سيِّدُ المحققين ، وإحياء العقول ،لا تعطيلها
العقل جوهرة ربانية منحها الله للإنسان وشرفه بها ،وهو الرسول الباطن والحجة بينه وبين الله ، وهو إمام الفكر ، ودعامة المؤمن ، ومعيار الثواب والعقاب ، لأنه يمتلك القدرة على التمييز بين الحق والباطل والخير والشر قال الإمام الصادق "عليه السلام" : «خلق الله العقل قال له أدبر فأدبر، ثم قال له أقبل فأقبل، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك، إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك أثيب وإياك أعاقب » ومما يؤكد قدرة العقل على التمييز بين الحق والباطل هو النصوص والخطابات القرآنية التي وجهها الله لأصحاب العقول وأولي الألباب واعتماده المنهجي العقلي لإثبات وجوده وعظمته وقدرته فمنها قوله تعالى : (... أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) ،(...وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) ، وعلى هذا النهج القرآني والمنهجي العقلي سار الأنبياء والأئمة والمصلحون وسعوا إلى إعطاء العقل حريته في ممارسة دوره ووظيفته المشروعة ، بل حتى الاتجاهات والفلسفات والإيديولوجيات الأخرى العلمانية وغيرها تحترم العقل وترتكز عليه وتعتبره كاشف عن تحضر ورقي الأمم وعامل رئيسي في تطورها وازدهارها ، وفي المقابل نجد أئمة الضلال والانحراف وقادة الشر والظلام يعمدون إلى تكبيل العقول وتغييبها وشل حركتها لأن في ذلك ضمان لبقائهم وتحقيق مصالحهم الشخصية وأهدافهم الخبيثة .....
لقد كان للعقل والمنهج العقلي في الاستدلال والحوار والمجادلة بالحسني والقراءة والدراسة والتحليل الحضور البارز والواضح في منهجية سيد المحققين الصرخي الحسني مؤكدا في خطاباته على ضرورة تغليب وتحكيم لغة العقل والمنطق على لغة الجهل والتطرف والتكفير إيمانا منه بحجية العقل ودوره في طريق الهداية والصلاح أولا ، وثانيا لأن سماحته شخص الواقع المريض الذي تعاني من الأمة وأدرك أن حبائل المكر والخداع والتضليل ممتدة في أوساطها ، ووسائل الدس والتحريف والتدليس مادة أهل الجهل والضلال ، وطرق الالتفاف على الشرع وتوظيفه وتسييسه معتمدة لديهم، وأساليب الكذب و التكذيب والتشويه والتمويه والتبرير حاضرة عندهم ، وعملية تغييب العقول زادهم ومؤونتهم وسلاحهم لاستقطاب الناس وإضلالهم وخداعهم ، فالعقل وتحريكه وتفعيل المنهج العقلي يعمل على إبطال دعواهم وكشف زيفهم ويساعد على إحياء عملية التفكير وايقاض الوعي في المجتمع وتفويت الفرصة على أئمة الضلال والانحراف في تمرير مكرهم وداعهم وهذا لا يعني عدم قدرة بقية أنواع الاستلال على مقارعة الضلال والانحراف ، ومن هنا يتضح جليا اهتمام وتركيز أهل الضلال والانحراف امثال ابن كاطع والقحطاني والبرهاني وغيرهم بضرورة إلغاء العقل والطعن فيه وسلب حجيته وتغييبه وتعطيله بالمرة، ومن ابرز تطبيقات المنهج العقلي في منهجية السيد الصرخي هو انه لا يجيز لأي شخص الالتحاق في قضيته دون تعقل الدليل وفهمه والاعتماد عليه فهو لا يريد تقليد أعمى وتسليم وانقياد بلا تعقل ولا دليل ، كما انه استخدم وخاطب العقل والمنهج العقلي في إبطال الكثير من الدعاوى والآراء والأفكار الباطلة فعلى سبيل المثال انه خاطب جماعة القحطاني قائلا : ((أصحاب ذلك الشخص الآخر صاحب أسفه دعوة، صاحبهم ميت وهم يدعون للقحطاني، يأتون بممثل أمريكي ممثل هوليودي ممثل هندي صيني لا أعرف من أين ويضعون صورة ذلك الشخص وينتظرون رجوع ذلك الشخص... انت أيها الغبي أنتظر رجوع الإمام "سلام الله عليه" لماذا تنتظر رجوع هذا الإنسان المنحرف؟ !!!، لماذا تنتظر رجوع الإنسان العادي؟!!!، لماذا تنتظر رجوع الوزير؟ !!!،أنتظر رجوع الأمير رجوع الإمام، يعني خرج من قضية إلى قضية أسفه منها وقضية لا ترتقي إليها أصلاً))، فالملاحظ أن ما استدل به سماحته هو قضية يدركها العقل ولا نحتاج إلى روايات وصحة سند ومتن ودلالة وظهور وتعارض أدلة وغيرها من حيثيات ،، ولابد من الإشارة إلى أن العقل والمنهج العقلي في مرجعية السيد الصرخي لم يختزل فقط وفقط في القضايا العقائدية بل كان له حضورا مميزا في الأمور السياسية والاجتماعية وغيرها .
إن ما تمر به الأمة من فتن وأزمات وصراعات وتقطيع وتمزيق وقتل واقتتال طائفي وتكفير وتراشق متبادل بالسب والطعن هو من نتائج تغييب العقول وتعطيلها ، فما أحوجنا إلى الرجوع إلى الجوهرة الإلهية والشرع والقيم الإنسانية ...
https://www.youtube.com/watch?v=k_L9TxKNyrY
بقلم
احمد الدراجي
التعليقات (0)