شطحات رئيس تحرير!
في حديث الشهر لمجلة العربي عدد 720-نوفمبر 2018 والذي كتبه رئيس التحرير عادل سالم العبد الجادر تحت عنوان: شطحات المؤرخين في النقل والتدوين،وباعتباره مختص بالتاريخ الإسلامي فإنه غالبا ما تكون مقالاته مختصة به وهي تتضمن آراءه حول الوقائع التاريخية والعلوم الاسلامية المختلفة وبعضها لا يختلف عن عنوان مقاله الاخير اي شطحاته التي يعيد تكرارها بين الحين والآخر وبعضها يرددها لأسباب ظاهرة مع العلم ان ما يقوله قد ذكره آخرون من رواد التعصب والانغلاق منذ قرون وتم الرد عليها بالتفصيل في متون الكتب والرسائل ولكنه يعيد بث الروح فيها في عصر يحتاج الجميع الى التغيير وليس التكرار والرد عليه !.
وفي عنوان فرعي في المقالة المذكورة:مغالطات عدت حقائق، يكرر مغالطاته التي ذكرها سابقا في ذات المجلة بأن رفع المصاحف على أسنة الرماح في موقعة صفين هي من المبالغات باعتبار أن في جيش معاوية حفظة للقرآن وأن المصاحف حينها تزن ثقلا وحجما كبيرين ومن الصعب رفعها!...وطبعا هذه محاولة بائسة لإلغاء حادثة تاريخية موثقة ومتواترة لتبرئة معاوية وابن العاص وجيشهما مما حصل في تلك المعركة ومنها تلك الخديعة المشهورة وهي مثل حال خديعة أخرى تتمثل في رفع قميص عثمان وغيرها، كما حاول ذلك كثيرون من قبله لأسباب قبلية ومذهبية متعصبة متوارثة بالطبع،لان رفع المصاحف قد يكون قرطاس أو عدة اوراق ولا يحتاج لرفعه كاملا لطلب التحكيم بعد أن لاحت بوادر الهزيمة،كما أنه من المعروف أن جيش معاوية حسب وصف أغلب الرواة والمؤرخين،كان يغلب عليه طابع الجهل والانحراف الديني والأخلاقي حتى أن قائده وصفهم بصفات سيئة على عكس جيش الامام علي(ع) والذي كان تواجد الفقهاء وحفظة القرآن والصحابة والتابعين الاجلاء هو الطاغي عليه!.
الأمر الآخر والغريب هو رفضه لواقعة خدعة التحكيم لأنه في رأيه افتراء عليهم! ولان ابو موسى الاشعري كان قادرا على دحض كلام ابن العاص وتكذيبه وهو المعروف بأنتهازيته وانحرافه عن الامام وانه اجبر على تمثيله من قبل الخوارج في جيشه كما أن ذلك الموقف المخزي ليس حالة نادرة لدى الصحابة في انحرافاتهم المختلفة والتي انتشرت في المدونات التاريخية لانهم ليسوا فقط معصومون عن الخطأ بل هم نتاج عصر جديد وسلطة وجاه لا حدود له مما يجعل من الصعب على المرء رفض ذلك والعودة لخشونة الحياة ونشأ من ذلك التغيير بالطبع صراعاتهم الدموية وهي الاكثر دلالة على ذلك !.
وتحت العنوان الفرعي:بين المقبول والمعقول، لا يقبل رواية ذكر ولادة الحجاج بن يوسف الثقفي وهو السفاح المعروف،وهي بالفعل لا تدخل ضمن حدود العقل والمنطق، ولكن إضافته المثيرة للريبة هي أن إنجازات الحجاج السياسية والعسكرية والأمنية في حماية الدولة الأموية فاقت كل مثالبه ولولا ذلك لما تمسك به خلفاء بني أمية!...ونقول هل هناك مؤرخ أو كاتب يحترم عقله وقرائه يسرد ذلك القول؟! ...المعروف أنه حتى عبد الملك بن مروان حاول عدة مرات ازاحة الحجاج من ولاية العراق والمشرق بسبب الشكاوى من بشاعة الطغيان والظلم وآخرها محاولة ترضية الثوار تحت قيادة ابن الأشعث ولم يستمر بعد عبد الملك سوى في خلافة ابنه الوليد وخلالها هلك في قصة سعيد ابن جبير المشهورة وبعد ذلك أزاح خلفاء الوليد وهم سليمان وعمر بن عبد العزيز كل عماله بل قتلوا بعضا منهم! كما ان من انجازات الحجاج أن الولاة كانوا يرفضون ولاية العراق بسبب الدمار والخراب وهجرة السكان بسبب ما قام به أشهر طغاة بني امية حتى ترك أعداد هائلة من الضحايا في السجون يعجز المرء في وصف حالهم غير الذين قتلهم بطرق يعجز المؤرخ عن سردها بسبب بشاعتها وتكفي موقعة دير الجماجم كمثال صارخ على ذلك!...من هذا التفكير الغيرعقلاني نستطيع الاستنتاج أن طغاة العرب المعاصرون هم ايضا عظماء وحضاريون ننافس بهم عمالقة الشعوب الاخرى في النزاهة والعدالة والمعرفة والتمسك بالقيم الدينية والانسانية والاخلاقية !.
هذه الشطحات لا يمكن قبولها لرئيس تحرير مجلة عريقة تحاول الظهور بنفس ما رغب به المؤسسون في انها ذات رسالة حضارية تستند على أسس العقلانية والوسطية والعلم والمعرفة والرغبة في نشره لدى شعوب ذاقت الويلات من طغاة وقتلة مازال البعض يطبل لهم أو يحاول تبرأتهم مما قاموا به كما يفعل صاحبنا رئيس التحرير الحالي!.
https://alarabi.cld.bz/mjl-l-rby-2017/mjl-l-rby-nwfmbr-2018/6/
التعليقات (0)