهيونية".
الأمية والفقر والأمراض؟ إنه "الكيان الصهيوني".
رشوة وفساد؟ مؤامرة صهيونية عالمية.

كم مؤتمرات عقدها "اليسار العربي التقليدي" في دمشق (معقل حقوق الأنسان) وفي بيروت (برعاية حزب الله) كي يحذر الشعوب العربية من "ازدياد شراسة الهجمة الأمبريالية-الصهيونية على عالمنا العربي" ولكي يدعو الى "تعبئة وتنظيم نضال الحركة اليسارية العربية في مواجهة العدوانية الامبريالية الأميركية- الصهيونية على المستويات كافة"؟
كم اشبعونا ثرثرة و"فلسفة" عن "التناقض الرئيسي" و"التناقض الثانوي". كم مرة قالوا لنا ان "التناقض الرئيسي" هو مع "الكيان الصهيوني"، اما التناقض مع الأنظمة الحاكمة الفاسدة، انظمة التأخر والبطالة وقمع كرامة الأنسان، فهو "تناقض ثانوي"؟

جاء شباب "ميدان التحرير"، وقبلهم شباب تونس، وكشفوا للعالم كله عن الأفلاس السياسي لليسار العربي (التقليدي): لا اسرائيل (لا "الكيان الصهيوني" أو "البؤرة الصهيونية") هو مصدر تخلف الشعوب العربية عن ركب الحضارة البشرية بل الأنظمة العربية الفاسدة والفاشلة.

"نحن نريد الحرية والديمقراطية. انا اريد حياةً كريمة لي ولأولادي" - قالت شابة متظاهرة في "ميدان التحرير"، في اليوم الثاني من "الثورة"، لمراسل "القناة العاشرة" الأسرائيلية، جواباً على سؤاله: ماذا تريدون؟ .
"وماذا سيكون مصير اتفاقية السلام بين اسرائيل ومصر؟" - سألها المراسل.
"سنحافظ على السلام مع اسرائيل" - أجابت هذه البطلة - "شعب مصر يريد السلام ولا يريد الحرب."

منذ اليوم الأول لاندلاع "الثورة المصرية" وحتى مساء يوم الجمعة 2011/2/11، وجدت نفسي جالساً امام شاشة التلفيزيون اشاهد، على قناة "الجزيرة" وعلى القنوات الأسرائيلية والأجنبية الأخرى، حشود المتظاهرين في "ميدان التحرير" يقيمون "الشرق الأوسط الجديد" وأكاد ان لا اصدق ما أرى.
آلاف الحناجر تهتف ب"سقوط النطام" ولا ارى علماُ اسرائيلياً واحداً يحرق على أيدي المتظاهرين.
آلاف الشباب، نساءً ورجالاً، يثورون على الظلم ولا أرى رمزاًً "صهيونياً" واحداً يداس تحت اقدام الثائرين.
من كان يصدق؟
حتى المظاهرة المضحكة والهزيلة، التي جرت في بيروت، معقل حزب الله، تحت ستار الدفاع عن الثورة المصرية، ولكنها بدل ذلك رفعت شعارات تنادي ب"الموت لأميريكا" و"الموت لأسرائيل" (ما سر غرام هؤلاء الناس بكلمة "الموت"؟)، لم تترك اثُراً على احد من المتظاهرين في "ميدان التحرير". (بعد ذلك اعلن السيد حسن نصر الله أنه مستعد لأن يكون شهيداً من اجل مصر والأسلام ولكن احداً على ما يبدو لم يكن راغباً في "استشهاده" ولم يدعوه الى تنفيذ وعيده. اما خطيب يوم الجمعة فقد طلب من السيد نصر الله ومن سيده الأيراني، بأدب وبحزم، ان لا يتدخلا في شؤون مصر الداخلية).
والأغرب من هذا وذاك ان احداً في "ميدان التحرير" لم يسمع عن سايكس بيكو. اين انت محمد نفاع؟ ماذا ستفعل بدون سايكس بيكو؟ وكيف نجحت "الثورة المصرية" بلا سايكس بيكو؟ بماذا ستتاجر بعد اليوم؟ او ربما الأمر على العكس من ذلك تماماُ: لقد نجحت "الثورة المصرية" لأن صانعيها القوا ب"نظرية سايكس بيكو" في سلة المهملات (وكل رحلات محمد نفاع الى جنوب افريقيا ذهبت ادراج الرياح).

