أهو مغرب من ورق هذا الذي تتغنى المعزوفة الرسمية صباح مساء بحيويته وتنميته وحكامته وعهده الجديد، ثم ما يلبث أن يتهاوى أمام زخات مطر؟!.
المغرب دخل عهدا جديدا.. مشروعه ديمقراطي حداثي يتفوق على نظرائه في المنطقة ويتسامى إلى الضفة الأخرى من المتوسط.. وتنميته المستدامة ورش كبير مفتوح منذ إطلاق مبادرة التنمية البشرية.. وفئاته الوسطى قد يفوق دخل 28 % منها 5308 درهما.. ومؤشرات النمو والدمقرطة والتحديث والإصلاح فيه عالية وفي تصاعد.. في السياسة كما في الاقتصاد كما في الاجتماع كما في الثقافة!!!.
نخرج من مثاليات حلم "المغرب الرسمي" إلى الواقع المعاش فنجد الكابوس المزعج؛ أسعار جنونية تضرب سوق السلع والخضر ومواد الاستهلاك الأساسية، وأجور زهيدة لا تسمن ولا تغني من جوع المواطن المغربي وسكنه وتعليم أبنائه وتطبيبهم، وبنية تحتية هشة مهترئة لا تخطئها العين في الشوارع والأزقة والبُنى والمستشفيات والمرافق العامة، وثقافة تمييعة تضرب في صلب القيم والثقافة المغربية الإسلامية دافعة المجتمع نحو مزيد من التفكك والانحلال والأمراض الاجتماعية...
نرجع من الأرقام والمؤشرات والأوراق والخطابات الرسمية إلى الواقع الحقيقي فنجد المأساة، سويعة مطر في العاصمة الاقتصادية لـ"مغرب التنمية" تغرق المدينة في الأمطار والأوحال، وتحبس معها المدينة أنفاسها وحركتها وتنقل مواطنيها.. السيارات تلاعبت بها السيول، والأزقة غمرتها المياه، والمنازل وحتى الأحياء الراقية والفيلات أغرقتها المياه مخلفة الخسائر الفادحة، ومعها التذمر من سياسات مغرب "العهد الجديد"، ومجدّدة السؤال عن "أجمل بلد في العالم" أين هو؟.
إذا كان حال الدار البيضاء، وهي قلب المغرب، تكشّفت بنيتها التحتية عن هذا العجز وتلك الهشاشة، فلسنا فعلا نستغرب فيضانات الغرب وتهميش الشرق وتفقير الريف واستغلال الجنوب.
هل حقيقة مغرب العهد الجديد هو ذاك "المثالي الحالم" الذي يتغنى به الحالمون والواهمون والكاذبون، وتسوق له الشعارات والخطب والمؤشرات، ولا يوجد إلا في الخيال والسراب والوهم؟ أم أنه المغرب المعاش الملموس، الذي يحيا المغاربة تفاصيله اليومية الأليمة في القرى والمدن، والذي تفضح زخات مطر فيه حجم هشاشة بنيته، وارتباك سلطاته، و"حكامة" سياساته، ونتائج "تنميته"، وشعارات "عهده الجديد"؟!.
التعليقات (0)