تكتسي ساكنة المغرب التي تتراوح أعمارها بين 18 و45 سنة أهمية بالغة ومتنامية في مجموع السكان من حيث النسبة المائوية التي أضحت تمثلها،سيما وأن هذه الفئة العمرية عرفت مؤخرا زيادة متصاعدة ملحوظة على الصعيد الوطني.
بعض نتائج تقارير المندوبية السامية للتخطيط
وحسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط، تتوفر هذه الفئة عموما على مستوى تعليمي ضعيف خصوصا بين النساء والقرويين. إجمالا لا يتوفر شاب من أصل ثلاثة على أي مستوى دراسي. وهذه النسبة أعلى في صفوف القرويين ، حيث تبلغ واحدا من أصل اثنين مقابل واحد من أصل خمسة في صفوف الحضريين. وتبلغ هذه النسبة أربعة من أصل عشرة في صفوف النساء مقابل اثنان من أصل عشرة في صفوف الرجال. ويسجل هذا الجيل الذي يمكن تسميته بجيل إعادة التقويم الهيكلي (35-44 سنة) نسبة تساوي ضعف نسبة جيل 18 – 24 سنة (38 بالمائة مقابل 15 بالمائة). ولا تبلغ نسبة الشباب الذين يتوفرون على مستوى التعليم العالي سوى 9 بالمائة وطنيا.
ويتميز اندماج هذه الشريحة من السكان في الحياة النشيطة بمستوى نشاط ضعيف، خاصة في صفوف الشابات وبنسبة عالية من البطالة على الخصوص في صفوف الحضريين. وتبلغ نسبة النشاط 56 بالمائة غير أنها ثلاثة مرات أعلى في صفوف الرجال (86 بالمائة) منها في صفوف النساء (28,5 بالمائة). وتنتقل من 44 بالمائة في صفوف الفئة العمرية 18-24 سنة إلى 62 بالمائة في صفوف الفئة العمرية 35-44 سنة. وإجمالا، تعاني من البطالة 12 بالمائة من هؤلاء الشباب النشيطين، وهذه النسبة هي أعلى ثلاثة مرات في صفوف الحضريين (17 بالمائة) منها في صفوف القرويين (5 بالمائة) وبين الفئة العمرية 18-24 سنة (18 بالمائة) مقارنة مع فئة 35-45 سنة (5,5 بالمائة).
في ظل هذه الظروف، من المفهوم أن 67 بالمائة من الفئة العمرية 18 – 24 سنة لا تتوفر على مورد للدخل، علما أن هذه الوضعية تطال أكثر من 40 بالمائة من الفئة العمرية 35 – 44 سنة.
وفضلا عن ذلك، فإن أزيد من نصف الشباب (54 بالمائة) ما زالوا يعيشون داخل البيت العائلي. وتشمل هذه الوضعية على الخصوص الشباب من الفئة العمرية 18 إلى أقل من 25 سنة (81 بالمائة مقابل 25 بالمائة من الفئة العمرية 35-44 سنة) وعددهم أعلى في صفوف الرجال (67 بالمائة) مقارنة مع النساء (41 بالمائة). ويتعلق الأمر علاوة على ذلك بـــ 81 بالمائة من العزب و16 بالمائة من المتزوجين و3 بالمائة من المطلقين أو المترملين.
في هذا الإطار، فإن 42 بالمائة من الشباب العُزب لا يفكرون في الزواج، ويتعلق الأمر برجل واحد من أصل اثنين مقابل فتاة واحدة من أصل ثلاث في صفوف الفئة العمرية 18-24 سنة مقابل 25 بالمائة في صفوف فئة 35-44 سنة. والأسباب التي يرد ذكرها تتعلق بالإمكانيات المالية (38 بالمائة) والسن (35 بالمائة: منهم 40 بالمائة من الرجال مقابل 24 بالمائة من النساء) ويطرح 16 بالمائة منهم مسألة القدَر (41 بالمائة من الفتيات و4 بالمائة من الرجال).
