شرق أوسط بغير مسيحيين !
حماس تسير في ركاب الصهيونية
بقلم : حنان بكير
عندما يطرح موضوع الشرق الأوسط الجديد، فان الحديث ينصرف إلى ما يخططه الغرب لهذه المنطقة من مشروع جهنمي، ونتغافل عن مشروعنا نحن الموغل في التخلف، والذي نعدّه للمنطقة بوعي أو بلا وعي منا ، إذا ما تجنبنا سوء الظن.
للغرب مخططه الذي يخدم مصلحة اسرائيل، بما هي جزء من مصلحته، وهذا سلوك طبيعي، في زمن تبادل المصالح وتقاطعها. ولكن ماذا اعددنا نحن، من مشروع مقابل يخدم مصالحنا؟
ففي أكثر من منطقة عربية، يتم تهجير المسيحيين العرب، سواء بالتهديد المباشر أو بالمضايقات والإزعاجات لحملهم على الرحيل، ويقابله تسهيلات من الدول الغربية!!
ولنبدأ بمصيبة المصائب فلسطين! وكيف يتم "أسلمة" القضية الفلسطينية، وتحويل مسارها الوطني، الذي يعني الشعب الفلسطيني بكل أطيافه الدينية، فلم تعد القضية "وطنية" بمعنى ان هناك ارضا مغتصبة، وشعبا مطرودا من ارضه التاريخية، بل تحول الى قضية دينية، وصراع حول السماء. ويتغافل الطرفان اليهودي والاسلامي عن قضية مهمة وهي ، ان المعتقد الديني لأي طرف لا يعني الآخر ولا يلزمه، فنحن غير ملزمين بوعد يهوه لليهود باعطائهم "أرض الفلسطنيين" كما ورد في العهد القديم. ولا هم معنيّون بالمعتقد الاسلامي حول قداسة مدينة القدس أو أورشليم وهو الاسم الكنعاني القديم للمدينة، لكن التاريخ وحده، وأسبقية وجود الشعب هما من يقرران، نوع الصراع الذي يعني شعبنا بكل طوائفه.
ما يؤسف له حقا، هو بعض التجاوزات والفتن الطائفية التي تطل برأسها بين الحين والآخر، بالتعدي على المقدسات المسيحية، او تهديد المسيحيين، وهذا أمر لا يمكن انكاره، وأن "وأن نكنس تحت السجادة" لئلا نوقظ الفتنة، فهذا أمر لا يجب التهاون فيه أبدا!
اما الطامة الكبرى فقد جاءت – منذ فترة ليست بعيدة - في حديث للسيد/الامام اسماعيل هنية، رئيس وزراء إمارة غزة، ويبشرنا فيها باقتراب موعد فتح روما، في وقت لا يستطيع معه فتح معبر رفح/العربي، في وجه لعبة طفل او رغيف خبز او حبة دواء! ومقتبسا بعض العبارات التي جاءت في دراسة "الجهاد الفريضة الغائبة" لمحمد عبد السلام فرج، الذي أعدم على خلفية اغتيال أنور السادات، وقد نقل حديثا عن الرسول الكريم، يبشر فيه بفتح القسطنطينية ورومية، وهي روما عاصمة ايطاليا، فتحقق حلم الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني .
والآن جاءتنا البشارة بقرب موعد الفتح الثاني، أي روما. علما أن ايطاليين كانوا ضمن مراكب فك الحصار الأولى عن غزة!!! وبعد ذلك أطلق السيد هنية تصريحا، ليصبح بذلك الناطق الرسمي باسم الله والرسول العظيم، مبينا ان عقابهما الالهي قد نزل بأمريكا، طبعا بسبب الأزمة الاقتصادية. لكنه لم يذكر لنا كيف تبلغ الرسالة، عن طريق الوحي ام بالايميل!
اليس من حقنا ان نتساءل، ان كان وضع الأمريكان بعد تلك الأزمة/العقاب الالهي، أسوأ من محنة وأوضاع الفلسطينيين في غزة أو الوطن أو الشتات! وهل هناك من يجادل في معاناة الانسان الفلسطيني تحت الاحتلال وفي دول اشقائه العرب؟ فهل هذا ايضا عقاب الهي
الواقع أن الله ابتلانا نحن الفلسطينيون بقيادات، ماهرة في كسب الأعداء وخسارة الأصدقاء، قيادات ذكية في اختيار التصريحات، وانتقاء الكلمات التي تجلب لشعبنا الكوارث! مثل تصريح يؤكد أن تحرير فلسطين يمر من جونية، وما أعقب ذلك من كارثة حلت بفلسطينيي لبنان.
فضلا عن تصريح أحد القادة عام 1982، اثر الاجتياح الاسرائيلي للبنان، حيث صرح اثر انسحابه بأن "م ت ف" قد تركت ثلاثة آلاف مقاتل في لبنان ما تسبب في ارتكاب مجازر بشعة وعمليات دهم طالت الأبرياء.
والآن جاءنا البشير بقرب تحقق نبوءة فتح روما، دون أن نعلم لماذا تحديدا روما، هل لأنها معقل الكاثوليكية في العالم؟
على أثر استشهاد الرنتيسي، دافعت عن الحركة الإسلامية وخاصة حماس، في الإعلام النرويجي حتى اتهمني البعض ب"الأصولية". والسببراجع إلى أنني مع كثيرين غيري نلتقي مع الحركة الإسلامية في الهدف الوطني وحق الدفاع عن أرضنا!
لكن التلويح بإقامة دولة إسلامية، ومضايقة المسيحيين لحملهم على الهجرة من موطن المسيح، فهذا أمر يثير المرارة والقلق. فالمسيح لم يعرف وطنا غير تلك الأرض. فبيت لحم مولده، والناصرة منشأه حتى أعطته اسمها الناصري. وشهدت القدس عذابه وآلامه، على يد من يصلبون شعبنا اليوم.
يعلم كل أولئك المتاجرين بالدين، بأن الفلسطيني سكب دماءه سخية ورخيصة، في سبيل تحقيق حلم العودة، وما احتاج يوما إلى "تحميس" حسه الوطني، بوعده بأنهار اللبن والعسل، والحور العين اللواتي ينتظرنه، حتى يتراكض إلى النضال والشهادة. وأن الثورة في مسيرتها قد زرعت آلاف الشهداء ممن كانوا علمانيين ومسيحيين وحتى ملحدين، ولم يستشهدوا في سبيل حياة أفضل في السماء، وإنما في سبيل حياة أفضل لشعبهم في أرضه وحقه.
تدفعني الغيرة والمحبة، لأن أقول لبعض قياداتنا، إن أسلمة القضية، ورفع لواء الاسلام، واستعمال تعابير من عيار فتوحات وغزوات، انما يعزز الاسلامفوبيا في الغرب، ويسيء إلى سمعة المسلمين والعرب كافة، في بلاد "الكفر" التي تأوي الملايين من الذين فروا من الظلم والفقر وانعدام العدالة الاجتماعية، والخدمات الانسانية. هل نقول لعائلة الكرد التي طردت من بيتها، انتظروا واصبروا فان فتح روما لقريب، في وقت يجلسون فيه، في العراء أمام بيتهم ولا يجرؤن على "فتح" بابه؟؟؟
هل نقول "صح النوم" لمن استفاقوا من "نومة أهل الكهف" ليجدوا أنفسهم في زمان غير زمانهم؟!
albakir8@hotmail.com
التعليقات (0)