الشذرة الأولى: يتسابق شباب الفيسبوك في " العالم العربي " على حجز أيام السنة لتكون شاهدة على ثورات يبدو أنها أصبحت لغة تتكلم بها الشعوب بطلاقة مفاجئة. بدأها التونسيون، فاختطفوا تاريخ 14 يناير ليكون عيدا لثورتهم إلى الأبد، ثم اختار المصريون بعدهم تاريخا جديدا. و قد كان اختيارا موفقا. إذ لا يمكن أن يكون يوم 25 يناير موعدا عاديا من الآن فصاعدا. لكن المفارقة أن التاريخ في تونس سيحتفظ بآخر أيام الثورة التي انتهت بسقوط النظام السابق. أما الثورة المصرية، فإن أول أيامها هو الذي سيظل خالدا في الذاكرة، لأن هذا اليوم هو سبب كل الزلازل السياسية التي تعيشها أرض الكنانة. هي عدوى الثورة إذن. لكن موضة الحجز لم تتوقف عند تونس ومصر. في اليمن كان الموعد هو 3 فبراير. و في سوريا تم اقتراح 5 فبراير. و لأن الأماني لا تتحقق دائما فقد مر الموعدان اليمني و السوري بدون مشاهد تلفت النظر أو الإهتمام... أما المعارضة الجزائرية فهي عازمة على كتابة فصل جديد من فصول الغضب يوم 12 فبراير رغم إصرار النظام على منع أي تحرك من هذا القبيل. المغرب أيضا تعالت فيه الأصوات المطالبة بالإحتجاج. و منذ الآن يترقب الجميع تاريخ 20 فبراير الذي حددته حركة شبابية تسمي نفسها " حرية، ديموقراطية الآن." للخروج إلى الشارع... و مادام في السنة متسع لمزيد من المواعيد فإن حجز تواريخ مفترضة للثورة سيظل قائما في أكثر من بلد عربي.
الشذرة الثانية: النكتة تخرج من رحم الأزمة. و في عز ثورة الكرامة المصرية، يبدع البسطاء من أبناء الشعب حكايات ساخرة تصور المشهد العام و ترسل رسائل لا تحتاج إلى مجهودات كبيرة لفك شفراتها. و من آخر النكت التي يتداولها الشارع المصري هذه الأيام: قصة مفادها أن الرئيس مبارك أطل من شرفة أحد المباني المواجهة لميدان التحرير، فهاله منظر الجماهير الغفيرة التي تتجمع في الساحة، و سأل أحد وزرائه الذين كانوا برفقته: ماذا يفعل كل هؤلاء؟. أجابه الوزير بحسرة : "إنهم يودعونك يا سيدي الرئيس ". عندها قطب الرئيس جبينه مستفسرا: "و هل ينوون السفر؟. ". المغزى واضح طبعا فالرئيس رغم كل الأصوات التي تطالبه بالرحيل مازال متشبثا في عناد غريب بكرسي الحكم. و هو لا ينوي المغادرة، بل إنه ينتظر من الشعب أن يغادر. و الواقع أن هذا الحل يستحق النظر. فماذا سيفعل هؤلاء الحكام لو قررت كل الشعوب مغادرة أوطانها.؟
الشذرة الثالثة: مفتي الديار السعودية يهاجم الثورتين التونسية و المصرية و يصفهما ب" الفتنة"، و يعتبر أن التظاهرات تثير الفرقة و الفتن بين الحكام و الشعوب، وينتقد الإهتمام الإعلامي بأحداث مصر. بل إنه يعتبر ما يجري من حراك شعبي للتعبير عن الرأي و رفض الفساد نوعا من الفوضى التي دبرها أعداء الإسلام... لكن و في موقف مختلف وجه مرشد الثورة الإيرانية علي أكبرخامنائي تحية إكبار للشباب الثائر في تونس و مصر، واعتبر أن الثورتين استلهمتا أفكارهما من النموذج الإيراني. و من تم فهو ينظر إلى هذا الحراك بأنه صحوة إسلامية جديدة في المنطقة... و في الحالتين معا نقرأ محاولة للإستغلال الديني لما يجري. فباسم الدين يحاول الموقف الأول ترهيب الثوار من خلال استدعاء المفاهيم الدينية للدفاع عن " أولي الأمر"، لأن التمرد على السلطان هو عصيان لله في عرف المرجعية التي يتحدث من خلالها. و هي مرجعية ساهمت في تنويم الناس طويلا و حثهم على الرضا بالنصيب و المكتوب. و باسم الدين كذلك يحاول الموقف الثاني أن يبارك الثورة و يمنح الإخوان المسلمين شرف احتضانها. و تلك هي الرسالة التي نقرأها في ثنايا خطاب خامنائي...و هؤلاء الذين يقلبون الدين على أوجه متعددة بالشكل الذي يخدم مصالحهم هم الذين يمثلون الخطر الحقيقي الذي يتهدد منجزات الثورة. و سواء اصطف فقهاء الإسلام إلى جانب الثورة أو كفروها فإن ذلك لن يغير شيئا من كونها حركة شباب ألغوا كل الألوان، و هتفوا بصوت واحد من أجل التغيير... محمد مغوتي. 09/02/2011.
التعليقات (0)