سُنة بغداد ،، مواطنون من الدرجة الثانية سياسيا وأمنيا
في بغداد .. مهمة اليوم الثاني
عامر الكبيسي - الجزيرة توك - بغداد
من صانع الشاي إلى الوزير ، لا يوجد عربي سني واحد في بعض الوزارات العراقية هكذا قال سياسي سني كبير "المجالس أمانات "، وقال لي سياسي من العيار الثقيل ويسمى رئيسا لمنطقة معينة في العراق ، لا يوجد في مكتب رئيس الوزراء العراقي ، وهو مكتب رئيس الوزراء وليس لشخص المالكي ،لا يوجد سني واحد يعمل على مقربة من المالكي ويحسب عليه ،وحين الجلوس إلى المواطنين العراقيين من السنة وتبادل الحوار معهم ، يؤكدون أن الشارع الشيعي بريء مما يحصل ، بل إن نسيج المجتمع متجانس ،وقابل للتعايش ومتفاهم ، والطائفية التي يراقبونها وأتعبتهم في السنوات الماضية لم تكن محسوبة على أحد سوى السياسيين الذين جندوا بعض الصغار بالأموال والأوهام ، ويجد بعض السياسيين في تأجيج الطائفية بيئة ايجابية للانتصارات السياسية
ودليل المواطن العراقي في ذلك هو عدد الزيجات والمصاهرات المختلطة بين الكل ، سنة شيعية أكرادا مسيحيين وهلم جرا ،بل لا تستطيع غالبا أن تأتي باسم لعشيرة كبيرة في العراق وهي محسوبة على مكون واحد ، فالشمري و الجبوري وغيرهما فيهم الشيعة وفيهم السنة .
لكن الطائفية في العراق تلبس لبوسا سياسيا ، وصعدت إلى السماء بعد أحداث تفجير مرقدي الإمامين في سامراء ، وهي الآن قلت بنسبة كبيرة عما كانت عليه في السابق ، ويبدو لي أن الشارع العراقي وعلاقات الناس قد انتصرت على السياسيين ، الذين تعشعش الطائفية في عقولهم ، لكن الشارع مغيب ، وهو أضعف اللاعبين ، مع أن الغالبية ترفض رفضا قاطعا ما يجري ، وخاصة في ما يتعلق بطريقة إدارة الدولة وموضوع الخدمات والفساد الذي يرونه أمامهم .
ومن ما يلاحظ عموما في حديث العرب السنة خوفهم من الجيش أن ينقلب عن ما هو عليه اليوم ، باعتبار أنهم غير موجودين فيه الا قليلا ،مع أن هناك اعتقادا سائدا بان الجيش قام بأمور ايجابية في حماية عدد من المناطق السنية ، وتعامل عناصر الجيش هذه الايام تعامل طيب وهادئ في غالبه ، لكنه هادئ بقرار ، وسرعان ما تتغير الصورة كليا حين يستجد جديد ، كما حدث قبل يومين في منطقة شارع الربيع ، عندما قتل ثلاثة جنود عراقيين كما يقول الأهالي ، فاشتاط العقيد رحيم غضبا ، وطوق على الناس الخناق
لكن حسن تعامل الجيش الحالي لا يعني أن الجيش العراقي متوازن ، فغالبيته العظمى أو قل تسعين بالمائة من عناصره وضباطه من الأحزاب الشيعية ، وكأن الدفاتر أغلقت والأقلام رفعت ، والمعادلة هي أن الملف الأمني أغلق بيد الأحزاب الشيعية بعد أن رفض السنة المشاركة في الجيش من البداية ،وقد صرح بذلك في جلسات خاصة عدد من قادة الائتلاف .
وفي المرحلة الأخيرة ولتقريب الصورة ، باءت كل محاولات دمج عناصر الصحوة الذين كان يعول عليهم لإثبات التوازن في الجيش العراقي وتعادل الكفة بين المكونات ،باعتبار أن عددهم مائة وثلاثون ألف عنصر مسلح ، كل المحاولات لإدخالهم للجيش باءت بالفشل ، وقيل أن الحكومة سمحت بقبول عشرين بالمائة فقط وحسب شروط الحكومة ورؤيتها ،وحين زرت عددا من مناطق الصحوة وجدت التخوف باد على عيونهم ، والاعتقالات والوشايات سيدة الموقف
وأضحى السني بعد غيباه عن الوزارة والأمن وحتى في العجلة الاقتصادية كما في أسواق الشورجة وجميلة والأسواق الكبيرة الأخرى ، أضحى السني مواطنا من الدرجة الثانية في ما يخص شؤون الدولة ،والوزارات والوظائف ، بل وحتى في المناطق ،
والأكثر إيلاما في روايات السنة عن حالهم بعد الاحتلال ، هو التغيير الديمغرافي الذي طال العاصمة بغداد ، ويجزم السنة أن عددهم الآن في بغداد هو نصف عددهم قبل الاحتلال حتى صار الشيعة يمثلون ما نسبته خمسة وسبعون بالمائة بعد أن كانت بغداد متساوية النسبة قبل الاحتلال ،بل حتى أن مجلس محافظة بغداد السابق المكون من سبعة وخمسين مقعدا ، لم يكن فيه سني واحد ، لقد كان مغلقا للاحزاب الشيعية .
.
وبالرغم من أن المالكي يحرص دائما على الكلام في الأيام الأخيرة بأنه يمقت الطائفية ، ويعمل على محاربتها ، فإن الملموس في الشارع السني عموما أن المالكي رجل طائفي ، وهو صاحب مشروع شيعي فقط ، باعتباره اليد الطولى لحزب الدعوة الإسلامية ، وليس أدل على ذلك وأنا أتكلم هنا عن المزاج السني عموما ، ليس أدل على عدم الاقتناع بالمالكي كرجل يمثل كل العراقيين من أنه لم يحصل على أي أصوات من خلال ائتلاف دولة القانون في المناطق السنية بمجالس المحافظات ، لم ينتخبه أحد في مجالس المحافظات في الموصل والانبار وصلاح الدين وسنة ديالى وسنة بغداد حسب فرز المناطق، وبالطبع في كل كردستان العراق.
والمالكي يعرف ذلك جيدا ، فهو الأول انتخابيا في مناطق الجنوب باستثناء كربلاء ، لكن مناطق السنة لم تعترف به انتخابيا،ولا حتى مناطق الأكراد ، ولذلك لا يصلح لتمثيل العراق أو أن يخطف قراره السياسي باسم فئة انتخبته ، قلت أو كثرت .
إن وضع العرب السنة قلق للغاية ، وهمة السني الانتخابية وكما رصدت ذلك ضعيفة وكأن الأطواق والهموم أغلقت على عقولهم ، وصاروا فاقدي الأمل بالتغيير ،وثمة عدم اقتناع بممثلي السنة في السياسة العراقية الحالية .فمن يسمع ما نقول.
التعليقات (0)