مسالة :شبهة المرجع الديني يجب ان يكون اعلم في كل شي ...!!!!
اما من يقول بان العالم يجب ان يكون الفقيه عالما بكل شيء ولاسيما اعلما في العقائد واعلم بالفلسفة واعلم بكل العلوم ويستدل ببعض الاستدلالات لاجل ذلك منها :
اولا : اية التفقه (لولا نفر من كل امة طائفة ليتفقهوا في الدين )
فالدين هنا لا يعني خصوص الحلال والحرام وانما يعني كل ماله علاقة بالدين
ثانيا : ان آيات الاحكام اقل من آيات العقائد ولا يعقل ان تكون ايات الاحكام هي الاهم والباقي هو لغو وعبث
ثالثا : ان الامام الصادق عليه السلام ان مدرسة في كل العلوم ولم يقتصر على الفقه والاصول فحسب .
ويجاب على هذه الدعوى بالشكل التالي
ان ما طرح في الاية لا يدل بالتحديد على اكثير انواع العلوم التي ذكرها صاحب الادعاء انها مشمولة بالتفقه وعند الشك بين الاكثر والاقل فبالتأكيد ان الاقل هو المتيقن وهو القول ان التفقه في الدين معناه خصوص الفقه والاصول وما له ارتباط باستنباط الحكم الشرعي وتحديد الموقف العملي من الاحاطة باللغة والرجال وامور اخرى يعرفها اهل الفن والمتابعون لذلك .
ويمكن ان نطرح القضية بشكل اخر اكثر وضوحاً ودفعاً للشبهة ، اننا لو افترضنا ان التفقه في الدين يعني عموم الدين بما فيه الفقه والاصول والعقائد والعرفان والاخلاق والفلسفة والتاريخ واللغة ، ونحو ذلك وهو امر وارد وغير مرفوض لاننا لا نتحدث عن التفقه وانما حديثنا عن الشبهة المطروحة التي تقول ان الفقيه ومرجع الامة لابد ان يكون اعلما في كل هذه المجالات ..!
ولكن في الحقيقة ان تحليل القضية يرجع بنا الى نفس النتيجة وهو التخصص في الفقه والاصول والتصدي لبيانه اولا ، وتحليل ذلك ان الدين يقوم على محاور رئيسية ثلاث
المحور العقائدي
المحور الشرعي الفقه
المحور الاخلاقي
اما المحور العقائدي وهو ما يعتني باصول الدين والمسائل المرتبطة والمتفرعة عنها ،اي العقيدة الصحيحة في مسائل التوحيد والعدل والنبوة والامامة والمعاد كلها تدخل في مجالات العقيدة وغيرها ابواب اخر اكثر تفصيلا وتوضيحا .ولقد اكتفت الشريعة من المكلف بالعلم الاجمالي في العقيدة شرط ان يكون الاعتقاد مبنيا على النظر والفكر لا ان يكون مبنيا على التقليد الاعمى للاباء والاخرين ،اما التفاصيل فهي لا تعني سوى تعميق معنى الايمان بهذه الاساسيات ، اذ كلما كان الامر معروفا تفصيلا اصبح الايمان به اكثر .ويلاحظ في امور العفيدة والعقائد امور
اولا : ماذكرناه من اكتفاء الموجه الحكيم بالفهم والمعرفة الاجمالية دون الحاجة الى التفاصيل لان في تكليف المكلف بالاجتهاد وبذل الوسع حرجا كبيرا على المكلف
ثانيا : حتى لو افترضنا صحة الاجتهاد وبذل الوسع في العقائد فهذا وان ادى الى اختلاف فانه اختلاف لا يؤثر على الحياة العامة وانما هو خلاف تفصيلي ، اما لو كان الاختلاف في الفقه فانه سيؤدي نتائج وتاثيرات كبيرة في المجتمع وبمان ان الاحكام تنطلق من ملاكات (مصالح ومفاسد ) تتوجه نحو المكلف والمجتمع فالاختلاف يعني اختلاف في المصالح والمفاسد التي لابد من التحرك او الانزجار عنها .
ثالثا : انه حتى لو حصل اختلاف على مستوى الاجتهاد فهو اختلاف بمقدار العمق والتأسيس للاصول الرئيسية لا اختلاف يؤدي الى تغيير الثوابت المهمة في الاسلام ،فمثلا الخلاف مرة يكون في اصل وجود الشي ومرة يكون في كيفياته
كما لو دار الكلام في الامامة هل هي امر مسلم ام لا ومرة يكون الكلام في الاليات والمواقف والتبريرات للتصرفات والاحداث التي حصلت على يد النبي او الرسول
فالاصل لدى جميع المكلفين والفقهاء ان هناك انبياء اعدادهم معروفة والغاية من بعثتهم معروف وصرح به القران الكريم فلو الاختلاف هاهنا لقلنا هنا يجب البحث وبذل الوسع والتقليد في ذلك .اما اذا كان الكلام في ظروفهم وتصرفاتهم وتفسير الايات النازلة بشانهم وماحصل معهم من احداث ووقائع فهذا لايؤثر على حياة المكلف ليس فيه مصلحة او مفسدة كل مافي الامر تكون له معلومات اكثر تفصيلا عن النبوة او عن نبي من الأنبياء عليهم السلام .
