مواضيع اليوم

شجرة حرّة ...... هل صرنا فعلا أحرارا ؟

فيصل مسعود

2011-06-27 00:29:53

0

 شجرة حرّة
هل صرنا فعلا أحرارا ؟

ها قد هزمْنا الخوفَ و ثرنا عليه. تمردنا على كل الغربان و الزواحف المتسلقة لشجرتنا الخضراء ثم طردناهم و لم يبق لهم عليها مكان بعد أن سَلبوا خيراتها التي هي من حقنا و سلبوا منّا الأمن و الحرية و الكرامة.

كانت العصافير اليانعة تُأمَرُ بان تطير و ترقص و تزقزق دون رغبة أو حماسة لأنها سُلِبت حقّها في التواجد و العيش عيشة كريمة مستطابة. كانت هي المشكل الأكبر في الشجرة فجعلوا منها الحلَّ بدل المشكل. قلبوا كل المفاهيم و قلبُ الحقائق أمرٌ خطير على مستقبل العصافير اليانعة و على الشجرة عموما. لكن العصافير بكل ألوانها و أشكالها كانت تزغرد و تراقص الكواسِرَ حتى صارت الهجرة من الشجرة الحل الأفضل لمن بقي له منها إحساسٌ بالكرامة رغم الأخطار و سوء الأقدار.

كان الخوف من البطش هاجسنا الأكبر فلم نكن نغنّي و ننشد إلا ما يريدونه و من سمعوا في عزفه نشازا يقطعون حباله الصوتية ويكسرون كل آلاته و يُنْتَفُ ريشه و يُسْجَنُ في تجويفات الأغصان و في بعض الأحيان يجبرونه على الهجرة حتى يتعلم عزفَ لحن الخلود للكواسر.

كنّا جميعا جبناء ثم ثرنا و لم يبق للخوف فينا مكان. و الآن ماذا نحن فاعلون ؟

الحِراك في الشجرة يضاهي الجنون بعد أن كان الوضع فيها سباتا و سكونا. يبدو أن العصافير الأحرار فقدت الأمل في المستقبل و تعتقد أن ما نعيشه بعد ثورتنا من حرية سنفقده قريبا و لن يعاد إلا بعد نصف قرن. فيكشف هذا أن الخوف تحول و لم ينته فأصبح خوفا من المستقبل و الأقدار و صارت معركتنا الآن من سيفوز و يصعد الغصن العالي في الشجرة. فينقر بعضنا البعض ليصبح المنتصر الأقرب للصعود و المكوث في الأعلى نصف قرن.

هكذا صار تفكيرنا سلبيا و ضيقا و نسينا أننا نبني مستقبل الشجرة للعصافير الصغار. صغارا ترى تطاحُننا الشنيع فتتعلم منا سوء التعامل و التنافس فتتعاظم على شجرتنا الأخطار.


ذهبت الكواسر و تركت فينا ثقافة الانتهازية و كسر الأجنحة و فقدان الأمل في المستقبل.

شجرتنا عانت و مازالت تعاني من الدمار و الأضرار فكفّوا عن إيذائها. أنتم تؤذونها و تؤذون من فيها بإصرار. الأضرار فادحة من الداخل وهي الآن في مهبِّ ريح عاتية من الخارج قد تأتي على أغصانها بالتلف و ربما تعرّي أيظا عروقها الضّاربة في الأرض فتضعفها و تفككها.

شجرتنا تحتاج للسلم و التسامح بيننا و التحرّك فيها بتأنّ و محبّةٍ حتّى لا تتساقط أوراقها و تنكسر أغصانها فتصمد للرياح و الأعاصير. ليس لنا مكان سواها. فلا تشرّدونا. و لقد رأينا العصافير المشرّدة التي أتتنا من الشجرة المجاورة كيف أنّ لا مكان لها للعيش الكريم سوى شجرتها التي تركتها أو هربت منها جرّاء التقاتل و التناحر فيها. فلا تجعلونا مثلهم مشرّدين بلا ديار. تداولوا على صعود الغصن العالي بالنّزاهة و الحوار و لا يهمّ من يصعد أوّلا. و اشكروا الله على قضائه بتلك الأقدار.

لنجعل الثّورة أسلـــــــوب حياة نطبّقه على كلّ زيغ و اعوجاج لا شعـــــارا نتباهى به بافتخار.
و اعلموا أنّنا محطَّ الأنظار. العالم يرقب شجرتنا و فيه من ينتظر الذُّبُول و الانكسار. فلنخيّب آمالهم و ليصعد أيّ كان منّا الغصن العالي فنساعده و نراقبه و نشجعه و ننصحه و نصلحه و نستبدله إذا لم يحقّق آمالنا و تطلّعاتنا لمستقبل أفضل و لن يحلم بالهروب من المساءلة أو الفرار. فندعّم بذلك ثورتنا و نحطّم انتظارات الأعداء في الدّاخل و الخارج و نُسْدِل عن فصلها الأوّل السّتار.
  Iلكاتب
فيصـــــــــل مسعــــــــود
2/6/2011
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !