البشر الذين نعرفهم والذين نتعامل معهم كل يوم منهم من يفوقنا في الذكاء ومنهم من هم أقل منا, والذين يحكموننا هم كذلك منهم العبقري ومنهم محدود الذكاء وهم أمثالنا في المشاعر كلها الحب والكره والصدق والكذب والرشد والسفه وسلامة النفس والروح والحقد والغل والحمق إلى آخر الأوصاف البشرية وللأسف هؤلاء الأشخاص يملكون القرار فيما ينفع وفيما يضر وفيما يرفع قدر الدولة أو يرمي بها في التهلكة ويتساوى في ذلك كبرى الدول وأصغرها. وقد أتحفنا التاريخ بأمثلة كثيرة لمثل هؤلاء الذين دمروا بلادهم أو رفعوها إلى مصاف الدول المتقدمة.وقد يغلب على أمة من الأمم طابع التشدد في وقت من الأوقات لوجود أشخاص لهم صفات التشدد جمعتهم الظروف على رأس الدولة في تلك الفترة من الزمن وكذلك طابع التمسك بعقيدة ما أو ميل إلى اعتماد العلم وسيلة للتقدم أو صبغ الدولة بطابع ديني أو متحرر أو مذهب سياسي يميل يسارا أو يمينا. ونخلص من هذه المقدمة أن الدولة تأخذ طابعا تحدده النخبة الحاكمة سواء كان هذا الطابع في صالح الدولة أو العكس. وباعتبار الدولة شخص اعتباري فهذا الشخص (الدولة) يتمتع بصفات مختلفة لا يمكن أن تتطابق مع دولة أخرى كما لا يتطابق الناس في أوصافهم ناهيك عن مخلوط من الصفات التي للأفراد الذين يشكلون الطبقة الحاكمة والأمم لها بصمات تميزها كالأفراد تختلف بصمات أصابعهم. من المقدمة السابقة نستطيع أن نقول أن التاريخ يصنعه أفراد وبتعدد الأفراد وميولهم ودياناتهم وانتماءاتهم تختلف المسارات على مر التاريخ لتتشكل حقبات من الزمن لا تتشابه. وتأتي موجات من السلام تتبعها موجات من الحروب وموجات من الرخاء في بقعة من الأرض تقابلها موجات من الكساد في أخرى والأيام تتداول بين الناس.ولا تبقي دولة على حال ولكن تتقلب بين الأحوال كما يتقلب كل الكائنات والتفاعل المتبادل بين الدول يجعلها أيضا تتبادل المواقع وتتقارب وتتباعد حسب مقتضيات الحقبة ويمكن اعتبار وحدات الزمن التى يتغير العالم فيها (خمس سنوات) تكون صورة العالم فيها غير صورته في الخمس سنوات التالية, وهكذا.
التعليقات (0)