بعض مظاهر واقع الشباب
يعاني الشباب من تصاعد تطور مستوى المعيشة التي أضحى يتزامن مع تزايد متسارع في التفاوتات الاجتماعية وتدهور التضامن العائلي.
وحسب التقارير المذكورة بخصوص عوامل الارتقاء الاجتماعي فإن 72 بالمائة من المستجوبين يذكرون عامل الطموح والجدية و 76 بالمائة يذكرون التعليم. كما يعتبر الانتماء إلى عائلة ميسورة عاملا بالنسبة لــ 54 بالمائة، في حين أن الانخراط السياسي والانتماء العرقي أو الجهوي لم يتم ذكرهما إلا من طرف 26 بالمائة و 16 بالمائة من الشباب على التوالي. وبخصوص الجانب المؤسساتي، يعتبر شاب من بين اثنين ( 54,3 بالمائة) أن الممارسة الديمقراطية قد تحسنت بالمغرب لكن أوضاع الشباب عموما تدهورت ولازالت سائرة في التدهور.
أما بخصوص المشاركة في الحياة العامة، يُولي شباب الجهة على غرار الشباب المغاربة عموما اهتماما قليلا جدا بالشأن العام. ذلك أن 1 بالمائة منهم فقط منخرطون في حزب سياسي، ويشارك 4 بالمائة منهم في اللقاءات التي تنظمها الأحزاب السياسية أو النقابات، و1 بالمائة أعضاء نشيطون في نقابة ما، ويشارك 4 بالمائة منهم في مظاهرات اجتماعية أو إضرابات في حين يُشارك 9 بالمائة منهم في أنشطة تطوعية. وفضلا عن ذلك، يشارك في الانتخابات أقل من 36 بالمائة بكيفية منتظمة و14 بالمائة بكيفية غير منتظمة.
وقد أكدت تقارير المندوبية السامية للتخطيط أن نسبة 58 بالمائة من الشباب المستجوبين عبروا عن ثقة متوسطة عموما في العدالة (مقابل 26 بالمائة لا يثقون فيها)، و49 بالمائة (مقابل 32 بالمائة) في الحكومة، و60 بالمائة (مقابل 24 بالمائة) في الصحافة و49 بالمائة (مقابل 28 بالمائة) في المجتمع المدني و37 بالمائة (مقابل 42 بالمائة) في البرلمان و26 بالمائة (مقابل 60 بالمائة) في الجماعات المحلية و24 بالمائة (مقابل 55 بالمائة) في الأحزاب السياسية.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن مستوى الثقة في المؤسسات هو، على العموم، أعلى نسبيا في صفوف الشباب القروي بالمقارنة مع الشباب الحضري، وفي صفوف النساء مقارنة مع الرجال وفي صفوف غير النشيطين، وعلى الخصوص ربات البيوت، مقارنة مع العاطلين.
فيما يخص الأولويات والانشغالات،يطرح 96 بالمائة من الشباب خاصة التشغيل وتكافؤ الفرص للولوج إليه، و 83 بالمائة مسألة إصلاح التعليم، ويحتل السكن اللائق المرتبة الثالثة ضمن الأولويات بنسبة 81 بالمائة متبوعا بتحسين الخدمات الصحية بنسبة 76 بالمائة. وقد تم ذكر احترام حقوق الإنسان كأولوية من طرف 72 بالمائة من الشباب وتوسيع مجال حرية التعبير من طرف 62 بالمائة منهم.
أما بالنسبة للمستقبل، يُشكل غلاء المعيشة (84 بالمائة) والبطالة (78 بالمائة) وانخفاض مستوى الموارد (78 بالمائة) الانشغالات الرئيسية للشباب، مما يوشي عن تخوفهم الأكيد من الغد القريب.
التعليقات (0)