وبالتالي :
فلاحاجة الى ان يكون المرجع متخصصا في العقائد
يكفي المكلف ماحواه من معارف حول عقيدته
ولا يمنع ايضا اعتماده على الاخرين في فهم تفاصيل عقيدته ولا مانع من البحث عن افضل البحوث وادقها واعمقها
والفرق المهم ايضا انه لا يجب البحث والتنقيب عن التفاصيل العقائدية ولذا فلا يجب البحث عن ادق الطرق واصلحها لابراء الذمة امام الله تعالى ....
بكلمة اخرى ان محط الابتلاء هو الاحكام الشرعية وما يسال عنه الانسان هو عن تفصيل حياته الشرعية التي يوقعه جهله فيها بمفاسد يتحمل مسؤوليتها امام الله تعالى ، في حين لا اسال عن تفاصيل عقيدتي وكيف ابتنيت على عقائدي تلك .
اما ما قيل من ان الامام الصادق عليه السلام قد كان مرجعا للامة في كل جوانبها العلمية فعلى الفقيه ان يكون كذلك ...
ولا اعرف لماذا اختار القائل الامام الصادق عليه السلام دون غيره من الائمة ليكون دليلا لان من المفروض ان يكون المثال المطروح شاهدا على قاعدة عامة عمل بها جميع الائمة عليه السلام هذا اولا
وثانيا : ليس كل ما يصح عن الائمة من الافعال والاقوال يجبر الفقهاء على ان يكونوا امثلة تحتذي به فهناك خصوصيات للمعصومين عليهم السلام لا تتعداهم الى نوابهم اي الى المراجع سواء من عاصرهم او من خلفهم في غيبة وليهم الحجة المنتظر ارواحنا لتاب مقدمه الفداء . بل ان بعض الخصوصيات لا تنتقل من بعضهم الى البعض الاخر فلقب امير المؤمنين لم يلقب ول يدعه احدهم الا انه مختص بعلي عليه السلام فعلى من يستدل ان يقدم دليلا على ان هذه الخصوصية خصوصية مطردة عند كل الائمة عليهم السلام ومن الخصائص التي يلتزم بها الفقهاء في عصر الغيبة للحجة المنتظر
ثالثا : لم يقل احد ان الفقهاء لا يتصدون او لم يتصدوا للعلوم والمعارف لكن على انه من اهم مسؤلياتهم فمسؤوليتهم الرئيسية التي يبحث عنها المكلف هو براءة الذمة امام الله تعالى وخاصة في احكامه الشرعية .بل ان التاريخ المشرف لعلماء ومراجع الامة مشرف في علوم شتى سواء في زماننا هذا او قبله ولا يقدح به وجود تطبيقات اكتفت بمهمة الاجابات الفقهية فحسب
رابعا : لم يعهد من سيرة اصحاب المعصومين عليهم السلام انهم تصدوا لبيان التفاصيل العقائدية الا في حال ورود شبهات عقائدية .
ثم يرد على هذه الدعوى بوجه اخر اذ انه هذا الطرح لم يتعرض له احد وهو الفرد النادر ممن تعرض الكتابة والشرح والتاليف فيرد عليه بنقاط
الاولى :لقد كتب اغلب مراجع الامة وعلمائها من السابقين والمعاصرين كتابات جادة ورائعة كانت مضرب المثل في التطور والنضوج الفكري والعقائدي وليس ما ادعي مؤخرا له نصيب من الانصاف فنذكر مثلا على سبيل الانصاف
السيد الخميني رحمه الله
2 ـ شرح حديث رأس الجالوت:
شرح لحديث رأس الجالوت (احتجاجات الإمام الرضا (ع) على اصحاب الاديان المختلفة، من جملتها احتجاجاته على اليهود في قضية رأس الجالوت. كتبه الإمام عام 1348هـ (1929م).
3 ـ حاشية الإمام على شرح حديث رأس الجالوت:
اضافة إلى الشرح الذي كتبه الإمام للحديث المذكور وطبع في كتاب مستقل؛ كتب سماحته تعليقاً على شرح المرحوم القاضي سعيد القمي (من عرفاء القرن الحادي عشر) للحديث.
4 ـ الحاشية على شرح الفوائد الرضوية:
في هذا الأثر العرفاني، كتب الإمام الخميني آراءه على شكل حاشية لكتاب شرح الفوائد الرضوية للمرحوم القاضي سعيد القمي.
5 ـ شرح حديث جنود العقل والجهل:
اثر نفيس في علم الأخلاق، يضم آراء الإمام الكلامية والاخلاقية والعرفانية باسلوب واضح، وبذلك اتاح سماحته الفرصة لقطاع أوسع من الجماهير للاستفادة منه، كما هي الحال مع كتاب شرح الاربعين حديث.
6 ـ مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية:
يعتبر هذا الكتاب من اعمق والمع تصانيف العرفان الإسلامي في عصرنا الحاضر. فرغ الإمام من تأليفه عام 1349هـ (1930م) وهو في سن الثامنة والعشرين من عمره.
7 ـ الحاشية على شرح فصوص الحكم:
كتاب فصوص الحكم، من تأليف الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي ـ من عرفاء العالم الإسلامي الكبار ـ وقد حظي بشروح عديدة، يعدّ افضلها شرح القيصري. كتب الإمام الخميني عام 1355هـ، حاشية باللغة العربية على شرح فصوص الحكم للقيصري، وهي توضح مدى احاطة الإمام بآراء اساطين العرفان، نظير الشيخ الاكبر، والقونوي الملا عبد الرزاق الكاشاني، والفرغاني، والعراقي والقيصري.
14 ـ كشف الاسرار:
هو كتاب سياسي عقائدي اجتماعي، كتبه سماحته عام 1364هـ (1944م)، أي بعد عامين من عزل رضاخان عن السلطة؛ ردّ فيه على ما اثاره احد الوهابيين من شبهات وتهم باطلة ضد الدين والعلماء في كتابه "اسرار هزار ساله"، وقد برهن الإمام في كتابه هذا استناداً للحقائق التاريخية، وضمن استعراض ونقد آراء فلاسفة اليونان القديمة، على أن فلاسفة الإسلام وفلاسفة الغرب المعاصرين، اكدوا على احقية التشيع والدور الفاعل البناء لعلماء الإسلام.
وتناول الكتاب فكرة الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه في عصر الغيبة، وفضح السياسات المعادية للدين التي مارسها رضاخان ومن لف لفه في البلدان الإسلامية آنذاك. المصدر كتاب حديث الانطلاق
وكتب الصدر الثاني
الموسوعة المهدوية ومنة المنان في تفسير القران وفقه الاخلاق واضواء وشذرات في ثورة الامام الحسين وماوراء الفقه وكلمة في البداء
وكتب المطهري
في الامامة والعدل الالهي والاخلاق و بحوث ومحاضرات في علم الاجتماع وتفسير القران الحكيم
وكتب السيد عبد الحسين دستغيب :
في اصول الدين وفروعه وفي الاخلاق الذنوب الكبيرة والقلب السليم والشهادة والاستعاذة والسيرة مثل سيرة الزهراء عليها السلام ، وغيرهما الشيء الكثير
وكتب الشيخ جعفر السبحاني
بحوثا حول الفقه الاسلامي وحول شخصية الرسول الاكرم صلوات الله وسلامه عليه وكتابه الرائع مفاهيم القران وبحوث حول تنزيه الانبياء عليهم السلام وبحوثا في الامامة
وكتب السيد كاظم الحائري
في الفقه والاصول و في اصول الدين وفي الاخلاق تزكية النفس والامامة وقيادة المجتمع والمرجعية والقيادة والقضاء الاسلامي
وكتب السيد محمود الصرخي الحسني
في العقائد ككتاب السفياني وكتاب الدجال وصلح الامام الحسن عليه السلام .
وكتب في الاخلاق : الرحيل الى الاخرة وبحث حول الاخلاص والصلاة معراج المؤمن
وفي التاريخ وكتب في السياسة وكتب في التفسير
وكتب السيد محمد الشيرازي في شتى المعارف والعلوم مايزيد على الف كتاب ومصنف
وكتب السيد محمد حسين فضل الله في شتى العلوم والمعارف.
فهذه الدعوى غير مقبولة ومردودة جملة وتفصيلا
ويرد عليه ايضا :ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان عدم الكتابة والبحث في في العلوم والمعارف التي طرحت لا يعني عدم وجودها عند من لم يكتب فقد تكون الظروف هي من تمنع من التدخل في كل العلوم والامور التي هي بحاجة الى تصدي مرجع الامة ، ولو كان هذا الامر يعد عيبا في العلماء فسيكون هذا عيبا في الائمة ايضا لاننا حينما نراجع حياة الامة ونشاطاتهم الفكرية لا نجد فيهم من كتب في الفقه او العقائد او التفسير فمن يراجع كتب التفسير لانجد على طول ايات القران الكريم من فسر القران من الائمة واعتمد عليه المفسرون .وهنا يشكل عليه اعتماده على مسيرة الصادقين فقط دون غيرهم من الائمة .
وبالتاكيد ان لكل ذلك اسباب وموانع منعت من طرح الاراء التفسيرية التي تعرضت للايات جميعا للائمة المعصومين عليهم السلام .
التعليقات (0)