شاي المطار

علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــ
aliatia123@yahoo.com

كاتب وصحفي عراقي

تغيرت مظاهر وتقاليد الكثير من العائلات العراقية بسبب الثورة التكنولوجية الكبيرة ولكن لم تستغن العائلة العراقية عن الخبز واستفادت من التكنولوجيا فصنعته بالفرن الكهربائي ثم عادت بعد ازدياد توليد الطاقة الكهربائي الى اكثر من اربعة الف ميكاواط الى استخدام التنور ربما لاحياء تقاليد سكان ما قبل فجر التاريخ..!!
الحكاية نفسها تكررت مع الشاي فبعد تسويقه مع كرة القدم والبخور الهندي زمن الاحتلال البريطاني للعراق مطلع القرن العشرين وزدهاره زمن (خدري الجاي خدري) والتطور بطريقة شربه من صبه في الاستكان الى زمن النفوذ المصري في الثمانينات بصبه باقدح ولو استمر المشروع القومي في العراق لصار شرب الشاي بالسطل!! اقول بعد كل هذه التطورات الشكلية عاد الاعتبار الى الشاي بصنعه على الفحم والترويج لذلك باعلانات على الاكشاك والجسور وقرب مخيمات المهجرين تدعو الى احتساء الشاب بالهيل والفحم وهي اكثر من اعلانات (العراق ما عدنا غيرة.)!
وبرغم هجرة الملايين من العراقية طوال العقود الاربعة المنصرمة الا انهم ظلوا يحملون عشقهم للعراق من خلال تقاليدهم ومنها شرب الشاي العراقي وهو عراقي بامتياز فهو ثخين ومهيل وفيه خيط مرارة يذكرهم بمرارة واقعهم.! حدثني بعض الاصدقاء من الذين ادمنوا الغربة لسنوات في المنافي الاجبارية انهم لم يذوقوا شايا بطعم الشاي العراقي وذلك لان تلك البلدان المستقرة تقدم شايا شبيها بدواء السعار! بل ان مواطني هذه البلدان لا يرتاحون الا بشرب الشاي (الفاهي) الذي يشبه شراب (القنداغ) لدى العراقيين وهو مز الماء الحار بالسكر وربما تشرب الشعوب الشاي الاحمر او الشاي الاخضر او الشاي المثلج لتكتمل المصيبة! الا ان اشدها اذى ما يسمى بشاي المطار او شاي الطائرة الذي يوضع في قدح ماء ساخن كما يوضع الحب الفوار لمن اصابته تخمة المعدة فلا هو شاي على وجه ولا هو ماء على وجه.!!
واذا صحت الحكمة القائلة (ان اختيار المرء قطعة من عقله) فان من يستسيغ شرب شاي المطار لا بد ان يتوقع ان ينعكس ذلك على سلوكه ومشاعره طبعا فلا يعود مهتما لما يحدث في البلاد شرقت ام غربت .. ارايت ايها القارئ كيف صار تناول الشاي العراقي دليلا على الوطنية !؟