سمعت "المفكر العربي" عزمي بشارة يقول في "الجزيرة" ان الشعب المصري يرى في اسرائيل عدواً.
لا ادري من الذي خول هذا "المفكر" أن يتحدث باسم الشعب المصري (بعد ان هرب من اسرائيل متهماً باستلام اموال من "حزب الله")، ولكني اريد ان اعتقد ان شباب الأنترنيت والفيسبوك والتويتر (الذين انجزوا هذه الثورة الرائعة دون ان يسألوا عزمي بشارة) يعرفون ان اسرائيل هي صديقة لمصر وليست عدواً، وان شعب اسرائيل لا يكن لشعب مصر سوى الود والأحترام، شعب اسرائيل يحب الشعب المصري ويفرح بفرحته، رغم انف "المفكر العربي" عزمي بشارة. ("لم تذهب سدىً ولا راحت هباءً"، ذكرى اربعمائة سنة (اسطورية) عاشها اجداد الشعب اليهودي بين احضان الشعب المصري، يقاسمونه السراء والضراء، تحت حكم الفراعنة، ويبنون معه الأهرام. هل هي صدفة ان المتكلم باسم المجلس الأعلى للقوات المصرية المسلحة استشهد بوقفة "سيدنا موسى" امام الطاغية فرعون؟ وهل هي صدفة ان احد الشعارات في "ميدان التحرير" حملت الكلمات التالية: يا مبارك! إذا كنت فرعون فكلنا موسى؟).

الشخصية المأساوية في كل هذه الهزة التاريخية هو الرئيس محمد حسني مبارك.
لا انكر: في الوقت الذي يلقي فيه كل مشعوذ ودجال (انا لا اتكلم هنا عن الشرفاء) كل حجارة ممكنة على دكتاتور عجوز مريض فاسد، انا اريد ان اتذكر الرئيس محمد حسني مبارك كمن حافظ على السلام بين اسرائيل ومصر خلال اكثر من ثلاثين عاماً وحمى الشعب العربي الفلسطيني من اعدائه: حماس والأسلام المتطرف. كم دماً مصرياً واسرائيلياً، عربياً ويهودياً، حقن وكم نفساً بشريةً أنقذ؟
(هذا ايضاً هو جوابي للأخت العزيزة مارا التي ارسلت لي قصيدة جميلة من تأليف محمود ناجي الكيلاني جاء في مطلعها: قُمْ وَغادِرْ يا مُبارَكْ إنّ لِفنيْ بانتظارَكْ).

حتى اللغة العربية خرجت رابحة من هذه الثورة. من لا يعرف اليوم معنى كلمة "البلطجية"؟ من لا يرى في مخيلته، عند سماع هذه الكلمة، افواج الخيول والجمال تصول وتجول في فيلم هوليوودي عن حروب فرعونية قديمة؟ (نسجل بارتياح ان "قناصة اسرائيليين" لم يشاهدوا هذه المرة بين صفوف "البلطجية" وليس لأن "القناصة الأسرائيليين" لا يجيدون امتياط البعران).

لست ساذجاً. ومن عاصر "الثورة الأيرانية" لا يسمح لنفسه ان يلدغ من جحرٍ مرتين. لكن القاهرة ليست طهران.
انا اعرف ان هناك الكثيرين ممن يتربصون لهذه الثورة الجميلة ويريدون الأيقاع بها وحرفها الى متاهات مظلمة قبيحة (المرشد الأسلامي الأعلى في إيران اعلن ان الأحداث في مصر وتونس هي بوادر يقظة اسلامية).
انا اعرف ايضاً ان الطريق الى الديمقراطية ليست سهلة وان الديمقراطية ليست معناها انتخابات حرة فحسب. وكلنا رأينا كيف استولى "حماس" على غزة في انتخابات حرة واوقع المآسي بالشعب العربي الفلسطيني.

لكننا اليوم لا نريد ان نتحدث عن هذا. اليوم نريد ان نشارك الشعب المصري فرحته، وثقتنا بشباب "ميدان التحرير" كبيرة.

موقع الكاتب الاسرائيلي اليساري يعقوب ابراهامي على الحوار المتمدن :

www.ahewar.org/m.asp

علما ان رابط الموقع يظهر على صفحة مدونتنا ايضا

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات