الحصار و التجويع و السجن الكبير أوصاف لقطاع غزة هي متعددة لكنها لا تصف المعاناة الحقيقية التي يتخبط فيها شعب غزة. ليس لهم ذنب سوى أنهم تمسكوا بمبادئهم و أبوا إلا أن يستشهدوا على أن يعترفوا بدولة محتلة غاصبة تقوم عقيدتها على ذبح كل من يخالفها الرأي و كل من يقول لاإلاه إلا الله محمد رسول الله.
مشروع تهويد القدس و الحرب على غزة و الحصار الخانق و الضغوطات الدولية كلها نتفهمها إذا كانت من طرف كيان غاصب لكن أن تكون من طرف عربي يحكم شعبا مسلم فهذا ما لا نتقبله أبدا و هو يحز في نفوسنا كثيرا.
أي دمعة يمكنها أن تعبر عن الألم الحقيقي الناتج عن تعرض قافلة شريان الحياة لهجوم من طرف القوات المصرية تعرضت القافلة في البدء لمضايقات متعددة لكنها لم تهدئ حتى تكسر هذا الحصار و تحقق هدفها المنشود ألا و هو إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة لا غير.
لقد بينت هذه الأحداث مدى الدياثة التي يتصف بها بعض الحكام العرب فهم لم يحركوا ساكنا كأن قضية فلسطين ليست قضية وطنية ولا قضية للشعوب العربية
و الإسلامية و هذا ما يراد لها فعلا أن تكون قضية بدون هوية و لا موضوع ولا قيمة .
إن الدور المصري في حل القضية الفلسطينية مهم جدا لذلك فاشتغالها على أجندات تخدم مصالح إسرائيل بمثابة خزي و عار للنظام الحاكم فهو لم يعبر عن رأي الملايين من الشعب المصري الرافض لبناء الجدار و الرافض للحصار بشكل تام .إن أجندات ما بعد الحرب على غزة بدأت تعطي أكلها و الحصار الذي كان بمسابة سجن كبير سيصبح قفصا لا يمكنالتنفس من خلاله و إذا لم تتدخل الدول العربية و الإسلامية بشكل مسؤول فسوف يتحول قطاع غزة إلى كارثة انسانية تنضاف إلى وحشية الكيان الصهيوني.
فمن خلال هذا الحدث نستشف مجموعة من النقط الأساسية المؤثرة في مسار القضية الفلسطينية:
فأولا : يبرز و بشكل جلي خيانة النظام المصري و عمالته للكيان الصهيوني
و مدى استعداده لفعل أي شيء
و لو على حساب صورته في العالم العربي و الرأي الدولي من أجل إرضاء الكيان الصهيوني كذلك عدم استعداده لفقدان دوره في المفاوضات و حل القضية الفلسطينية.
ثانيا : اتضح مدى الإهمال الكبير الذي تتعرض له القضية الفلسطينية من طرف الحكام العرب الذين لم يحركوا ساكنا لا خلال الحرب و لا بعدها . و استحالة إعمار غزة ما دامت تحت حكم حماس و مدام الوضع السياسي على ما هو علية في القطاع و الضفة.
ثالثا : و ليس أخيرا و هو مدى الدور القوي الذي أصبحت تركيا تمثله في الدفاع عن القضية الفلسطينية أساسا و بعض القضايا الإسلامية عموما و ـتأكد ذلك من خلال الحرب على غزة و الموقف الجريء لرئيس الوزراء الطيب أردوغان كذلك من خلال التفاعل القوي و المثير من طرف الحكومة و الشعب التركيين.
في الأخير لابد من الإشارة إلا أن تدخل العلماء و دعوتهم الشعوب إلى الخروج نصرة للأقصى كذا الإفتاء بحرمة بناء الجدار العازل هو شيء يِؤكد على أهمية علمائنا في توجيه الرأي العام الإسلامي و مدى تخوف إسرائيل و الحكام العرب من هذه الفتاوى التي لا يجدون طريقة لتخفيف وطأتها إلا عبر منابرهم الدينية الهشة التي لا صلة لها بهموم الشعوب .
محمد الشبراوي
التعليقات (0)