آداب الفتـى كتاب من تأليف العلامة علي فكري وتحقيق محمود عبد القادر الأرناؤوط، والذي تصدره المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في طبعته السابعة 2007، ويقـع في حوالي 153 صفحة من القطع المتوسط، ويصنف هذا الكتاب ضمن الكتب الدينية التي عنيت بالتوجيه وإسداء النصح وفق مبادئ الدين الإسلامي والتنشئة العقدية الإسلامية النبيلة. والمنظمة إذ تعيد تقريب هذا النوع من الكتابات للنشء، فلأنها كتابات أصيلة وجدت بصورة مضطردة كفرع من فروع الثقافة العربية الإسلامية في أزهى عصور الإبداع الحضاري الإسلامي في القرون الخمس الأولى من الهجرة، وكذلك لكونها أحست بالقيمة الفكرية والتعليمية والثقافية التي تستهدف أهم شريحة عمرية من أبناء الأمة الإسلامية شهب البناء الحضاري مستقبـلا.
ولقد خص الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة المؤلف بتقديم ثمن فيه أهمية تربية النـشء في البناء الحضاري، والتي تبقى مهمة عظيمة ووظيفة جليلة ومسؤولية تقـع على عاتق الكل، ذلك وأن الثقافة الإسلامية على الدوام ظلت تضع من بين أولوياتها قضايا التنشئة على القيم والمبادئ الإسلامية النبيلة، للتربية البانيـة للشخصية الإنسانية، الهادفة إلى صناعة أجيال المستقبل، التي ستجدد الحضارة الإسلامية، وستبني مع البناة عالما إنسانيا تسود فيه قيم الخير والعدل والتعايش والسلام.
وتندرج إصدارات المنظمة من صنف هذه الكتـب ضمن سلسلة من الإصدارات والكتب التربوية المستهدفة للتكوين الذاتي والبناء المتوازن والمتكامل لشخصية المسلم، فإذا كانت المنظمة قد خصت موضوعات الطفـل والطفولـة، كهذا الذي نستقـرئ معطياته التي تتعاطى مع المشروع التربوي، الذي تهيئ المنظمة مضامينه الأصيلة وفق مبدأي الوسطيـة والاعتداليـة، وبرؤية مندمجة، سعيا منها العمل على تقوية الشخصية الإسلامية؛ بما يسمح لها التكيف الايجابي مع مختلف المتغييرات المستجدة، والانخراط المتوازن في سيرورة التفاعلات والتحديات التي تعترض الأمة الإسلامية. ويعد الكتاب تتويجا لهذا المسار التربوية والثقافي، والذي تتغي من خلاله الايسيسكـو الإسهام في عملية التكوين المتوازن للأطفال وشباب الغد، ليقوموا بدورهم الحضاري أحسن القيام، وهم مشبعون بصميم العقيدية الدينية السمحة، التي ترفض التعصب والتطرف والكراهية، وتدعم قيام التضامن والتعاون الإسلامي المشترك، نحو وحدة إسلامية تقوم على الوسطية الاعتدالية في ظل التنوع.
إن رؤية الكتاب التربوية تعكس بحق هذا التوجه الحضاري المستقبلي، ليستوعب مرامي التصور الاستراتيجي الشامل لإستراتيجية تطوير التربية في البلدان الإسلامية، والاستراتيجية الثقافي في العالم الإسلامي، بحيث تبقى عملية التنشئة الاجتماعية منضبطة وفق الأصول والمبادئ العقدية الإسلامية، وإحدى المقومات الأساسية لضمان تنفيذ الإستراتيجيتين والمعلن عنهم ضمن المخطط الاستراتيجي للإيسيسكو نحو ثقافة بانية لوحدة الأمة الإسلامية السبيل الأوحد لمواجهة التحديات المعاصرة من غزو العولمة الثقافي. كما تهدف الايسيسكـو عبر هذا الكتاب ومجموعة كتب وبرامج ثقافية الأخرى بناء وحدة الثقافة الإسلامية، المسترشدة بالمرجعية العقدية الإسلامية القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
ولقد عملت على إصدار العديد من الكتب التي تراها تتماشى بفعالية مع المخطط التربوي النهضوي، الساعي إلى تطوير أساليب التنشئة وفق أسس ومبادئ الإسلام المثلى، وضمان بناء شخصية الإنسان المسلم المتوازنة؛ وتكاملها الروحي الأخلاقي بالمادي الحياتي، أساس الأمة البانية والخلاقة، لها أن تتبوأ مصاف الحضارات العالمية في إطار حوار حضاري ندي ومتكافئ.
ويتضمن الكتاب توجيهات أساسية أو بالأحرى كما يسميها المؤلف بالآداب تخص العملية التنشئوية، حيث أن النشء من أبنائنا هم حاملوا مشعل الحضارة الإسلامية في المستقبل، وحيث أن الرهان المستقبلي سيكون من نصيبهم، لذا وجب تكوينهم وتوجيههم للخير، مستلهمين قيم التربية الإسلامية بالاستناد إلى أساليب التنشئة الدينية عند النبي والصحابة الراشدين، ولهذه الغاية فالمطلوب تهيئهم بالتربية على دماثة الأخلاق وقويم السلوك، لما يجعلهم يواصلون البناء الحضاري الإسلامي والمساهمة الفعلية والفعالة في إثراء الحضارة الإنسانية.
ولأهمية شريحة الفتيان ولحرج هذه المرحلة العمرية للإنسان، ولكونها مدبرة المستقبل، ذاك ما يستدعي أن تكون محطة عناية فائقة، استلهامها كتاب آداب الفتـى إلى بتقديم توجيهات نيرة وداعمة بالكلمة الربانية وحكيم الأحاديث النبوية نحو سلوك قويم لناشئتنا، حتى نجنبها سيئ الأخلاق، وتعصب وتطرف الأفكار.
وعليه فإن كتاب آداب الفتـى يخص المربين والآباء والفتيان بتوجيهات تتصل بكافة حاجات الإنسانية الحياة المادية والدينية، ليجسد بذلك أصيل التربية الدينية الإسلامية التي تنشد تكوينا متكاملا ومتوازنا، حيث إشباع الشخصية بالجوانب الروحية وإشباعها بالجوانب الواقعية المادية، وبهذا تكون الحضارة الإسلامية حضارة وسطية وتوازن.
التعليقات (0)