كتبت منذ أشهر مقالا بعنوان " قضايا المغرب في وجدان المشارقة"، و ذلك على خلفية غياب الإهتمام اللازم بما يحدث في بلاد المغرب عند " عرب " الشرق. و هو الغياب الذي استندت فيه إلى واقع التدوين في إيلاف، حيث تستأثر مختلف القضايا التي تتناول الشأن العربي باهتمام المدونين و القراء على السواء. بينما لا نجد نفس التجاوب و المتابعة في ما يتعلق بالشأن المغربي، بالرغم من الحراك الشعبي و السياسي الواسع الذي عرفه خلال الأشهر الأخيرة.
في سياق متصل، و في ظل الأحداث التي تعرفها سوريا، و التي تفرض نفسها بقوة كموضوع أساسي يحظى بالنقاش، بدأ البعض يستكثر على الكتاب و المدونين الذين يسلطون الضوء على المجازر التي تقترف في حق أبناء الشعب هناك مواقفهم مما يجري. و بات كل من يستصرخ الضمير الإنساني و يندد بالجرائم المرتكبة في حق المتظاهرين، بات في أعين هؤلاء عميلا و متآمرا. بل إن بعضهم لا يريد لنا أن نتناول الشأن السوري إطلاقا من منطلق أن هذا السلوك يعتبر تدخلا فيما لا يعنينا. إنهم يريدون من الجميع أن يتخندق في صف أكذوبة الممانعة و يروج للقومجية، ويصفق لسقوط الأبرياء برصاص الجيش. أما من يصطف إلى جانب الشعب و يدافع عن حق الناس في التحرر و العيش الكريم، فإنه يحارب بكل الوسائل. و عندما يعجز المنافحون عن نظام البعث في الدفاع عن أطروحاتهم الواهنة، يبادرون إلى تحويل دفة النقاش. و قد يقول لك قائل منهم: ما دخلك بسوريا.؟ شوف حالك أولا. أي تناول قضايا بلدك قبل أن تحشر أنفك في أمور الآخرين.
من المعروف أن الحدث يفرض نفسه باستمرار، و هو الذي يتحكم في توجيه اهتمامات الناس. و الكاتب الذي يحترم نفسه و قراءه هو ذلك الذي يشارك برأيه في مختلف القضايا التي تحظى بانشغال الرأي العام. لذلك لا يعقل أبدا أن نطالع يوميا تفاصيل محزنة عن الأوضاع في سوريا، و نظل غير مكترثين بما يحدث. إننا نكون بذلك قد شاركنا بطريقة أو بأخرى في استمرار المأساة و التستر عليها. و عندما نتناول تلك الأوضاع بالتحليل و نعبر فيها عن آرائنا فإن ذلك لا يعد تجنيا على أحد.... إن ما يحدث في سوريا و ليبيا و اليمن و ما شهدته تونس و مصر و البحرين.... هو شأن يخصني، مثلما يخص كل ذي ضمير حي في أي مكان في العالم. و لست أتناول هذه المواضيع باسم الهوية أو الإنتماء، بل باسم الإنسانية و الكونية و حق الجميع في التحرر و الإنعتاق. نعم ينبغي علينا جميعا أن نتحمل مسؤولياتنا في رفض الظلم مهما كان مصدره، و نساند الحراك الحضاري و المسؤول للشعوب من أجل غد أفضل.
إن رأسمالنا هو الكتابة، و لا أحد يستطيع أن يمنعنا منها. أما الذين لا يريدون أن نشارك بآرائنا و نعبر عن أفكارنا بخصوص ما يجري حولنا، و يتحدثون عن الخصوصية و السيادة الوطنية، فإنهم يذكرونني بمقطع من لافتة للشاعر " أحمد مطر" بعنوان" شؤون داخلية"، يقول فيه:
"....فطقوس الذبح شأن داخلي
و الأصول الدولية
تمنع المس بأوضاع البلاد الداخلية." محمد مغوتي.15/09/2011.
التعليقات (0)