لاأحد سيعرف بماذا تفكر، إذا لم تتحدث !.. أليس كذلك ؟!.. بلى !..
لكن في الجزائر، ظل الشعب (ينبح) ـ (على حدّ تعبير أحدهم) ـ منذ 1962، ولا أحد من المسؤولين الحاليين والسابقين سمع نباحه !.. فكان أن تفطن الشعب ـ بعد طول معاناة ـ لحيلة (العُواء)، أسوة بالمسؤولين (الذئاب)، علّ ذلك يُضللهم عن فصيلته المتدنية، أويشفع له لنيل بعضا من عطفهم، فيمنحوه (حقوقه) (اليسيرة جدا) مقارنة بما (ينهبونه) من أموال (كثيرة جدا جدا) من خزائن الدولة ؟!..
فالشعب في الجزائر ليس (جشعا) ولا (طمّاعا) كمسؤوليه، لذلك هو لايطالب بغير (شيئين إثنين) : السكن والعمل، وفقط ؟!.. لكن في جزائر (مشروع المليوني وحدة سكنية)، لايزال المواطنون يلتحفون السماء ويفترشون الأرض، ويُحيطون أنفسهم بأكوام (القصدير) !.. وللمفارقة العجيبة، هم (يتكدّسون) خلف باحات (فلل وفنادق وعقارات وأملاك) المسؤولين ؟!..
وللأمانة العلمية والأخلاقية، كل ما سبق عن النباح والعواء، ليس حديثي أنا، بل هي أحاديث المواطنين الجزائريين الذين (لم يصدّقوا) أن تفتح أمامهم (قنوات) للتعبير عن أنفسهم، والأهم أن ينفّسوا عن (خمسين) سنة من الضغط خلف (أسوار الصمت) التي لم يكن يتسرّب منها إلا ما (يُنتقى) بـ(عناية فائقة)، ليتمّ عرضه على (القناة الرسمية اليتيمة) التي لم تكن (تزاحمها) في نقل (الحقيقة) أي قناة أرضية أو فضائية، لأنها الوحيدة) و(الحصرية) (واجهة) للجزائر (الديمقراطية) ؟!..
الشعبُ المتعطّش لإسماع أحاديثه (المُعتّقة) في البؤس والمرارة، والتي كتمها لعقود طويلة، بزغ نجمُ حظه في (الفضاء) العالي أخيرا، فتلقفته (الصحون اللاقطة) على الأرض، (صوتا وصورة) واضحين وضوح شمس (النهار) !..
النهار الذي أطلّ فيه الشعبُ على مسؤوليه ـ و(أولياء نعمته) (الأشحّاء البخلاء) إلا على أنفسهم ـ غاضبا ناقما على سياساتهم التعسفية في حقه، وعلى إستغلالهم له أبشع إستغلال !.. ذلك النهار أطلّ قبل أيام قليلة من (حملة إستغلال بشعة جديدة) تُمارس ضده !.. إذ تُباعُ له الأوهامُ والأحلام والوعود الزائفة والأكاذيب .. بالجملة !..
لكن ـ ولحسن حظه هذه المرّة ـ أنه وجد أين يُطلّ برأسه، ويقول لأولئك الإنتهازيين من (أشباه) السّاسة، والمتسلّقين أشياء كثيرة .. ومنها :
ـ مسؤولونا، أخذوا الحديث القدسي : (( عبدي، أنت تريد، وأنا أريد، ولا يكون إلا ما أريد))، وحولوه إلى : ((شعبنا، أنت تريد (لقمة عيش وسكن لائق)، ونحن نريد (إفراغ الخزينة العمومية وتحويلها إلى حساباتنا الخاصة)، ولا يكون إلا ما نريد) !..
ـ مسؤولونا، لايتذكروننا إلا عند حلول الفصل الإنتخابي، لإستغلالنا (وكعادتهم) في حصد المزيد من الأصوات !.. أصواتنا التي لاتُسمع إلا في المواعيد الإنتخابية، و(خسارة)، عبر (سجون الصناديق) !..
ـ بعض المترشحين (يشترون) (تصدّر) القوائم الإنتخابية بالمال، ليدخلوا تحت قبّة البرلمان، (فقط) من أجل جني المزيد من الأموال، فهل نتوقع منهم أن يتذكرونا نحن الفقراء ؟!.. يا أخي، والله (عيب) أن تُشترى (الديمقراطية) بالمال ؟!.. وتشترى (الشهادات العليا) بالمال لإرفاقها بملفات الترشح، رغم أن المعنيين بالأمر لم ينهوا المراحل الأولى من تعليمهم !.. وهنا .. وعلى كل شبر من أرض الجزائر شباب متعلمون ومثقفون (مهمّشون) !..
ـ بربّك قل لي، هل من المنطقي أن يتقاضى (النائب عن الشعب المزعوم) مبلغ (ثلاثين مليون) سنتيم لمجرّد إحتلاله مقعدا يكتفي بالجلوس عليه تحت (ظل) البرلمان، ويُمنح بيتا فخما أو غرفة فخمة في أحد فنادق الخمس نجوم، وسيارة فارهة، ومصيفا على شاطئ البحر ؟!.. نحن لا نحسدهم، ولا نتمنى نمط عيشهم .. نحن لانريد سوى حقوقنا المشروعة، لأن أغلبنا كادح يتمرّغ في الغبار من أجل مبلغ زهيد لايكفي لإعالة أسرة، فيما يتقاضون هم مبالغ طائلة لمجرّد أنهم (يرفعون) أيديهم عند الموافقة، أو حتى إن لم يرفعوها أوكانوا معارضين ؟!..
ـ في جزائر اليوم، لاأعترف بغير الرئيس (عبدالعزيز بوتفليقة)، لأنه يدعم التنمية عبر المشاريع الكثيرة التي يعلن عنها، لكن المسؤولين (تحته) هم (السراقين) !..
وغير تلك التعابير (الصريحة جدا)، الكثير بعد، كلها تصب في قالب واحد هو أن المواطن ما عاد يعتاش على أوهام الساسة والمسؤولين !.. وإذا كانت الإنتخابات ـ من قبل ـ تعبّر عن (نزاهة) الدولة وعن (بياض) كفها، فهي اليوم ليست أكثر من (مسرحية هزلية) لاتضحك كما تُبكي !..
تُبكي لأن (الجزائر الدولة)، لديها شعبٌ (ذو أنفة) لايرضى بغير الكفاح من أجل لقمة عيشه، مع كل ما يراه من خيرات هو محروم منها !.. حرمانٌ لم يورثه العداء لدولته !.. وهو مع كل ذلك عازمٌ على التصويت، ليس للأحزاب ومرشحيها وأكاذيبهم، بل من أجل الجزائر ولا شيء غير الجزائر !.
08 . 04 . 2012
التعليقات (0)